يبدو أن عقد الشراكة بين ميليشيات الحوثيين وحليفهم في الانقلاب، الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، آخذ في الانفراط في ظل خطابات رسمية، تكشف حقيقة الشقاق في هذا التحالف، الذي بني على المصالح بين الطرفين. فقد تجاوزت الخلافات بين حليفي الانقلاب الحوثيين وصالح، الدوائر المغلقة، لتصل إلى اتهامات رسمية، إذ كشفت قيادات في حزب المؤتمر الشعبي العام بقيادة صالح حقيقة شراكتهم مع الحوثيين، ودور حكومة الانقلاب غير المعترف بها دوليا.
فقد اتهم رئيس ما تسمى "اللجنة الثورية" محمد علي الحوثي، حلفاءه في الانقلاب، حزب المؤتمر الشعبي العام بقيادة صالح بممارسة الفساد، ودعا الحوثي لمحاسبة أنصار صالح على ما فعلوه خلال فترة حكمه التي امتدت 35 عاما، في حين وجه عارف الزوكا أمين عام الحزب رئيس الوفد التفاوضي باسمه، انتقادات حادة للحوثيين، متهما إياهم بنهب 4 مليارات دولار من خزينة البنك المركزي، وهو الاتهام الذي لطالما وجهته الحكومة الشرعية، لكن الاتهام جاء هذه المرة على لسان حليف رئيسي للحوثيين أنفسهم.
وأشار الزوكا إلى ما كانت تتحدث عنه تقارير سابقة، بشأن سيطرة اللجنة الثورية التي تدرب قادتها في إيران ويرأسها محمد علي الحوثي، على مؤسسات الدولة في صنعاء ومحافظات أخرى، فيما بقي دور ما يسمى المجلس السياسي وحكومة الانقلاب بصنعاء صوريا ومجردا من أي صلاحيات.
ويبدو أن الحوثيين مستمرون في إجراء تعيينات وقرارات عسكرية بعيدا عن صالح، في ظل تصاعد التوتر بينهما مؤخرا، وآخر هذه التعيينات أصدرها القيادي الحوثي صالح الصماد بصفته الشخصية لا بصفته الرسمية فيما يسمى "المجلس السياسي". وعين الصماد المسؤول العسكري في جماعته المتمردة عبد الله الحاكم، المدرج اسمه في قائمة عقوبات مجلس الأمن، رئيسا جديدا لما يسمى "هيئة الاستخبارات" في وزارة الدفاع. إلا أن عسكريين يرون تعيين الحاكم الذي تدرب في إيران بهذا المنصب، تدشينا لمرحلة جديدة للحوثيين، موجهة ضد القيادات العسكرية الموالية للرئيس السابق صالح.
ويتزامن ذلك مع عمليات خطف تنفذها الميليشيات ضد قيادات عسكرية مؤيدة لصالح. فقد أفادت مصادر عسكرية في محافظة الحديدة غرب اليمن، أن ميليشيات الحوثي اختطفت العميد علي الآنسي قائد لواء الدفاع الساحلي الموالي للمخلوع صالح على خلفية التحضيرات للتظاهرة التي ينظمها حزب المؤتمر الشعبي العام في صنعاء غدًا الخميس.
ويأتي خطف العميد الأنسي في إطار حملة اختطافات نفذتها ميليشيات الحوثي ضد عشرات من أنصار المخلوع صالح المدنيين والعسكريين في صنعاء وباقي المحافظات الخاضعة لسيطرة الانقلابيين، وطالت ناشطين وإعلاميين وضباطا في أجهزة الأمن والمخابرات والجيش.
وقد اضطر الرئيس اليمني الأسبق علي عبد الله صالح، الى عشرات الآلاف من الجنود الموالين له في صنعاء، الأربعاء، لتأمين "مهرجان السبعين" المقرر الخميس، توازيا مع تعمق خلاف صالح مع ميليشيات الحوثيين وتوقعات تطوره إلى مواجهات مسلحة. وقالت مصادر عسكرية إن صالح نشر أكثر من 30 ألف جندي من قوات الحرس الجمهوري الموالية له، لا سيما في جنوبي العاصمة اليمنية، لتأمين مهرجان السبعين ومقار حزب المؤتمر الشعبي والمؤسسات التي يديرها أنصاره، والطرق الممتدة من مداخل صنعاء إلى وسط ميدان السبعين.
ويحيي حزب المؤتمر الشعبي العام الذكرى الخامسة والثلاثين لتأسيسه، واستعرت الخلافات بين الطرفين المشاركين بالانقلاب في اليمن، بعد محاولات ميليشيات الحوثيين إعاقة إحياء ذكرى تأسيس الحزب الذي يترأسه صالح في صنعاء. وفي وقت سابق، اتهم المتمردون الحوثيون صالح، حليفهم الأساسي في النزاع الجاري في اليمن، بـ"الغدر"، مؤكدين أن عليه تحمل التبعات بعدما وصفهم بـ"الميليشيات".
وأفاد بيان للجان الشعبية التابعة للانقلابيين الحوثيين أنهم كـ"قوة شعبية وطنية في طليعة المعركة التاريخية إلى جانب الجيش في مواجهة عدوان هو الأخطر على اليمن، تأتي الطعنة من الظهر بأن توصف بأنها ميليشيا، فذلك هو الغدر بعينه". وبدأت الانقسامات بالظهور هذا الأسبوع بين زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي والرئيس السابق، بعدما تحالفا منذ عام 2014 ضد الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، حيث تبادلا الاتهامات بالغدر والفساد في خطابات متلفزة.
وتتفاقم المخاوف حاليا من مخاطر اندلاع العنف في صنعاء مع عزم أنصار صالح على الخروج في مسيرة الخميس لإحياء الذكرى الـ35 لتأسيس حزب المؤتمر الشعبي العام. وذكر الحوثيون في بيانهم الأربعاء أن ما قاله صالح "تجاوز لخط أحمر"، مؤكدين أن "عليه تحمل ما قال، والبادئ أظلم"، بعدما وصفهم الرئيس السابق في خطاب الأحد بـ"الميليشيات".
وازدادت حدة التوتر منذ عدة أيام في العاصمة اليمنية التي يسيطر عليها الحوثيون وأنصار صالح، وأشار شهود عيان إلى أن أنصار الطرفين كثفوا تواجدهم في صنعاء وحولها.
أرسل تعليقك