بغداد ـ نجلاء الطائي
شهدت الفعاليات الثقافية والأدبية لمعرض أربيل للكتاب بدورته الـ11 ، جلسة حوارية ناقشت "التكنولوجيا الحديثة وأثرها على المطبوع وصناعته"، في حين أكد مختصون أن الكتاب الورقي مازال نشطاً امام ثورة الكتب الرقمية.
واعتبرت مدير عام مؤسسة المدى الدكتورة غادة العاملي التي أدارت الجلسة واستضافت خلالها الناشر ايهاب عبد الرزاق من دار "المدى للطباعة والنشر"، والناشر بشار شبارو نائب الامين العام لاتحاد الناشرين العرب، والدكتور حسين هنداوي الخبير لدى الأمم المتحدة انه "كلما ازداد التطور التكنولوجي اصبحت هنالك خشية على دور النشر المهتمة بالطباعة الورقية، الامر الذي ادى الى تراجع في صناعة المطبوعات الورقية امام انتشار الاصدارات الرقمية التي اخذت بالتنامي في المدة الاخيرة".
وأشارت العاملي الى "تشبث القارئ العربي في الوقت الحالي بالكتاب الورقي لما يحمله من خصائص عديدة، فقد اعتاد بعض القراء على التعبق برائحة الورق والادمان على لمس الاوراق وتقليبها، كما اعتاد البعض على طقوس الاطلاع على الكتاب الورقي التي تتمثل بجلسة القارئ ومكانه من المنزل، وهذا ما يفتقر اليه الكتاب الالكتروني مع الخشية من الاجيال المقبلة التي ربما لم تعتد على تلك الطقوس كونها بدأت رحلتها مع المعرفة عن طريق القراءة للكتب الرقمية"، لافتة الى "اهمية المكتبات ودورها الحيوي في التوعية والتثقيف حيث كانت المدن تتسابق لتشييد مكتبة مركزية حتى أن بعض المدن العالمية شيدت مكتبات عملاقة تضم ملايين الكتب والعناوين".
من جانبه قال الخبير المكتبي حسين الهنداوي في رده على سؤال حول تلكؤ صناعة الكتاب في العراق على الرغم من دخول الطباعة الى البلد في مرحلة سابقة بعام 1887 ، ان "السبب الرئيس لهذا التلكؤ هو ان جميع المطابع في العراق كانت حكومية، وهذا ما جعلها تعمل برتابة وبطء كبيرين كونها تسير وفق النظام الحكومي الجامد"، متابعاً " الآن هنالك ثورة في هذا المجال بعد ان اصبحت هناك مطابع اهلية تعمل بحرية تامة، لكن ما تزال المطبوعات العراقية تعاني من خلل مهم يتمثل في سوء توزيعها حيث تعاني معظم دور النشر من خلل في توزيع مطبوعاتها".
وأضاف الهنداوي أن "وجود مكتبة عربية تنافس المكتبات العالمية بعدد ونوعية المعروضات يعتمد على مدى اهتمام الدولة بالكتاب، وهذا ما تفتقر له الدول العربية التي تعاني من امور عديدة جعلت مكتباتها الوطنية تقبع في ذيل قائمة المكتبات العالمية الابرز"، مؤكداً أن "جميع المعطيات تدل على أن الكتاب الورقي في طريقه نحو الانقراض، وخير دليل على ذلك تراجع اصدار عدد من الصحف الورقية الاوربية الشهيرة بعد أن تكبدت خسائر كبيرة مما دفعها للجوء الى نشر الاعلانات والصور الاباحية لغرض ضمان انتشارها".
بدوره قال نائب الامين العام لاتحاد الناشرين العرب الناشر بشار بشارو عن مدى تأثير التكنولوجيا على المطبوعات الورقية إنه " في السابق كانت الصحيفة المصدر الاول للأخبار حيث يعكف المتابع لمختلف القضايا وخصوصاً السياسية منها على اقتناء الصحف صباح في كل يوم من أجل الحصول على المعلومة التي يريدها"، مشيراً الى أن " في الوقت الحاضر لم تعد الصحيفة كذلك بعد الطفرة الكبيرة في مجال تطوير وسائل المعلومات فقد باتت الوسائل الحديثة خصوصاً الانترنت المصدر الاول لمعرفة كل ما يدور في العالم".
وأضاف بشارو أن "الكتاب مايزال يقف مقاوماً قوياً امام تطور التكنولوجيا للخصائص التي يتمتع بها، وعلينا أن لا ننسى فضل التكنولوجيا على المطبوعات جميعاً حيث ساهمت في تطوير صناعة تلك المطبوعات الى درجة كبيرة خاصة جمالية الغلاف والحرف".
وعن لجوء الناشر الى دور نشر بعيدة عن تخصص اصداراته، أشار نائب الامين العام لاتحاد الناشرين العرب، الى أن "هنالك جوانب عديدة يجب أن تتوفر في بلد الطباعة أهمها وجود حرية رقابية اضافة الى و جود الحرية المالية التي تتمثل بالتعاملات المصرفية في هذا البد"، لافتاً الى "ضرورة وجود حركة دعم لوجستية للمطبوعات في هذا البلد وهذا ما دفع الكثيرين الى التوجه صوب لبنان لطباعة اصداراتهم البلد الذي يتوفر فيه كل ما ذكر".
من جانبه قال الناشر ايهاب عبد الرزاق أن "السبب الرئيس لغياب المطابع الحديثة والمتطورة في العراق يعود الى عدم وجود طلب على الطباعة"، مشيراً الى أن "صعوبة توزيع الكتب العراقية جعل الناشر يضطر لطباعة اصداراته خارج البلاد في بعض دور النشر العربية رغم وجود رؤوس أموال عراقية ترغب في الاستثمار في مجال طباعة لكن هناك تخوفاً من ذلك".
وأضاف عبد الرزاق ان "هنالك أسباباً عديدة تمنع أن يحل الكتاب الالكتروني محل الكتاب الورقي كمادة منهجية أهمها عدم معرفة نسبة كبيرة من المتلقين العرب للاستخدام الالكتروني معرفة تامة اضافة الى أن معارض الكتاب الورقي في الشرق الأوسط لا تزال قبلة للمتلقين والمتعلمين ما يدل على عكس ذلك".
وكانت انطلقت في محافظة أربيل، في، (5 من نيسان 2016)، فعاليات الدورة الـ11 لمعرض أربيل الدولي للكتاب على أرض المعارض الدولية في بارك سامي عبد الرحمن، الذي يستمر لمدة عشرة أيام، بمشاركة 180 دار نشر، برعاية مؤسسة (المدى) للإعلام والثقافة والفنون، وحضور رئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني وشخصيات سياسية وأدبية عراقية وعربية وعالمية، إضافة إلى سفراء ورؤساء بعثات دبلوماسية من مختلف دول العالم.
كما يهدف المعرض الى تحقيق أكثر أشكال التعاون بين الناشرين والمعنيين بالثقافة والكتاب لإيجاد الموارد وتحديد المتطلبات بإيجاد أكبر عدد من المنافذ في كل بلد عربي، وتحويلها الى منطلق مكفول لمؤسسة تتولى توزيع الكتاب ووسائل الثقافة الأخرى، بما لذلك من إسهام في توسيع قاعدة توزيع الكتاب ودعم دوره في التطور المعرفي والارتقاء الاجتماعي.
أرسل تعليقك