أفاد مصدر أمني في الانبار، مساء الاثنين، بأن طائرات التحالف الدولي قصفت اكثر من 15 مقراً لـتنظيم "داعش" في عنة وراوة غرب الانبار، في وقت تبدي المملكة العربية السعودية عزمها لحشد الموقف الخليجي والعربي لمناصرة بغداد ودعمها في رفض اجراء استفتاء استقلال اقليم كردستان.
وقال المصدر الأمني إن "قصفًا جويًا كثيفًا استهدف عنة وراوة من قبل طيران التحالف يطال اكثر من 15 مقرا لداعش". واضاف أن "الضربات جدا دقيقة لمضافات مهمة ومقاومات طيران ومستودعات للاسلحة". وأعلن القيادي في الحشد الشعبي بـ"محافظة الانبار" الشيخ قطري السمرمد ان تنظيم داعش فرض حظرا شاملا للتجوال في قضاء عنه على خلفية هروب وزير المال في التنظيم المدعو صبار بطوشي .
واشار السمرمد الى ان وزير المال في تنظيم "داعش" المدعو صبار بطوشي هرب مع عائلته وبحوزته مبالغ مالية كبيرة من رواتب واموال عناصر التنظيم من قضاء عنه غربي الانبار مما اضطر التنظيم لفرض حظر شامل للتجوال في عنه. مضيفا ان عناصر تنظيم داعش شنوا عملية تفتيش بحثا عن بطوشي الذي يعد من اهم وابرز قادة التنظيم ووزير مالهم في المناطق الغربية للانبار.
وبشأن تردي الاوضاع في محافظة الموصل قال النائب عن الموصل وعضو لجنة حقوق الانسان حنين قدو، ان "عدد المسلحين في نينوى يصل الى 80 ألف عنصر". وكان أبو سعد الانصاري، أحد قادة التنظيم البارزين، قال خلال خطبة ألقاها في الجامع النوري في صيف 2015 ان "عدد مقاتلينا في جميع أنحاء العراق بلغ 40 ألف مقاتل"، مشيرا الى أن "عدد عناصر التنظيم في ولاية الموصل تجاوز الـ20 ألف مقاتل". وتشير تقديرات سابقة الى ان عدد مسلحي داعش في نينوى يصل الى نحو 10 آلاف مسلح. وكان حسن السبعاوي قد قال، بعد ايام من تحرير الموصل، ان "المعتقلين هم 5 آلاف، فيما اعداد داعش في الموصل تصل الى 40 ألفاً".
في غضون ذلك، تبرز مشكلة تعدد الجهات الامنية التي تتولى مسؤولية التدقيق الامني للعوائل المشتبه بها أو النازحين العائدين الى المدينة، اذ تقوم جهات مرتبطة بالحشود العشائرية بهذه المهمة. وكشف زهير الجبوري، الذي يشغل منصب المتحدث باسم "حرس نينوى" التابع لمحافظ نينوى السابق أثيل النجيفي، عن "تسجيل حالات عن قيام حشود شعبية وعشائرية في الموصل باعتقال السكان مقابل الحصول على فدية".
وأكدت مصادر محلية اختطاف جهات مجهولة لـ"الحلواني" احد أشهر بائعي الحلويات في الموصل. واوضحت المصادر ، ان "ذوي المختطف دفعوا 150 ألف دولار مقابل الافراج عنه". وأشارت تلك المصادرالى ان "مسلحي التنظيم مازالوا قادرين على شن هجمات في الموصل". وتابعت "لا يمرّ يوم في المدينة دون ان يشهد هجوما على القوات الامنية بواسطة عبوة ناسفة او قناصين".
من جهة ثانية، مازالت أزمة الجثث المدفونة تحت أنقاض المدينة القديمة، تعد من أبرز المشاكل في الموصل. وتعمل فرق الدفاع المدني بشكل بطيء لانتشال الجثث. وأعلن زهير الجبوري، عضو مجلس قضاء الموصل "في غضون الاسبوع الاخير، تم انتشال 4 آلاف جثة". وقال الجبوري، نقلا عن فرق الانقاذ، بانهم "يتوقعون وجود عشرات اضعاف عدد الجثث التي تم انتشالها مؤخرا".
إلى ذلك، انتقد حسن السبعاوي تعامل الحكومة مع ملف النازحين بالرغم من تشكيل لجنة خاصة بإعادتهم الى الموصل. ويقول السبعاوي "مازال هناك اكثر من 850 ألف نازح، متى سيعودون؟".
من جهة ثانية، كشف مصدر مقرب من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان, عن عزم الاخير على حشد الموقف الخليجي والعربي لمناصرة بغداد ودعمها في رفض اجراء استفتاء استقلال اقليم كردستان. وأكد المصدر ان ولي العهد السعودي يعتزم اجراء اتصالات وعقد لقاءات لاعلان الدور العربي الرافض لتقسيم العراق وتقديم المزيد من الدعم والتأييد للعاصمة بغداد في رفضها لاجراء الاستفتاء. وشهدت العلاقات السعودية العراقية تحسنا كبيرا في الفترة الأخيرة وتبادل مسؤولي البلدين عددا من الزيارات.
بالمقابل يتلخص الموقف الأميركي التقليدي المعلن تجاه القضية الكردية منذ تولى الرئيس دونالد ترامب منصبه في كانون الثاني/يناير، ببقاء العراق دولة موحدة وعدم تقسيمه إلى أجزاء. ولكن الإشارات الصادرة من مستشاري البيت الأبيض تدل بوضوح على ان واشنطن لن تقف في وجه عملية الاستفتاء بل ستدعمه وستقبل بنتائجه رغم التصريحات المتكررة حول ضرورة الحوار بين بغداد وأربيل.
وسبق أن أعلنت إدارة ترامب منذ البداية انها "تحترم شعب إقليم كردستان ونضاله من أجل الاستقلال" وامتنانها لدور قوات البيشمركة في محاربة تنظيم داعش وتحرير الموصل، وقالت على لسان سام يونو، عضو لجنة ترامب الاستشارية لشؤون الشرق الأوسط، انها لن تقف في طريق استقلال الكرد طالما كان هناك اتفاق بين إقليم كردستان وحكومة العراق، مشيرا إلى ان الإدارة الأميركية تنوي منح الكرد دورا خاصا في المنطقة.
وأعلنت إدارة ترامب مرارا بانها ستناقش دور كردستان في الشرق الأوسط ولكنها لم تعلن قطعيا نتائج هذه المناقشات، مما يشير إلى ان هناك نتائج غير معلنة لأسباب من اهمها عدم اغضاب الحلفاء في المنطقة بما في ذلك تركيا والعراق. ووصلت استنتاجات العديد من المحللين إلى ان واشنطن قد منحت الضوء الأخضر بالفعل لعملية الاستفتاء والانفصال وقالوا انها ستتدخل في وقت متأخر ليس من أجل وقف مسار الاستقلال، بل لإجراء مفاوضات بين حكومة بغداد والكرد على بعض القضايا مثل مصير مدينة كركوك، وهناك اشارات تدل على موافقة ضمنية بين الكرد وواشنطن على احترام أمريكي ودولي لنتائج الاستفتاء والاعتراف بالتطلعات الكردية مقابل تأجيل اعلان استقلال الدولة.
وأوضح محللون ان الإدارة الأميركية ربما قد تكون منقسمة تجاه قضية الاستفتاء والدولة الكردية، فالبيت الأبيض متعاطف جدا مع التطلعات الكردية في حين تضغط وزارة الخارجية في اتجاه معاكس. وأشار الخبراء إلى معطيات تؤثر على اتجاه القرار الأميركي في نهاية المطاف بخصوص القضية الكردية، إذ أعلنت موسكو انها تؤيد الاستفتاء وتراه تعبيرا عن طموحات الشعب الكردي. وبدورها لا تريد واشنطن التخلف عن هذا المسار كما تحرك اللوبي الإسرائيلي بقوة في الولايات المتحدة لدعم إقامة دولة كردية مستقلة في أجزاء من العراق، وكان بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل، قد حث وفدا من الجمهوريين في الكونغرس على تأييد إقامة الدولة الكردية قائلا انهم شجعان موالون للغرب ويتشاطرون قيمه على النقيض من العرب.
وطلب وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس من بارزاني خلال اجتماع سابق تأجيل الاستفتاء حول استقلال كردستان العراق قائلا ان النقطة التي تود الولايات المتحدة التركيز عليها الآن هي هزيمة "داعش" والتخلص من الأشياء التي تصرف الانتباه عن محاربة التنظيم، ولكن القادة الكرد قالوا ان بارزاني لم يتراجع عن الاستفتاء خلال محادثاته مع المسؤولين الأمريكيين بمن فيهم تيلرسون وماتيس والجنرال جوزيف فوتيل رئيس القيادة المركزية للقوات المسلحة الأمريكية.
وحاول الكرد من جهتهم طمأنة الولايات المتحدة بالقول ان اعلان الاستقلال لن يؤثر سلبا على حملة محاربة تنظيم "داعش" مع إشارات إلى ان الاعلان، في الواقع، قد يمنح الكرد سببا للقتال.
أرسل تعليقك