القاهرة - أ.ش.أ
أكد الكاتب والناقد الدكتور يسري عبدالله أستاذ الأدب الحديث بجامعة حلوان، أن على الدولة المصرية ورئيسها القادم إعادة صياغة العقل العام، بما يتواءم مع اللحظة الراهنة، ويفي بمنطقها بالغ التعقد والتشابك، والذي يستدعي خيالا جديدا للتعاطي مع كل شيء، فالتصورات القديمة تكرس لواقع قديم، وفي دولة الثلاثين من يونيو لا بد من حضور مختلف لنخب طليعية جديدة بنت ناسها، وثورتها، وتصوراتها الجديدة عن الحياة والعالم.
وقال إن على الرئيس القادم أن يدرك أن نجاحه الحقيقي هو في انحيازه للطبقات المهمشة، وفي انتصاره للفقراء والمنسحقين، وفي محاولته خلق آلية جديدة للفرز، بعيدا عن التفكير القديم بآلياته التي لم تغلب طيلة الوقت سوى معيار أهل الثقة على معيار أهل الكفاءة، فانتهى الأمر بنا إلى معدلات فقر وبطالة وفساد وظلم اجتماعي عالية، وتراجع مخز للدور الثقافي المصري.
وشدد أن الرئيس القادم عليه أن يرى في الثقافة آلية واعدة للنهوض بالمجتمع، وألا يتعامل معها من منظور أنها ملك لمجموعة مثقفين يرطنون أكثر مما يخلقون إبداعا، وأن يضع في حسبانه حتمية امتلاك مشروع ثقافي كبير يعد تعبيرا عن آمال الثورة المصرية وتطلعاتها وأمانيها صوب عالم حر وتقدمي ونبيل، يؤمن بكل قيم التقدم والاستنارة والحداثة والإبداع، ابن أوانه وخياله الخصب الجديد، وبما يوجب حضورا بارزا ومختلفا للمنظور الثقافي في التعاطي مع مشكلات الواقع المصري وقضاياه، بدءا من سعي الثقافة لخلق بنية ذهنية اكثر حداثة، مرورا بتخليق سياق تنويري قادر على مواجهة قوى التخلف والرجعية، وصولا إلى استعادة الثقافة لدورها المركزي بوصفها القوة الناعمة للدولة المصرية الجديدة.
وذكر أن ذلك كفيل بإخراجنا من حيز الثقافة الكرنفالية استهلاكية الطابع، لنصبح أكثر جدية في التعاطي مع اللحظة وبما يليق بثورتين مجيديتن "يناير 2011، ويونيو2013"، وحتى تدرك وزارة الثقافة أنها بالأساس وزارة لتثقيف الناس وليست لمجموعة من المثقفين، وتلعب الهيئات الثقافية المختلفة دورا حقيقيا لا مزيفا.
وأشار إلى أنه يجب أيضا على السلطة الجديدة التي ستتشكل بعد انتخابات الرئاسة والبرلمان أن تتخلص من شبكات الفساد التي استباحت وزارة الثقافة وتعاطت معها بوصفها غنيمة متجددة، وأن تسعى لخلق صيغة وطنية للثقافة المصرية مؤمنة بالتراكم الحضاري المصري وجذوره المختلفة، ومنفتحة على المنجز الحداثي العالمي، بوصفها جزءا أصيلا في سياق إنساني عام، دون أن تقع في فخ التبعية الذهنية، كما يجب تحرير الوعي المصري من كافة الأغلال، والقيود التي تكبله، والانحياز بلا مواربة لكل قيم التقدم والحداثة والاستنارة والإبداع، وبما يوجب التخلص من الصيغة المشبوهة لذلك التحالف بين الفساد والرجعية والتي تملأ جنبات الراهن المصري.
أرسل تعليقك