تحسن أداء الليرة التركية مقابل الدولار نسبيًا بعد قرار البنك المركزي اعتماد سعر إعادة الشراء لمدة أسبوع واحد (الريبو) ليصبح سعر الفائدة الرئيسي. كما بدأت الحكومة تحركات في أوساط المستثمرين لتهدئة مخاوفهم من التقلبات الحادة في سعر صرف العملة المحلية أمام العملات الأجنبية خلال الفترة الأخيرة.
واستعادت الليرة التركية نحو 0.3% من قيمتها مقابل الدولار في تعاملات، الثلاثاء، بعد يوم واحد من إعلان قرار البنك المركزي تبسيط سياساته النقدية، وتراوح سعر الليرة أمام الدولار عند معدل 4.62 ليرة للدولار بعد ارتفاعه في تعاملات بداية الأسبوع، الإثنين، إلى 4.58 ليرة للدولار.
وقرر "المركزي" التركي، الإثنين، استكمال عملية تبسيط السياسة النقدية ضمن تدابيره المتتابعة لوقف تدهور الليرة، وأعلن أن سعر إعادة الشراء لأجل أسبوع (الريبو) سيصبح سعر الفائدة الرئيسي، وذلك عند مستوى مساوٍ لسعر التمويل الحالي البالغ 16.5%. وجاءت هذه الخطوة بعد خطوتين سابقتين اتخذهما البنك الأسبوع الماضي، أولاهما رفع الفائدة من نافذة الإقراض الطارئ بواقع 300 نقطة أساس، ليرتفع سعر الفائدة الأساسي من 13.5 إلى 16.5% في مسعى لدعم الليرة المتهاوية، والثانية طرح تسهيلات جديدة للبنوك في ما يتعلق بتسديد قروض إعادة الخصم المسحوبة قبل 25 مايو /أيار الجاري، والمستحقة حتى 31 يوليو /تموز المقبل، على التصدير وخدمات عائدات النقد الأجنبي.
وذكر البنك أنه في حال سداد تلك القروض في موعدها المحدد، سيتم احتساب سعر صرف الليرة التركية مقابل الدولار عند 4.2 ليرة، واليورو عند 4.9 ليرة، والجنيه الإسترليني عند 5.6 ليرة.
وأضاف البنك في بيان، أول من أمس، أنه سيبدأ العمل بالنظام الجديد في أول يونيو (حزيران) المقبل، وسيتحدد سعر الاقتراض والإقراض لأجل ليلة في حدود 150 نقطة أساس تزيد أو تقل عن سعر إعادة الشراء.
وارتفعت العملة التركية إلى 4.6070 ليرة للدولار بعد الإعلان من مستوى إغلاق يوم الجمعة (نهاية الأسبوع الماضي) البالغ 4.7052، لكنها تظل منخفضة بنسبة 18% منذ بداية العام.
واعتمد البنك المركزي لسنوات نظامًا معقدًا لأسعار فائدة متعددة ذكر خبراء أنه يحد من إمكانية التنبؤ بالسياسة النقدية، كما واجه بشكل مستمر ضغوطًا من الرئيس رجب طيب أردوغان لخفض أسعار الفائدة التي يعدها إردوغان "سبب كل الشرور".
وحث الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الأتراك على تحويل مدخراتهم من الدولار واليورو إلى الليرة، في محاولة للمساعدة في دعم العملة أمام ما سماه "مؤامرات على سعر صرف العملات الأجنبية". وفي مسعى لطمأنة المستثمرين للوضع الاقتصادي في تركيا رغم التقلبات الحادة في سعر الصرف، التقى نائب رئيس الوزراء التركي للشؤون الاقتصادية محمد شيمشك، ومحافظ البنك المركزي، مجموعة من المستثمرين في لندن.
وسيسعى شيمشك وشتينكايا إلى طمأنة المستثمرين بشأن اتجاه السياسة النقدية بعد أن فقدت الليرة التركية نحو 21% من قيمتها منذ بداية العام بسبب المخاوف من ضغوط وتأثير الرئيس إردوغان على السياسة النقدية والتدخل في عمل البنك المركزي. وتعزو أنقرة تراجع سعر الليرة إلى "مؤامرة" يقوم بها لاعبون محليون وأجانب في سوق التمويل ويريدون زعزعة استقرار الاقتصاد التركي.
وحذر أردوغان القطاع المالي من أنه "سيدفع ثمنًا باهظًا " إذا أصبح جزءً من "التلاعب" في الأسواق.
وتدهورت الليرة، بشدة الأسبوع الماضي، على خلفية تعليقات لإردوغان أكد فيها رغبته في إعطاء الأهمية للسياسة النقدية إذا ما أعيد انتخابه في 24 يونيو/حزيران المقبل. وعبّر مراقبون للتطورات الاقتصادية في تركيا عن اعتقادهم أن ارتفاع قيمة الدولار واليورو "اصطناعية" سببها الضغط الاقتصادي للقوى الأجنبية، وأنه قبل خمسة إلى عشرة أيام من الانتخابات ستعاود الليرة ارتفاعها بقوة.
وخفف أردوغان من ضغوطه على البنك المركزي بعد قراره، الأربعاء الماضي، برفع سعر الفائدة الرئيسي، قائلاً إن تركيا ستواصل التمسك بالمبادئ الدولية على صعيد السياسة النقدية... لكنه استدرك: "لن نترك هذه المبادئ تقضي على بلادنا".
وسيلتقي شيمشك وشتينكايا في لندن، 90 مدير محفظة، ومديرين تنفيذيين ومحللين على مجموعات. وقال شيمشك عبر حسابه على "تويتر": "نبذل جهوداً مكثفة للحفاظ على سياستنا النقدية واتخاذ خطوات حاسمة من أجل الحفاظ على قصة نجاحنا الطويلة".
و بحث الرئيس التركي مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في اتصال هاتفي، أمس، التسريع باستخدام العملتين المحليتين في المبادلات التجارية بين البلدين، كما سبق الاتفاق على ذلك منذ أشهر، في خطوة إضافية لتخفيف الضغوط على الليرة.
وواصل أردوغان، في مؤتمر شعبي في إسطنبول، الثلاثاء، موقفه المتشدد إزاء رفع أسعار الفائدة التي يصف نفسه بأنه "عدو لها"، قائلًا إن "الوطنية تقتضي رفع مستوى الدخل القومي، وتوزيع الأموال التي تذهب للفائدة على الشعب، عن طريق الاستثمارات والمساعدات الاجتماعية".
أرسل تعليقك