موسكو - حسن عمارة
أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الاثنين، حدادًا عامًا في البلاد، على خلفية كارثة تحطم طائرة ركاب التابعة لوزارة الدفاع الروسية في البحر الأسود، وأسفرت عن مقتل 92 شخصًا كانوا على متنها. وكانت وزارة الدفاع الروسية أكدت أن طائرة الركاب من طراز "تو 154"، اختفت عن الرادارات عند الساعة الخامسة و40 دقيقة صباحًا بتوقيت موسكو، بعد دقيقتين من إقلاعها من مطار آدلر، في سوتشي، وكانت تقل على متنها 84 راكبًا، و8 أعضاء الطاقم. وحتى ساعات متأخرة من مساء الأحد، ولم يعثر على أي ناج من ركاب الطائرة، إلا أن السلطات الروسية تتريث في تأكيد مقتل كل من كانوا على متن الطائرة.
والطائرة كانت متجهة من روسيا إلى مطار حميميم في اللاذقية، وعلى متنها أنطون غوبكانوف مدير إدارة الثقافة في وزارة الدفاع الروسية، والناشطة الاجتماعية الروسية إليزابيث غلينكا الشهيرة المعروفة باسم "الطبيبة ليزا"، ومعهم 64 موسيقيًا من فرقة "ألكساندروف"، للجيش والقوات المسلحة، بمن فيهم مدير الفرقة فاليري خليلوف، فضلًا عن 9 صحافيين من ثلاث قنوات تلفزيونية روسية هي القناة الأولى العامة، وقناة "إن تي في"، وقناة "زفيزدا"، التابعة لوزارة الدفاع الروسية. وكانت الفرقة الموسيقية تنوي تقديم عرض مساء الأحد، أمام العسكريين الروس في قاعدة حميميم، احتفالًا بنهاية العام. وكان الرئيس الروسي تلقى الأنباء عن كارثة الطائرة بينما كان يجري محادثات في مدينة بطرسبورغ، مع نظيره الكازاخي نور سلطان نزار بايف، ووجه عبر شاشات التلفزة تعازيه للشعب الروسي وعائلات الضحايا.
وكشفت وزارة الدفاع الروسية أن عمليات البحث جارية في البحر الأسود، وتم العثور على قطع من حطام الطائرة على بعد 1.5 كيلومتر من شاطئ مدينة سوتشي، في مياه عمقها من 50 إلى 70 مترًا. ويشارك في تلك العمليات، وفق ما قالت وزارة الدفاع الروسية، 32 سفينة وزورقًا، و80 غواصًا، وخمس مروحيات، فضلًا عن عدد من طائرات الدرون، وأجهزة غوص خاصة يجري التحكم بها عن بعد ومزودة بكاميرات. وبعض السفن تابعة لأسطول البحر الأسود ومزودة بمعدات خاصة لعمليات الإنقاذ، فضلا عن معدات تسمح بتنفيذ عمليات معقدة على عمق 400 متر تحت الماء.
وعثر خلال عمليات البحث على 11 جثة من ضحايا الكارثة، كما قررت وزارة الدفاع الروسية أن يتم نقل جثامين جميع ضحايا الطائرة إلى موسكو، لتُجري عملية التعرف على هوياتهم، بمساعدة خبراء مركز الطب الشرعي - الجنائي التابع للوزارة. وأعلنت لجنة التحقيق الحكومية أنها لا تملك أي معلومات حول بقاء ركاب كانوا على متن الطائرة على قيد الحياة. وأكد مكسيم سوكولوف، وزير النقل الروسي، رئيس اللجنة الحكومية الخاصة بكارثة الطائرة، أنه تم تنظيم عمليات البحث بالتعاون مع قوات وزارة الطوارئ الروسية وأسطول البحر الأسود والمؤسسة العامة للطيران، ووزارة الدفاع الروسية، موضحًا أن هذه العمليات ستستمر بإشراف وتنسيق من جانب وزارة الطوارئ الروسية.
وأكد سوكولوف لدى وصوله مساء إلى سوتشي إنه "سيتم درس كل الأسباب المحتملة" للحادث، عادّا أنه "من السابق لأوانه"، الحديث عن أي احتمال، خصوصًا ارتباط الحادث باعتداء إرهابي. وأوضح أنه "لم يتم العثور على الصندوقين الأسودين". وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع، إيغور كوناشينكوف، إن روسيا ستدفع تعويضات تقدر بـ5 ملايين روبل (81 ألف و739 دولار أميركي) لكل عائلة من عائلات الضحايا.
وأشارت المعلومات المتوفرة عن الطائرة التي سقطت إلى أنها خضعت لعملية صيانة شاملة عام 2014، هي عملية الصيانة الثالثة والأخيرة من نوعها التي خضعت لها تلك الطائرة. وخلال العامين الماضيين، لم تتقدم بأي طلب لإجراء إصلاحات. أما فيما يخص طاقم الطائرة، فقد أكّدت وزارة الدفاع الروسية أن الكابتن رومان فولكوف، قائد الطائرة، هو طيار من الفئة الأولى، يتمتع بخبرة واسعة، وفي سجله أكثر من 3 آلاف ساعة تحليق. وحسب معلومات صحيفة "إزفستيا" الروسية، فإن "فولكوف وطاقمه قاموا أكثر من مرة برحلات إلى سورية على متن الطائرة ذاتها التي سقطت".
وتتريث السلطات الرسمية في الإعلان عن أسباب الكارثة بانتظار استكمال التحقيقات والكشف عن معطيات الصندوقين الأسودين، يبقى احتمال أن الطائرة سقطت نتيجة خلل فني أو خطأ تقني من جانب الطاقم مهيمنًا على التصريحات الرسمية. وعلى مستوى الخبراء، يرجح أناتولي تسيغانوك رئيس مركز التوقعات العسكرية، أن الحادثة لم تكن نتيجة عمل إرهابي، معربًا عن قناعته بأن ما جرى هو إما نتيجة حمل زائد على الطائرة، أو أن الوقود غير صالح. ويميل أليكسي زاخاروف، الخبير المستقل في مجال الطيران، إلى الجانب الفني، ويقول إن الطائرة تخضع عادة لعملية تحقق من سلامة كل معداتها قبل الإقلاع، موضحًا أن الطائرة في مطار سوتشي كانت في محطة توقف، وربما لم تجر عملية التأكد من عمل وسلامة كل المعدات والأجهزة كما يجب.
أما فيتالي أندرييف، العامل سابقا في مجال المراقبة الجوية "الملاحة"، فقد أكد أن الطائرات من هذا النوع لا تسقط بهذا الشكل حتى لو توقفت ثلاثة محركات عن العمل، ولذلك لا يستبعد احتمال أن الكارثة وقعت نتيجة تعرض الطاقم لتأثير عوامل ما خارجية أو داخلية. إلا أن أندريه كراسنوبيروف، الضابط في القوات الجوية، قال إن الطائرة تحطمت وتفتتت، هذا يعني أنها تفجرت في مكان ما. أعطوا لأحد ما حقيبة، نظرًا لأن الرحلة كانت نحو سورية، وكانت متجهة إلى هناك فرقة موسيقية، ربما تم نقل شيء ما مع الأدوات الموسيقية، في إشارة منه إلى أن ما جرى قد يكون نتيجة عمل متطرف.
أرسل تعليقك