كشفت مصادر إعلامية جزائرية، أن من بين حوالي 5 آلاف بطاقة صحافي محترف، والتي تم تسليمها حتى الآن في عهد وزير الاتصال الجزائري السابق حميد قرين، هناك 533 بطاقة صحافي محترف تم تقديمها لأشخاص، لا يمتون بأية صلة لمهنة الصحافة، وهم دخلاء على مهنة المتاعب والذين حولوها إلى مهنة المكاسب، وأبدت ذات المصادر خشيتها من أن يكون العدد أكبر مما هو مُعلن عليه في ظل التسليم العشوائي لهذه البطاقة المهنية.
وأشارت نفس المصادر إلى أصابع الاتهام إلى وزير الاتصال السابق حميد قرين الذي قالت أنه منح أكثر من 100 بطاقة لأشخاص مقربين من محيطه، ومن ضمنهم فتيات اشتغلن كسكرتيرات معه عندما كان موظف بشركة "جيزي"-شركة للاتصالات خاصة بالهاتف النقال، وفتيات أخريات عملن معه في الوزارة دون الحديث عن أقاربه و معارفه، وأفادت أن قرين تمكن من منح بطاقة الصحافي المحترف لجميع موظفي القنوات التلفزيونية الجزائرية، والقنوات الإذاعية الوطنية والجهوية والجرائد العمومية، وأن حتى بعض العمال التقنيين والصحافيين المتربصين استفادوا من بطاقة الصحافي المحترف، فيما هناك صحافيون مقتدرون و لهم باع طويل في مهنة المتاعب لم يتمكنوا من الحصول على هذه البطاقة المهنية، وهو ما يجعل أمر إعادة النظر في معظم الذين تحصلوا على بطاقة صحافي محترف أكثر من ضروري.
ومع العلم أن "البطاقة تكتسي طابعًا إعلاميًا محضًا يتمثل في تسهيل الحصول على المعلومات". وفقًا لتصريح كان قد أدلى به وزير الاتصال الجزائري السابق حميد قرين بتاريخ 17 إيلول/سبتمبر 2015. وناشدت مصادرنا وزير الاتصال الجديد الإعلامي جمال كعوان بضرورة فتح تحقيق في الموضوع و المبادرة بإلغاء أو إعادة النظر في كيفية حصول بعض الأشخاص-عددهم للأسف الشديد كبير-على بطاقة الصحافي المحترف.
وأعلن وزير الاتصال الجزائري الجديد جمال كعوان عن فتح تحقيق في ظروف حصول أشخاص على بطاقة الصحافي المحترف، في ظل تقارير عن تجاوزات ارتكبتها مؤسسات إعلامية. جاء في البيان أن وزير الاتصال أوعز للمصالح المركزية للوزارة في القيام بعملية تدقيق (فحص) للتحقق من صحة المعلومات بخصوص توزيع بطاقات الصحافي المحترف، مضيفا أن العملية ستمكّن من تفادي وقوع البطاقة في يد غرباء عن مهنة الصحافة، لاسيما لورود احتمال تسليم للمصالح المعنية وثائق تبدو صحيحة لكنها مزورة بشكل أتاح لأشخاص الحصول على البطاقة، رغم أنهم لا يستجيبون للشروط القانونية. ويشير هنا إلى المؤسسات الإعلامية التي قد تمنح وثائق عمل لأشخاص غرباء أو لموظفين ليس لهم صلة بالعمل الصحافي المباشر. ويعني قرار الوزير إعادة النظر في البطاقية الوطنية للصحافي المحترف التي أنجزت في عهد سلفه، والتي تولتها نيابة عن الوزارة اللجنةُ الوطنية لبطاقة الصحافي المحترف التي أنهت أشغالها مطلع العام الجاري.
وجاء قرار الوزير بعد سنة من تقديم مجموعة من الصحافيين شكوى أمام محكمة وهران ضد اللجنة الوطنية، لوضع حد "للتزوير في تسليم بطاقة الصحافي المحترف لأشخاص لا يمارسون هذه المهنة". وطالب أصحاب الشكوى بأن تسحب اللجنة المذكورة تلك البطاقات المسلمة لغير مستحقيها. ولم يُعرف مآل الدعوى في ظل رفض الوزير السابق حميد ڤرين إجراء تحقيق رغم الوعود التي قدمها. ويعني قرار الوزارة فتح التحقيق آليا تأخير مسار تعيين سلطة ضبط الصحافة المكتوبة ومجلس أخلاقيات المهنة اللذين تقرر استحداثهما بموجب قانون الإعلام لسنة 2012. ويشترط حيازة البطاقة المحترف للمشاركة في انتخاب الهيئتين. ويتوجب للحصول على البطاقة توفير ملف مكون من صورتين شمسيتين وشهادتي ميلاد وإقامة، بالإضافة إلى بيان النشرية التابعة للصحافة المكتوبة أو الإلكترونية أو وكالة الإعلام أو مؤسسات الاتصال السمعي البصري التي يمارس فيها مهنته، وإثبات علاقة العمل بين الصحافي ومستخدمه، وتقديم رقم التعريف الجبائي أو أي وثيقة أخرى يُثبت من خلالها الصحافي الممارس بصفة مستقلة أن الصحافة مهنته الأساسية والمنتظمة ومصدر كسبه.
وكان قد أودع مجموعة من الصحافيين الجزائريين، في شهر أيار/مايو 2016، شكوى أمام محكمة وهران، ضد اللجنة الوطنية المؤقتة المكلفة بتسليم بطاقة الصحافي المحترف، لوضع حد "للتزوير في تسليم بطاقة الصحافي المحترف لأشخاص لا يمارسون هذه المهنة". وطالب أصحاب الشكوى بأن تسحب اللجنة المذكورة تلك البطاقات المسلمة لغير مستحقيها.
وأودعت هذه الشكوى لدى النيابة العامة، بناء على المواد 223، 219 و221 من قانون العقوبات، لفتح تحقيق قضائي لكشف "المزورين". وهي المبادرة التي التف حولها عدد معتبر من الصحافيين ممن استخرجوا البطاقة والذين لم يودعوا ملفات للحصول عليها. كما تشكل فريق من المحامين لمتابعة القضية أمام المحكمة. وكان صحافيون في وهران قد طرحوا الموضوع على وزير الاتصال السابق، حميد ڤرين السنة الماضية، ونبهوه إلى أن البطاقات المهنية التي "أبدعها" وزعت على أشخاص لا علاقة لهم بالإعلام. ورد حينها بأنه سيفتح تحقيقا. ثم أعيد طرح نفس السؤال وفي مقر يومية "الجمهورية"-و هي جريدة حكومية جزائرية تصدر بغرب الجزائر- على نفس الوزير، وتجاهل الرد.
ورفض عدد كبير من الصحافيين المحترفين في وهران إيداع ملفاتهم لدى اللجنة الوطنية المؤقتة لتسليم بطاقة الصحافي المحترف، بعد أن لاحظوا أن أشخاصا كثيرين منهم منتخبون ومناضلون في أحزاب سياسية لم يشتغلوا يوما في الصحافة ولم يكتبوا حرفا في أية جريدة، يستظهرون "بطاقة الصحافي المحترف".
وشرح أصحاب الشكوى مسعاهم بتوقعهم أن تكون كل الهيئات التي ستتمخض عن مشاركة أصحاب بطاقات حميد ڤرين مشوبة بالغش والتزوير، منها هيئتا ضبط الصحافة المكتوبة والسمعي بصري وكذلك مجلس أخلاقيات المهنة. ما يفقد الإعلام الجزائري مصداقيته، ويزيده "انحدارا".ووجه أصحاب الشكوى دعوة لزملائهم في بقية الولايات، خاصة الجزائر العاصمة، للتوجه إلى المحاكم لرفع شكاوى ضد اللجنة المؤقتة لبطاقة الصحافي. مع التذكير أن مجموعة من المحامين المساندين لحرية التعبير والرأي يقفون إلى جانب أصحاب الشكوى، لمساندتهم أمام المحكمة. كما عبر ممثلون عن الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان في وهران عن دعمهم للمبادرة. ومن جهة أخرى، عقد المبادرون بـ"بيان وهران" ندوة صحافية في مقر الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان بساحة الحريات في وسط مدينة وهران، مع ممثلي الجمعيات المدنية والأحزاب السياسية والشخصيات التاريخية لشرح المبادرة والتحضير للتجمع الذي من المنتظر تنظيمه منتصف يوم الثلاثاء المقبل في نفس الساحة، للدفاع عن "حق المواطن في التعبير الحر وحرية الإعلام المكرسة في الدستور".
وعلى الرغم من توزيع حوالي 5 آلاف بطاقة صحافي محترف على الصحافيين في الجزائر سواء من قطاع الصحافة المكتوبة أو المسموعة أو المرئية في الجزائر،إلا أن وزير الاتصال الجزائري السابق حميد قرين اعترف أن حصول هذا العدد من الصحافيين على بطاقة الصحافي المحترف لا تعني بالضرورة أنهم جميعا يتمتعون بالاحترافية، لأن هذه الأخيرة (الاحترافية) يعكسها العمل الميداني غير أنها تسهل الوصول إلى المصدر والحصول على المعلومة وتجعل من ذلك حق دستوري.
تلعب بطاقة الصحافي المحترف التي تم تسليم حوالي 5 ألاف بطاقة منها، دورًا كبيًرا في تيسير و تسهيل عمل الإعلاميين من خلال تسهيلات خاصة للوصول إلى مصادر الخبر حيث تلتزم كل الإدارات و المؤسسات على مستوى التراب الوطني المّالكة للخبر بتقديمه دون أدنى عراقيل، وتسهيلا لعمل الصحافي الجزائري و توفير مرافق العمل، فقد عكفت وزارة الاتصال على عقد اتفاقيات مع عديد الوزارات تسمح لحاملي بطاقة الصحافي المحترف الاستفادة من امتيازات عديدة كتخفيضات في أسعار الاشتراك في خدمة الهاتف و الانترنت و النقل الداخلي و الدولي و أسعار الإقامة في الفنادق.
وكان وزير الاتصال السابق حميد قرين، قد كشف عن عدد من الامتيازات والتسهيلات التي يستفيد منها أصحاب المهنة الحاصلين على بطاقة الصحفي المحترف، من بينها تخفيضات في أسعار النقل المحلي والدولي والفندقة واشتراكات الهاتف والانترنت، بغض النظر عن الطابع الإعلامي المحض المتمثل في تسهيل الحصول على المعلومات. وصرح حميد قرين، أنه بالإمكان انتخاب سلطة الضبط للصحافة المكتوبة قبل نهاية السنة الجارية، موضحا أن هذه السلطة سيتم انتقاؤها مناصفة من طرف الصحفيين والسلطات العمومية.
وقال الوزير ڤرين بخصوص تاريخ تنصيب سلطة ضبط الصحافة المكتوبة التي نص عليها قانون الاعلام لسنة 2012 أن تنظيم العملية الخاصة بانتخاب الصحافيين الأعضاء في سلطة ضبط الصحافة المكتوبة سيكون خلال العام الجاري 2017، وذكر أن المادة 50 من قانون الإعلام تنص على أن تشكيلة هذه السلطة تضم 14 صحافيًا منهم 7صحافيين يتم انتخابهم من قبل الصحافيين الذين لهم خبرة تفوق 15 سنة في الممارسة الإعلامية. وأوضح أن استحالة انتخاب الصحافيين لهذه السلطة راجع لعدم تنظيمهم قبل تأسيس اللجنة المؤقتة لتسليم بطاقة الصحافي المحترف، والتي "منحت أكثر من 4600 بطاقة صحافي محترف".
أرسل تعليقك