تطلّعات فيليب هاموند لخفض الدين العام تتعارض مع رغبات الضخ الاجتماعي
آخر تحديث GMT04:32:51
 العرب اليوم -

ميزانية بريطانيا تواجه مأزقًا بسبب فاتورة الخروج عن الاتحاد الأوروبي "بريكست"

تطلّعات فيليب هاموند لخفض الدين العام تتعارض مع رغبات "الضخ الاجتماعي"

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - تطلّعات فيليب هاموند لخفض الدين العام تتعارض مع رغبات "الضخ الاجتماعي"

فيليب هاموند
لندن - العرب اليوم

يعيش وزير المال البريطاني فيليب هاموند في موقف لا يحسد عليه، قبل ساعات قليلة من تقديمه موازنة الخريف يوم الأربعاء المقبل، فبين محاولة إيجاد توازن لإرضاء الشركاء الأوروبيين من أجل دفع «فاتورة مقبولة» لانفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي، وفي الوقت ذاته الحفاظ على بعض «الشعبية المتآكلة» للحكومة الحالية برئاسة تيريزا ماي، يقف هاموند وحكومته وبلاده في «مفترق طرق»، وبعد تصريحات لهاموند وماي، تشير إلى إمكانية زيادة المبلغ المعروض للاتحاد الأوروبي كفاتورة لـ«بريكست»، يتساءل كثير من المراقبين حول كيفية توفير المبالغ الإضافية، خاصة في ظل محاولات هاموند وتعهدات الحكومة بزيادة المبالغ المرصودة للدعم الاجتماعي للمواطنين، على غرار زيادة المعروض الإسكاني والرعاية الصحية، في محاولة لإنقاذ سمعة الحكومة التي تعاني من تراجع بالغ مع ازدياد الضغوط الاقتصادية على البريطانيين، وتراجع القوى الشرائية والنمو.

ويطالب الاتحاد الأوروبي بريطانيا بالتزامات مالية تتجاوز نحو 60 مليار يورو (نحو 70 مليار دولار) لإتمام عملية الخروج، إلا أن بريطانيا كانت ترفض هذه التقديرات منذ استفتاء «بريكست»، وتؤكد أنها «مبالغة». وقبل 10 أيام، أمهل الاتحاد الحكومة البريطانية أسبوعين للرد بشكل واضح على تلك المطالبات، بحسب ما أكد كبير المفاوضين الأوروبيين ميشال بارنييه؛ ما يعني أن على الحكومة الرد يوم الجمعة المقبل، وقبل أيام قليلة، كشفت الصحف البريطانية أن ماي تسعى لزيادة «فاتورة بريكست» التي ينبغي على بلادها دفعها إلى الاتحاد الأوروبي فوق مبلغ 20 مليار جنيه إسترليني (نحو 26 مليار دولار) «الأولي» الذي عرضته حكومتها، وهو مبلغ يقف عند حاجز «الثلث» فقط لما يطالب به الجانب الأوروبي؛ لكن مصادر بريطانية أشارت إلى احتمالية زيادة العرض البريطاني من أجل الوصول إلى «صيغة تفاهم» مقبولة أوروبيا.

وفي منتصف الشهر الماضي، لم تستبعد ماي بشكل تام أن تصل «التزامات بريكست» إلى 60 مليار جنيه إسترليني؛ لكنها أعلنت في الوقت ذاته أن التسوية المالية «الكاملة والنهائية» لخروج بلادها من الاتحاد الأوروبي يجب أن تكون «ضمن الاتفاق النهائي» بين الطرفين، الذي سيشمل «العلاقة المستقبلية» بينهما، واجتمعت ماي الأسبوع الماضي مع زعماء أوروبيين على هامش قمة الاتحاد الأوروبي في غوتنبرغ بالسويد، في محاولة لكسر الجمود بشأن ما يتعين على بريطانيا دفعه لمغادرة الاتحاد خلال 16 شهرا. وتم إبلاغ ماي الجمعة بأن هناك مزيداً من العمل الذي يتعين القيام به لكسر جمود محادثات الخروج من الاتحاد الأوروبي، حيث كُرر التأكيد على موعد نهائي في أوائل ديسمبر (كانون الأول) للمضي قدما في عرض فاتورة الخروج.

وأشار هاموند في تصريحات لشبكة «بي بي سي» إلى أن بلاده ستقدم مقترحات بشأن كيفية تسوية التزاماتها المالية تجاه الاتحاد، قبل اجتماع المجلس الأوروبي الشهر المقبل. كما أوضح في تصريحات أخرى أنه يأمل في الاتفاق «من حيث المبدأ» على العناصر الأساسية لاتفاقية تجارية بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي بعد الانفصال في مارس (آذار) 2019، لكن ماي تتطلع من هاموند لأكثر من العمل على توفير المبالغ المطلوبة لترضية الاتحاد الأوروبي، إذ إنها تنظر في الوقت ذاته إلى الشارع البريطاني الناقم على الوضع الاقتصادي، خاصة من فئة الشباب الذين يمثلون حاليا شريحة لا يستهان بها من الناخبين.

ويعاني الشباب البريطاني على وجه الخصوص من مشكلات اقتصادية متفاقمة، سواء من حيث النقص الحاد في المعروض السكني للطبقات الوسطى وما دونها، وضعف الإنتاجية الذي تعاني منه بريطانيا في ظل تذبذب الجنيه الإسترليني، إضافة إلى جمود الأجور الذي تعاني منه البلاد، تزامنا مع ارتفاع كبير بالتضخم، ولا يبدو في الأفق أن بنك إنجلترا قادر على السيطرة على هذا الوضع في القريب العاجل، ومع تطلعه لبناء نحو 300 ألف مسكن سنويا في المتوسط، ارتفاعا من 200 ألف سابقا، فإن هاموند تعهد في تصريح لصحيفة «صنداي تايمز» أمس، بأنه «سيفعل ما يمكنه، مهما تكلف الأمر» من أجل دفع الشركات والمطورين العقاريين لتنفيذ مشروعات أكثر، من أجل «إتاحة فرصة للشباب للحصول على مسكن، مساوية لتلك التي حظي بها آباؤهم»، كما يسعى هاموند إلى ضخ مزيد من التمويل في قطاع الرعاية الصحية، ومحاولة زيادة الرواتب، إلا أن المتاح من «الفوائض» لا يبدو مناسبا بشدة لمثل تلك الخطوة في الموازنة الحالية، في ظل محاولات تقليص الدين العام، ومما يؤكد ذلك «التعارض» أن هاموند قال، أمس، إن الحكومة وصلت إلى مفترق طرق بعد عام صعب، وإن بريطانيا تقترب من المستوى الذي يمكن أن يبدأ عنده خفض الدين العام، مضيفا: «بعد سنوات عدة كافحنا فيها لخفض العجز (في الموازنة) واستمرت ديوننا في الارتفاع، أعتقد أننا أخيرا أمام مفترق طرق؛ وأتوقع أن تبدأ الديون في الانخفاض». وحدد هاموند لنفسه هدفا يتمثل في خفض الدين كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي.

وأظهرت بيانات مكتب الإحصاء الوطني، الشهر الماضي، وصول إجمالي ديون القطاع العام في بريطانيا إلى 1.78 تريليون دولار حتى نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي، بما يعادل 87.2 في المائة من إجمالي الناتج المحلي لبريطانيا. ومن المتوقع أن يصل الدين العام البريطاني إلى 90 في المائة من الناتج المحلي العام المقبل، بحسب رؤية مكتب الموازنة البريطاني الرسمي، وهو ضعف مستواه قبل 10 سنوات، أي قبل الأزمة المالية العالمية؛ لكن الأرقام ستصدر محدثة بعد غد، بالتزامن مع عرض هاموند لموازنة الخريف، وفي الوقت ذاته، فإن التسريبات حول موازنة هاموند تشير إلى التوجه القوي نحو خفض ضرائب الشركات إلى مستوى 17 في المائة، من مستواها الحالي عند 19 في المائة، وذلك في محاولة بريطانية موازية للحفاظ على مكانة العاصمة كـ«مركز المال والأعمال الأوروبي الأول»، مقابل تردد كثير من المؤسسات الدولية حيال البقاء في لندن بعد «بريكست»، مع فقدان ميزة «الوصول الأوروبي».

وخفضت بريطانيا الضرائب على الشركات بصورة متوالية، على يد وزير المال السابق جورج أوزبرن، من مستوى قياسي عند 28 في المائة عام 2010، من أجل الحفاظ على التنافسية؛ إلا أن كثيرا من الاقتصاديين يرون أن مزيدا من الخفض تحت حاجز 19 في المائة، ستكون مضاره أكثر من فوائده، خاصة أنه لن ينجح في تعويض عجز الموازنة، وفي ظل هذا الوضع الضاغط، يرى كثير من الاقتصاديين أن وزير المال البريطاني لن ينجح بسهولة في الوصول إلى التوازن المطلوب، أو خفض الدين العام بحسب رؤيته في غضون سنوات قليلة، خاصة مع تراجع الإنتاجية في بلاده؛ بينما تصب أغلب ترجيحات المراقبين في أن الاقتصاد البريطاني يتجه خلال الفترة المقبلة لمزيد من الانكماش. 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تطلّعات فيليب هاموند لخفض الدين العام تتعارض مع رغبات الضخ الاجتماعي تطلّعات فيليب هاموند لخفض الدين العام تتعارض مع رغبات الضخ الاجتماعي



هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 16:06 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه
 العرب اليوم - بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه

GMT 03:30 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يطالب بتطبيق القرار 1701 بحرفيته دون إضافات أو تفسيرات
 العرب اليوم - لبنان يطالب بتطبيق القرار 1701 بحرفيته دون إضافات أو تفسيرات

GMT 15:16 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

العلاقة بين الاكتئاب وحرارة الجسم دراسة جديدة تسلط الضوء
 العرب اليوم - العلاقة بين الاكتئاب وحرارة الجسم دراسة جديدة تسلط الضوء

GMT 01:13 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

جيش منظم على الإنترنت ضد "تزوير الانتخابات" يدعمه إيلون ماسك
 العرب اليوم - جيش منظم على الإنترنت ضد "تزوير الانتخابات" يدعمه إيلون ماسك

GMT 10:59 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حمية مستوحاة من الصيام تدعم وظائف الكلى وصحتها

GMT 08:56 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

هجرات جديدة على جسور الهلال الخصيب

GMT 17:12 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 31 شخصا على الأقل في هجمات إسرائيلية في قطاع غزة

GMT 03:11 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الخطوط الجوية الفرنسية تعلق رحلاتها فوق البحر الأحمر

GMT 22:38 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 5.2 درجة على مقياس ريختر يضرب شمال اليونان

GMT 17:36 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة 32 جنديا بينهم 22 في معارك لبنان و10 في غزة خلال 24 ساعة

GMT 01:36 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

الدولة الفلسطينية

GMT 09:18 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

هيدي كرم تتحدث عن صعوبة تربية الأبناء

GMT 15:09 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

توتنهام يتأخر بهدف أمام أستون فيلا في الشوط الأول

GMT 11:18 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

رامي صبري يُعلق على حفلته في كندا

GMT 04:13 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يعرب عن «صدمته» إزاء المعارك في وسط السودان

GMT 21:38 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

هاريس تتعهد بالعمل على إنهاء الحرب في الشرق الأوسط
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab