"بيت الحكمة" في بغداد
بغداد – نجلاء صلاح الدين
يُعد ، أحد الكنوز العلمية التي أنتجها الفكر الإسلامي قديمًا، برغم اندثاره بعد سقوط الخلافة الإسلامية على يد المغول (656 – 1258م)، إلا أنه يكفينا فخراً أن موسوعة "غينس للأرقام القياسية"، اعتبرته الجامعة الأولى في التاريخ، وفي عام 1995 م أعيد إنشاء هذا التي يتخذ من الضفة
الشرقية لنهر دجلة موقعًا متميزًا لها،هذا وكان الـ "العرب اليوم "من الطارقين لهذا البيت الذي أجرت عنه هذا التحقيق، حيث التقينا رئيس مجلس أمناء بيت الحكمة الدكتور شمران سكرال يونس العجلي ، قال " استلمت بيت الحكمة في 11 كانون عام2007،هذه المؤسسة التي هي تكاد تكون مؤسسة دراسات وأبحاث،حيث تضم عدة أقسام ومنها الدراسات الاقتصادية والاجتماعية والتاريخية والترجمة ،وهناك دراسات مستقبلية اطلع عليها مجلس الأمناء" .
يذكر أن البيت كان عبارة عن خزانة للكتب والمخطوطات وكان مدرسة علمية للترجمة ومدرسة للعلوم المختلفة ،وكان يشمل على مرصد فلكي، تأسس هذا البيت في حدود عام 750 م وازدهر عام 800 م أكثر، واستمر في التوسع والازدهار حتى سقوط بغداد عام 2258 م، وقد نال اهتمامًا خاصًا من قبل الخلفية هارون الرشيد والخلفية المأمون العباسيين، حيث أرسل المأمون وفودًا إلى خارج الدولة الدولة الإسلامية آنذاك إلى الروم والهند وفارس ليأتوا له بكل مخطوط في شتى العلوم، وأسس مدرسة للترجمة والعلوم في بغداد ،حيث كانت اللغات الأجنبية رومية وفارسية والهندية يجتمعون في هذا البيت أو هذه المدرسة ويدرسون العلوم ،وكانت تأتيهم البعثات من خارج الدولة الإسلامية إلى بغداد ،وكان هذا البيت يتكفل من تدريس وسكن ومعيشة وصرفيات الطلاب الذين يأتون من الروم سابقا وأوربا الآن، حيث كتب مؤلف انكليزي حديث واسمه جوندا بليونز كتابًا اسمه "كيف أسس العرب الغرب"، وصدر العرب العلوم بشتى أنواعها إلى أوروبا وراح الطلاب يدرسون هذه العلوم ويدرسونها وينشروها داخل أوروبا .
وتابع قائلا "أعيد تأسيس هذا البيت عام 1995 في قانون رقم (11) لتلك السنة وبدأ بدوره وفاعليته في عام 1996 من عقد المؤتمرات والندوات والورش العلمية وإصدار الكتب والمجلات والدراسات"،فيما " يتناول هذا البيت في مؤلفاته وكتبه ودراساته عن تاريخ العراق والوطن العربي وما يحدث في داخل العراق من مشكلات اقتصادية وسياسية وفلسفية واجتماعية وكل ما يتعلق بالدراسات الخاصة في الأقسام الثمانية".
وبين يونس أن "البيت يعقد كل سنة ما يقارب تسع مؤتمرات علمية، وأهمها المؤتمر المركزي السنوي للحكمة،إذ أن كل قسم يعقد مؤتمر خاص به"، إضافة إلى "مؤتمرات فلسفية واقتصادية و ... الخ.
يصدر هذا البيت من خلال أقسامه الثمانية مجلات وكل قسم يصدر مجلة خاصة به أي نحو ما يقارب 30 عدد سنويًا، وكل قسم يجب أن يصدر كتابين سنويًا، أي البيت يصدر 20 كتابًا سنويًا، ويتم طباعتها على نفقة بيت الحكمة ".
مبينا تعاقد "بيت الحكمة مع المؤلفين والباحثين وتدفع ضمن الموافقات القانونية وديوان الرقابة المالية، وإذا دعت الحاجة إلى اجتماع الباحثين لبحث مسألة معينة ".
وعن سؤال لـ"العرب اليوم " عن الكتب التي تختص بها بيت الحكمة أجاب سكرال " يختص بيت الحكمة بالدراسات والأبحاث التراثية القديمة في العراق "، مشيرا إلى أن"عمل بيت الحكمة تقديم الدراسة فقط ،ولا نحفر أو ننقب ،لان هذا العمل يكون ضمن اختصاص وزارة السياحة والآثار" .
موضحا إلى "أهم الأنشطة والإصدارات والمجلات خلال 12 عاما ،حيث بلغت (1066)، توزعت على الأنشطة ،بلغ عددها 586 وشمل هذا الرقم المؤتمرات والندوات وحلقات النقاش وورش العمل والمحاضرات والمناظرات والدورات التدريبية و الإفادات"،وتأتي بعد ذلك "الإصدارات بلغت (305)،تضمنت الكتب والصادرة والأدلة في أجزاء ،تم احتسابها والنشرة الدورية (التنمية البشرية) والدورية (قضايا العولمة) "،وأخيرا المجلات ، بلغ مجموع الأعداد الصادرة من مجلات بيت الحكمة ( 175 )، عددا شملت (الحكمة) المجلة المركزية لبيت الحكمة ومجلات (دراسات اقتصادية) و(دراسات اجتماعية) و(دراسات فلسفية) و( دراسات الترجمة) و(دراسات قانونية) و( دراسات تاريخية) و(دراسات إسلامية) و(دراسات سياسية)".
هذا وقال سكرال يونس" بعد تعرض بيت الحكمة إلى تدمير شامل في عام 2003 ،"قمنا بالتعاقد مع شركة لتأهيل البيت وبناء مكتبة سميناها "مكتبة بيت الحكمة العالمية"، وأصبحت مكتبة حديثة من الناحية الالكترونية والتبويب والاستعارة والنظم ،وتحوي كل مطبوع ومخطط لخدمة الباحث "المؤلف والكاتب العراقي "،لافتا إلى "الانجازات والأنشطة والتحركات منذ عام 2003 ولغاية 2007 ،بلغ 136 "،إضافة إلى " 108 إصدار ،وذلك بسبب انعكاسات الظروف الأمنية الصعبة ،وموقع بيت الحكمة وظروف الدوام والانقطاعات الكهربائية والمواصلات وحصر انجاز الإصدارات داخل بيت الحكمة والعدد في تزايد مستمر .
جدير بالذكر فإن شمران سكرال يونس حاصل على دكتوراه في اللغة العربية وآدابها في كلية عين الشمس ،وكانت مناقشة رسالة الدكتوراه بتاريخ 1984 ،في منهج الكرماني في تفسير القران الكريم مع تحقيق تفسيري لغرائز التنزيل وعجائب التوليد ،وقد أنهى الدراسات الأولية للبكالوريوس في كلية الآدب جامعة بغداد ورسالة الماجستير (في حجج القران ) في كلية دار العلوم في جامعة القاهرة ،وقد الفت مجموعة من الكتب في تحقيق المخطوطات في حجج القران ونوادر القراءات للكرماني والاعتقادات للأصفهاني وغيرها .
أرسل تعليقك