يترقّب العراقيون، خلال الساعات المقبلة، إعلان القائد العام للقوات المسلّحة رئيس الوزراء حيدر العبادي، التحرير الكامل لمدينة الموصل ، ويتخوف أهالي تكريت من التغيير الديموغرافي لمدينتهم جراء سيطرة فصائل تابعة إلى الحشد الشعبي على مفاصلها ومحاولة فرض رؤيتهم على السكان.
وتواصل قوات مكافحة الإرهاب والشرطة الاتحادية، تقدّمها داخل الموصل القديمة، بعدما نجحت في تحرير حي الميدان وشارع النجفي، وقتلت العشرات من مسلحي "داعش"، وهي تهدف إلى الوصول إلى محاذاة نهر دجلة، وأعلنت قيادة الشرطة الاتحادية، في وقت سابق، عن إنجاز مهامها القتالية في مدينة الموصل، بالتزامن مع تحرير عدد من المناطق،
ويؤكد اليوسف وهو من أهالي الساحل الأيسر المُحرر منذ 7 أشهر أن "مجمل العالم والشعب العراقي وأهالي الموصل خاصة، يترقبون إعلان تحرير مدينة الموصل من سيطرة تنظيم "داعش" المتطرّف، لحظةٌ ننتظرها بفارغ الصبر، حيث مع إعلان التحرير سيعود كل النازحين عن مناطق الموصل، وأيسر المدينة تحديداً"، مبينًا أنه "بعد تحرير الساحل الأخير لم يعد الكثير من النازحين عنها منتظرين لحظة إعلان التحرير الكامل للموصل، وذلك يعود إلى عامل الاستقرار والطمأنينة الكاملة فضلاً عن قيمة الانتصار الكامنة في تحرير المدينة القديمة، قلب محافظة نينوى".
وتابع الناشط المدني قوله إنّه "مع انتهاء العمليات المشتركة في المدينة القديمة، سيعود النازحون عن الساحل الأيمن من أيسر الموصل إلى مناطق سكانهم، وبالتالي ستخفف الأعباء عن المواطنين الموصليين، حيث فقدت الغالبية ملاذاتها الأمنية والاقتصادية وحتى الاجتماعية، لذا نترقب إعلان تحرير إن شاء الله"، وطموحاتٌ واسعة، لدى أهالي المحافظة، بالعودة إلى الحياة الطبيعية، التي بات "حلماً لنا جميعاً"، كما يصفها اليوسف، مبيناً أن "هذا الحلم نترقبه مع إعلان تحرير المدينة من قبضة "داعش"، فكلنا أمل بالمستقبل والعودة لممارسة الحياة مجدداً".
وأكد اليوسف، أن أهالي الساحل الأيسر "يستعدون لإقامة الاحتفالات بهذا اليوم العظيم، كما حضّرت منظمات المجتمع المدني والناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي فعاليات ابتهاجاً بهذا النصر العظيم على "داعش""، ومع عمليات التطهير الواسعة التي تقوم بها القوات الأمنية المشتركة وجه أهالي أيسر الموصل، "أسمى التحيات لتلك القوات البطلة" كما يصفها اليوسف الذي أشار إلى أن "قلوب الأهالي تحترق خجلاً على تضحيات أبناء الجنوب العراقي والفرات الأوسط وهو يلوذون بالدفاع عن شرف الموصل وأبنائها"، متمنياً بأن "يعود جنودنا المحاربون الآن سالمين غانمين إلى أحضان عوائلهم والرحمة والخلود لكل شهيد سقط بالدفاع عن أرضنا".
واقتربت القوات المشتركة من إعلان تحرير جميع مناطق الساحل الأيمن من الموصل بعد أن حسمت السبت معارك تحرير أحياء الربيع و17 تموز لصالحها، بعد أعمال قتالية مع تنظيم داعش في أحياء وسط الموصل، واعتبر أهالي الساحل الأيمن الذي يشهد آخر المعارك مع "داعش"، أن يوم إعلان تحرير الموصل "يوم تاريخي للمدينة"، ويقول المواطن علي محمد أن "أهالي الساحل الأيمن يعجزون عن ترجمة مشاعرهم إزاء الإعلان عن تحرير المدينة من بطش داعش"، مبيناً أن "الكلمات تخوننا عن التعبير عن فرحة عودة الحياة للموصل، بعدما تم اغتيالها على يد التنظيم الإرهابي في حزيران العام 2014، الساحل الأيمن برمته يتأهب كل اليوم، بغية إعلان الحكومة العراقية لتحرير الساحل برمته وتنظيفه من عناصر "داعش""،
وأشاد محمد بـ"أداء وسلوكيات القوات الأمنية العراقية، البطلة، حيال أهالي الموصل عامة ومواطني الساحل الأيمن خاصة"، مبدياً في الوقت ذاته خشيته "من عملية استفحال الثأر بين ساكني المدينة، لاسيما بين الأُسر المتورط أبناؤها مع "داعش" والأسر التي فقدت أبنائها على يد التنظيم المتطرف"، وعن مستوى الخسائر التي مني بها قال محمد "أنا من حي الإصلاح الزراعي، وتعرضت منطقتي لخسائر بشرية ومادية كبيرة، منها قتل العديد من أبناء الحي الذي كانوا يهدفون إلى الخروج من مناطق سيطرة التنظيم، حيث تمكّن "داعش" من القبض عليهم ومن ثم إعدامهم أمام الناس"، وتابع قوله "مشهدٌ دمويّ لا يمحى من ذاكرتي بسهولة، لبشاعة الجرائم التي ارتكبها التنظيم داخل الساحل الأيمن ولكل محافظة نينوى".
وبشأن خسائره المادية، أشار محمد إلى فقدانه لـ"بيت وسيارتين جراء أعمال عنف داعش مع الأهالي من جهة والقوات الأمنية من جهة أخرى"، مبيناً أن "مجموع ما خسرته طيلة احتلال داعش للموصل هو 30 مليون دينار عراقي، وأنا لست سوى موظف أعمل بحسابات مديرية تربية نينوى"، وطالب أهالي الساحل الأيمن لمدينة الموصل، نقلاً عن محمد "الحكومة المركزية والحكومة المحلية بتوفير الخدمات الكافية لأهالي الساحل، لكون أغلب شوارع الساحل تعاني من النفايات المتكدسة، فضلاً عن انقطاع الكهرباء وتفاقم أزمة المياه على صعيد المياه الحوضية أو عن طريق الأنابيب"، مشيرًا إلى "ضعف المساعدات الإغاثية لنا في مناطق أيمن الموصل"، وداعياً المعنيين إلى "مساعدة الناس على تأهيل حياتهم مجدداً عبر إسنادهم بالقروض المالية وإعادة كافة مستوى الخدمات لمناطقنا"، بعدما عمّد تنظيم داعش إلى تهديم كل محافل الآثار لمدينة الموصل، الأمر الذي أثار غصةً كبيرة في نفوس الموصليين، أكدوا أنهم ينظرون إلى لحظة إعلان النصر على التنظيم نظرة فرحٍ على الرغم من قلوبهم المكّلومة.
ويشير الناشط المدني داخل المناطق الموصليّة المحررة، صالح إلياس، إلى أن "أهالي الموصل ينتظرون بشغفٍ لحظة الانتصار، بغض النظر عن الخسائر المادية والرمزية، لاسيما النبي يونس ومنارة الحدباء، والكنائس في المدينة، وكل الأشياء الثمينة التي عبث بها تنظيم داعش، كل هذه الأشياء ننظر لها نظرة حزن، ولكن في هذه اللحظة علينا أن نفرح بالانقضاض على التنظيمات الإرهابية".
وأضاف إلياس أن "الإعلان عن تحرير الموصل كاملة، لحظة مصيرية في تاريخ العراق والمحافظة، بعد 3 سنوات من حرب مع داعش، علماً أن الحرب العسكرية بدأت قبل 3 أشهر، لكن أهالي الموصل كانوا يعيشون على مدار تلك السنوات حالة حرب حقيقية مع التنظيم"، موضحاً أن "الأخير تجاوز بسوكياته حدود التصور والتوقعات، عبر القتل و الترهيب وسبي نساء وتدمير ممتلكات وبنى تحتية"، عاداً لحظة الخلاص من داعش "لحظة رمزية ومهمة بالنسبة لكل أبناء الموصل".
ولفت إلياس إلى أن "ثمة استعدادات عفوية من قبل الناشطين والعاملين في المجال الإنساني بالمحافظة، للاحتفال بهذه اللحظة التاريخية"، مبيناً أن "الكل يعمل على تثبيت هذه اللحظة في ذاكرة وأذهان المدينة"، متمنياً "بأن تكون هناك انطلاقة لمرحلة ما بعد داعش، على الرغم من مخاوف المرحلة مجتمعياً وسياسياً، ولكننا نعول على لحظات الانتصار".
وأوضح إالياس أن "جميع الطوائف الدينية هي مكونات أساسية لمدينة الموصل، ونحن دائماً نصف الطائفة المسيحية واليزيدية بأنهما ملح الموصل"، رافضاً "تسمية المسيحيين واليزيدين وقوميتي التركمان والشبك بالأقليات، لأنهم مكونات حقيقية وجزء أساس وأصيل في جذر المحافظة"، وأكد الناشط الموصلي "عدم وجود هذه المكونات يمثل نقطة ضعف، ولحظة حزينة في تاريخ الموصل، وكل مكونات المدينة هم ضحايا داعش، ولا تستثنى طائفة أو مكون دون آخر"، وطالب الجهات المعنية بـ"الاهتمام البالغ بهذا الملف، لاسيما إذا تحدثنا عن أمور مهمة في الحياة، من طاقة ومياه وبنى تحتية، فهذا الموضوع مصيري، لذا تقع مسؤولية هذا الملف على عاتق الإدارتين المحلية والمركزية، فضلاً عن المواطنين".
ونقل موقع ألماني تخوف أهالي تكريت من التغيير الديموغرافي لمدينتهم جراء سيطرة فصائل تابعة للحشد الشعبي على مفاصلها ومحاولة فرض رؤيتهم على السكان التقرير رصد علامات وإشارات للتغيرات المذهبية التي شملت تكريت بعد استعادتها من "داعش" بمشاركة الفصائل الشيعية قبل عامين ، وقال موقع نقاش الألماني إن العديد من مواطني مدينة تكريت يشعرون بهيمنة فصائل شيعية على المدينة فالمواطنون مذهولون من إذاعة أناشيد شيعية لافتة للانتباه عبر مكبرات الصوت، فيما تطوف العجلات التابعة لفصائل الحشد شوارع المدينة وسط انتشار لمئات الرايات المذهبية الخضراء والسوداء في المدينة.
ونقل التقرير عن أهالي المدينة تخوفهم من التغيير الديموغرافي الذي بدا واضحاً بعد سيطرة عدة فصائل مسلحة تنتمي للحشد الشعبي على مجمعات القصور الرئاسية، كما انتشرت على جدران الشوارع العامة عبارات تذكارية لعناصر في الحشد فضلا عن انتشار صور لقادة الثورة الإيرانية الخميني والخامنئي والمراجع الشيعية الأخرى في المدينة.
وأكّد التقرير الألماني افتتاح 13 مقراً للأحزاب والحركات السياسية الشيعية كحزب الدعوة والمجلس الإسلامي الأعلى وعصائب أهل الحق ومنظمة بدر في مدينة تكريت التي تمت استعادتها من سيطرة "داعش" في نيسان 2015، مشيرًا إلى أن مظاهر التغيير امتدت إلى التقاليد أيضاً، ففي شهر محرم تحولت ساحة الاحتفالات التي كانت تقام بها المناسبات الخاصة بالرئيس الأسبق صدام حسين إلى منطقة للمواكب الحسينية، وفي مدينة تكريت تدخّل عناصر الحشد في محرم الماضي لإيقاف حفلة زفاف في قرية عوينات وحطموا الآلات الموسيقية بحجة عدم ملائمة الفرح مع عزاء محرم وقد أبلغ الحشد أصحاب صالات الأعراس في المدينة بعدم تنظيم الاحتفالات إلا بعد انتهاء شهري محرم وصفر مهددين المخالفين بالمحاسبة الشديدة كما شهدت مدينة تكريت لأول مرة في تاريخها إنشاء أول حسينية في مجمع فاطمة الزهراء في مركز تكريت، وأخرى في ناحية العلم.
وبحسب التقرير فإن التغيير الديموغرافي يبدو واضحًا وجليًا أكثر في جنوب المحافظة، كناحية يثرب وعزيز بلد والسلام والأحباب، إثر خلافات تفاقمت بسبب انضمام أبناء بعض العشائر إلى داعش، إذ تمت مصادرة أملاك تلك العائلات ولم يسمح لهم بالعودة إلى مناطق سكناهم السابقة رغم الجهود المبذولة.
أرسل تعليقك