فشلت القوات العراقية في ايجاد طريق للتوغل في نفق استخدمه تنظيم داعش غرب الأنبار والاختباء به نحو عامين في منطقة قرب هيت ، وملاحقة مسلحين اطلقوا النار باتجاههم ، وفي الجهة الثانية أعلن المتحدث بإسم وزارة الدفاع الأميركية إيريك باهون ، الثلاثاء ، أن القوات الأمريكية تلقت تهديدات من جماعة مسلحة تدعمها إيران.
قطعت غارة أميركية على وكر لمسلحي "داعش"، غرب الانبار، الخيط الرفيع الذي كان يمكن أن يكشف أسرار حياة تحت الارض ، حيث اعترض مسؤولون في المحافظة على تصفية المسلحين بواسطة صاروخ، واقترحوا الاستعانة بهم لمعرفة كيف استطاعوا الاختباء لنحو عامين في نفق من دون أن يتم اكتشافهم ، وقتها كانت القوات العراقية تحاول توسعة فتحة نفق في منطقة قرب هيت، لملاحقة مسلحين أطلقوا النار باتجاههم ، وبعد أن قتلوا أحد الجنود، لجأوا الى داخل الشق الجبلي.
وتضم الانبار أعدادًا غير معروفة من الانفاق الطبيعية قام التنظيم بحفرها في صحارى واسعة تمتد على مئات الكليومترات، ويصعب مراقبتها ، إذ يعتقد ان تلك المناطق تضم المئات من المسلحين الهاربين ، وفي المقابل لاتعرف القوات العراقية بالتحديد كيف يتحرك المسلحون في الصحراء، وكيفية تنقلهم عبر شبكة الأنفاق.
ومنذ تحرير قضاءي راوة والقائم، الواقعين في غرب الانبار الشهر الماضي، بدأ المسؤولون المحليون يحذرون من الصحراء، والخطر الذي ينتظر المدن من تلك المناطق.
وعادت التحذيرات من خطورة الصحراء رغم إعلان رئيس الوزراء حيدر العبادي، مطلع الاسبوع، تحرير الأراضي العراقية من سيطرة تنظيم "داعش" ، كما يغيب المسلحون في مساحات شاسعة تحتوي على طيات وتعرجات كبيرة يصعب الكشف عنها بسهولة، وأبرز تلك المواقع هي الوديان وأكبرها "وادي حوران" الذي يمتد لمسافة ٤٥٠كم.
ويقول قطري العبيدي، القيادي في الحشد العشائري لغرب الانبار، إن "صحراء الأنبار تمثل نسبة 51% من مساحة العراق، ولايمكن السيطرة عليها بشهر أو اثنين".
وبدأت القوات العراقية، قبل أسبوعين من "إعلان النصر" في 10 ديسمبر/كانون الثاني الجاري ، عمليات لتطهير البادية الغربية التي تضم مجموعة وديان واسعة ومعقدة.
ويضيف قطري، أن العمليات لم ولن تتوقف، ونحتاج الى مداهمات وعمليات تمشيط مستمرة قبل أن نقول إنّ الوديان خالية من داعش ، وكانت العملية، التي نفذت من قبل قيادة قوات الجزيرة والبادية، قد حررت نحو ثلث مساحة الوادي ، كما تمكنت القطعات من تحرير 27 قرية في وادي حوران، لكنها لم تعثر على مسلحين.
ويعتقد المسؤولون في الأنبار أن جواسيس "داعش" داخل المؤسسات الامنية يقفون وراء إبلاغ التنظيم بأوقات الحملات العسكرية ليختفوا إلى فترة معينة.
ولأول مرة يسمع العراقيون بـ"وادي حوران" كان على لسان رئيس الوزراء السابق نوري المالكي الذي أعلن، نهاية 2013، انطلاق عملية عسكرية تحمل إسم الثأر للقائد محمد الكروي ، وهو قائد عسكري قتل في تلك المنطقة خلال مطاردته لتنظيم القاعدة.
وخلال الأيام الاولى لتلك العملية قتل نحو 600 مسلح وتم تدمير 5 معسكرات، بحسب بيانات عسكرية آنذاك ، لكنّ المفاجأة جاءت بعد أيام، عندما سيطر مسلحون على الفلوجة وبعض أطراف الرمادي، التي سقطت بأيديهم بالكامل بعد ثلاثة أعوام.
ويقول قطري العبيدي إن الصحراء تضم ودياناً أخرى، مثل حجلان، والحجية، وبنات الحسن، والاخضر، وزغدان، لكن أوسع هذه الأودية هو وادي حوران". وكانت عملية تحرير وادي حوران قد شهدت بعض العراقيل، بسبب بطء قيادة عمليات الأنبار بالتحرك من الجهة الاخرى للوادي. لكن اجتماعا عقد في الانبار بحضور قادة رفيعي المستوى، أكد على ضرورة استمرار عمليات التطهير بمشاركة كل القطعات. ويعترف نعيم الكعود، رئيس اللجنة الامنية في الأنبار، بصعوبة السيطرة على تلك المناطق الصحراوية، وخاصة الوديان التي تضم أنفاقًا كبيرة.
ويقول الكعود إن حركة المسلحين في الصحراء مجهولة حتى الآن ويجب تفعيل الجهد الاستخباري والتنسيق مع رعاة الغنم او من يرتدي ملابسهم، لأن بعضهم يعمل كممول رئيس للمسلحين".
وبعد تحرير القائم، طالب مسؤولون بإنشاء "قواعد عسكرية" في الصحراء لمسك تلك المناطق. ودعت لجنة الامن في البرلمان إلى تخصيص قوات محمولة جوًا "متجوقلة" لمراقبة الصحراء ، كما يتوقع تواجد 1000 مسلح في الصحراء ، وكانت هناك قاعدة عسكرية واحدة في الصحراء بعد 2003، لكنها تدار من مقر يبعد عنها مئات الكيلومترات يقع بالقرب من قضاء القائم ، وبالصدفة كشف قبل يومين في جزيرة البغدادي، القريبة من مدينة هيت، وجود نفق يضم عددًا من المسلحين، لم يتم اكتشافهم منذ أعوام.
ويقول مصدر عسكري مطلع إن قوات من الحشد العشائري وقطعات من الجيش تعرضت الى إطلاق نار من منطقة سريجية في شمال غرب هيت، وقتل إثر ذلك أحد الجنود في المواجهة".
وأضاف المصدر، الذي طلب عدم ذكر إسمه لحساسية المعلومات، أن باقي المسلحين المهاجمين هربوا الى داخل نفق يقع في أسفل جبل ، كما يتابع المصدر العسكري أن القوات حاولت حفر النفق لكنها فشلت بسبب طبيعته الصخرية التي تمنع توسعته ، واستعانت القوات بالجانب الأميركي الذي أكد وجود 22 مسلحًا داخل النفق.
وأردف المصدر العسكري المطلع "في منتصف ليلة الثلاثاء على الأربعاء، ضربت الطائرات النفق بصاروخ، ودمرته بالكامل واكتشفنا أن طوله كان يبلغ 60 مترًا".
من جهته يعترض نعيم الكعود على قتل المسلحين، ويفضل لو تم توقيفهم لمعرفة كيفية تخفيهم داخل الأنفاق بعد عامين ونصف العام على تحرير هيت.
ويضيف الكعود "كان من الأفضل ضربهم بمادة لتخديرهم بدل قتلهم، لنعرف إلى أين تصل تلك الأنفاق ومن يمولهم".
ويكشف المسؤول الأمني في الأنبار أن "داعش" يستغل الأنفاق الطبيعية للاختباء داخلها، ثم يبدأ بالتوسيع والحفر لتصل إلى كليومترات ، لافتًا إلى أن القوات لاتعرف نهاية تلك الممرات، لأنها في بعض عمليات التطهير تسير لكيلومتر واحد ثم ترجع خوفًا من انهياره أو التعرض لهجوم ، كما ينصح الكعود "بالبحث في المعتقلات عن مسلحين لهم علاقة بتلك الوديان، لاستجوابهم للتعرف عن سر حياة داعش تحدت الارض".
وفي غضون ذلك أعلن المتحدث بإسم وزارة الدفاع الأميركية إيريك باهون ، الثلاثاء ، أن القوات الأميركية تلقت تهديدات من جماعة مسلحة تدعمها إيران.
وقال باهون للصحافيين "قواتنا في العراق تلقت تهديدات من مجموعة مسلحة مدعومة من إيران ، وأن "واشنطن قادرة على الدفاع عن نفسها".
وأضاف المتحدث بإسم البنتاغون في هذا الصدد "تركيزنا يبقى منصبًا على استمرار هزيمة داعش نعم شهدنا تهديدات من مجموعة مسلحة مدعومة من إيران، ولكن الولايات المتحدة أكثر من قادرة على الدفاع عن نفسها وحلفائها".
وتعد حركة النجباء، وهي أحد فصائل الحشد الشعبي العراقي، قد هددت في الأيام الماضية باستهداف القوات الأميركية المتمركزة في العراق، وأعلن زعيم هذه الحركة أن قرار الرئيس الأميركي ترامب بشأن القدس، مبرر شرعي لاستهداف القوات الأميركية في العراق.
أرسل تعليقك