القاهرة ـ مينا سامي
سادت الأسواق المصرية حالة من الركود الشديد، في ظل ارتفاع سعر الدولار بشكل مطرد وعدم ثبات الأسعار، على نحو دفع التجار لتخزين بضاعتهم في المخازن، والمواطنين للعزوف عن الشراء في ظل حالة الغلاء المستمرة.وأكد هاني كمال، صاحب متجر هواتف محمولة، في تصريحات إلى "العرب اليوم"، أن زيادة سعر الدولار في الفترة الأخيرة، تسبب في حالة من العزوف الشديد عن شراء الهواتف المحمولة، التي ارتفع سعرها بشكل جنوني، حيث كانت في السابق سهلة الشراء وفي متناول المواطن العادي. وأضاف، أن الوضع الحالي يدفعنا نحن التجار أحيانًا إلى تنحية بعض من بضاعتنا جانبًا، انتظارًا لما سيسفر عنه سعر الدولار، وما سيصل إليه، بخاصة وأنه في رحلة صعود مستمر، بالرغم من هبوطه المفاجئ في الفترة الماضية.
أما محمد السيد، يعمل مديرًا لأحد فروع شركات الأجهزة الكهربائية الكبرى في القاهرة، يقول لـ"العرب اليوم"، إن الأجهزة الكهربائية تعتبر من أكثر السلع تأثرًا بارتفاع سعر الدولار، منذ تعويم الجنيه المصري، بخاصة وأن معظمها يتم استيراده من الخارج. وكشف أن بعض الشركات والموزعين لجأوا إلى حيلة عرض سلعهم الموجودة من قبل في المخازن بالسعر الجديد بداعي ارتفاع تكاليف الاستيراد، في حين أنها موجودة من قبل ارتفاع الأسعار.
وأكد أن هذا الوضع – الذي وصفه – بـ"المؤسف"، تسبب في حالة من الركود الشديد في الفترة الأخيرة من جانب المقبلين على الشراء من المواطنين، في ظل ارتفاع أسعار السلع لأكثر من 100% من سعرها الحقيقي، مع توقعات بانخفاض قيمة الدولار في الأشهر المقبلة، بما يجعل المواطنين ينتظرون لما هو مقبل.
ومن جانبه، أكد الدكتور وجدي نبيل، صيدلي ويمتلك صيدلية بالقاهرة، أن ارتفاع الأسعار بعد تعويم سعر الجنيه لم تسلم منه الأدوية أيضًا، بخاصة وأن العقاقير تحتاج لمواد خام يتم استيرادها من الخارج لعدم تصنيعها في مصر. وأضاف لـ"مصر اليوم"، أن من أهم الأشياء التي ارتفع سعرها بشدة، مستحضرات التجميل، في ظل الضرائب الإضافية التي تم فرضها عليها، باعتبارها سلعًا ترفيهية، ما تسبب في حالة من تراجع بيعها في الفترة الأخيرة.
واستطلع "مصر اليوم"، آراء مواطنين حول تسبب زيادة الأسعار في حالة من الركود بالأسواق ومطالبهم، فقال عماد كامل، موظف بالسكة الحديد، إن زيادة الأسعار المستمرة تسببت في أزمة كبرى لكل منزل مصري، وتحتاج بالتبعية لضرورة زيادة رواتب العاملين في الدولة، لمواكبة هذه الأزمة الحقيقية التي طالت جميع الأسعار، وآخرها مترو الأنفاق الذي كان يُعرف بـ"مترو الغلابة".
ويرى عبد الفتاح نبيل، يعمل بإحدى شركات القطاع الخاص، أن الوضع الاقتصادي حاليًا أصبح في غاية السوء، قائلاً: "راتبي أصبحت قيمته نصف ما كانت عليه، ولا أستطيع شراء ما كنت أشتريه من قبل"، مطالباً بتوقيف التجار الذين يتلاعبون بالأسعار على حساب المواطنين. واعتبرت هناء لطفي، سيدة متزوجة، أن ارتفاع الأسعار في الفترة الماضية دفعها لاستخدام مبدأ "الأولويات" في الشراء، من خلال تحديد ما هو أهم فالمهم، خاصة وأن الرواتب والمعاشات لم تعد تكفي ما كانت تقضيه من قبل، مطالبة الدولة بالنظر للمواطن الغلبان الذي يدفع ثمن أي زيادة باعتباره "الضحية الأولى والأخيرة".
من جهته، قال الدكتور رشاد عبده، الخبير الاقتصادي الدولي، رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية، إنه من المعروف دائمًا أن الغلاء الشديد يدفع المواطنين ذوي الدخل الثابت، لتراجع قدرتهم الشرائية. وأضاف في تصريحات لـ"العرب اليوم"، أن سعر الدولار ارتفع في 3 نوفمبر / تشرين الثاني، ومعه زادت الأسعار بحد أدنى 100%، فضلاً عن وجود تجار جشعين، بما يتسبب معه بالتبعية في أن المواطن أصبح غير قادر على شراء ثلث احتياجاته أو نصفها، فطبيعي أن تقل عملية البيع.
وأشار إلى أن دخل المواطن ينقسم لنوعين، أحدهما نقدي والآخر حقيقي، فالدخل الحقيقي متعلق بقدرته على توفير كافة مناحي الحياة به، كالعلاج وغيره، وهذه القدرة الشرائية ستنخفض، فأحد المعايير التي تجعل العملة تتقدم هي حركة البيع والشراء، ولكن حينما يقل الشراء ويسود الركود، تتراجع العملة. وتابع رشاد عبده: "للمرة الأولى نجد حالة مختلفة أن الطلب يتراجع، والأسعار ترتفع، هي حالة تسمى بـ"الركود التضخمي"، على الرغم من أن قلة الطلب تتسبب في تراجع الأسعار.
وحول سعر الدولار في الفترة المقبلة، قال: "الدولار سلعة مثل أي سلعة، مادام يباع ويشترى، ومن ثم يبقى طوال الوقت عرضة للارتفاع، وبحلول رمضان ارتفعت الحاجة لشراء مستلزماته، وهو ما سيجعل سعر الدولار يرتفع في الفترة المقبلة".
أرسل تعليقك