الخرطوم - محمد إبراهيم
أعلنت حكومة الخرطوم بصورة رسمية أنها سترفع الدعم عن السلع كافة وتحريرها بشكل كامل، تزامنًاً مع زيادة في الأجور المُرتقبة مع طرح فرص توظيف جديدة في مشروع موازنة الدولة للعام المالي 2017.
وقال وزير المال السوداني، بدر الدين محمود في اجتماع لوزراء المالية وكبار مساعديهم في الولايات بشأن موجهات الموازنة المقبلة في قاعة الصداقة في الخرطوم أمس "السبت" إن الدولة ستخرج نهائيًا من سوق القمح والدقيق، وتفتح باب الاستيراد الحر دون إلزام الجهات الموردة بمواصفات، مؤكدًا عدم تدخل الدولة في صناعة وتجارة الخبز، وتحديد الدولة لوزن محدد لـ"قطعة" الخبز..
وأكد الوزير أن الحكومة ملتزمة بمراجعة سياسات الأجور ومعالجة الفجوة بينها والأسعار، بجانب ضبط الفصل الأول ومنع الترهلات فيه، مشددًا على تمسك الدولة باستمرار الصرف على تقوية الأجهزة الأمنية والدفاعية، ومشيرًا إلى تواصل السعي إلى إزالة التشوهات في الموازنة الجديدة بالمزيد من تحرير السلع، ومنوهًا للمكاسب التي تحققت بتحرير عدد من السلع.
وعدَد الوزير التحديات التي تواجه الموازنة الجديدة وأهمها الآثار السالبة للحصار الاقتصادي، والديون الخارجية وتأثير انفصال الجنوب على القطاع الخارجي، بجانب انخفاض أسعار السلع في السوق العالمية وتراجع أسعار البترول عالميًا وتأثيره على النمو في السودان، مبينًا أن الموازنة للعام الحالي تجاوزت الكثير من العقبات، بفقدان رسوم عبور بترول جنوب السودان،وتدني إنتاج البترول السوداني من 90 ألف برميل بدلًا من 130 ألف برميل، وكذلك فقدان التحويلات الخارجية التي تقدر بأكثر من 400 مليون دولار
.
وقال وزير المال إن موازنة العام الحالي 2016، حققت استقرارًا ماليًا، في جانب الوفاء بالمرتبات وتحويلات الولايات بنسبة 100% وسداد التسيير في وقته بجانب الالتزام بالصرف على المنافع الاجتماعية، مؤكدًا جدية الدولة في تأمين مقومات العيش الكريم للمواطن وتوفير السلع الأساسية وتنظيم السوق ومحاربة الإحتكار والإغراق، من خلال تنظيم الأسواق بضوابط قانونية وليست إدارية.
وشهدت العاصمة الخرطوم وعدد من عواصم الولايات السودانية في سبتمبر/أيلول من العام 2013 إبان رفع الحكومة الدعم عن المنتجات البترولية إحتجاجات وتظاهرت عنيفة سقط خلالها أكثر من 200 شخص وفق منظمة العفو الدولية، في حين أكدت الحكومة السودانية أن عدد القتلى لم يتجاوز 85 شخصًا.
ويري مراقبون اقتصاديون أن حديث وزير المال بتحرير السلع يأتي تماشيًا مع الخطوات التي إتخذتها السودان في سبيل إنضمامه لمنظمة التجارة العالمية التي تشترط تحرير السلع والسوق بشكل كامل، مُشيرين إلى أن الخطوات العملية لانضمام السودان لمنظمة التجارة العالمية بدأت في شهر سبتمبر/أيلول الماضي باستلام الوثيقتين الاساسيتين علي أن تُسلم الوثيقة الثانية والثالثة بنهاية العام الجاري على أن تكون بداية التفاوض في الربع الاول من العام 2017م في وقت يتواصل فيه الحوار مع كل الدول الاعضاء في جنيف وعلى المستوى الثنائى، ووفق خارطة الطريق التى وضعتها منظمة التجارة العالمية فان مسار انضمام السودان للمنظمة سيكون بنهاية العام 2017 اذا تم التفاوض بصورة جيدة وسلسة.
وكشف الخبير الاقتصادي عبدالقادر الفاضل لـ "العرب اليوم" أن خطوات انضمام السودان لمنظمة التجارة العالمية تتطلب أهمية تهيئة قطاعات الاقتصاد لمواكبة الانضمام لمنظمة التجارة العالمية، مؤكدا على اهمية دور القطاع الخاص في مسأله الانضمام واعداد الوثائق والاستفادة من الامتيازات التى يمكن ان يستفيد منها السودان عند الانضمام، ونوه إلي أن عملية الانضمام للمنظمة أمر شاق ومعقد، لأنه يواجه بضرورة التقدم التقني والكفاءة الاقتصادية والارتقاء بمستوى قطاع الخدمات إلى المعايير العالمية
وأشار إلي أن هذه المعايير لاتتوفر بصورة كبيره حتي الأن، وحذر الفاضل من الأثار السالبة على القطاع الخاص والصناعات الصغيرة في البلاد حال لم يتم تهيئتها بالصورة المطلوبة قبيل الإنضمام للمنظمة ماينذر بفقدناها وعدم منافستها للسلع العالمية.
ويرى اقتصاديون أخرون ضرورة إجتهاد الحكومة السودانية خلال الفترة المُقبلة لتسريع خطوات انضمام السودان إلى منظمة التجارة العالمية لما ستحققه من فوائد بعيدة المدى وتحمل الاثار السالبه على المدى القصير لتحقيق الهدف المنشود ودعوا إلى تنفيذ البرنامج الإقتصادي الخماسي الذي أقر رفع الدعم عن السلع تدريجيًا وتطبيقه بصورة كاملة حتي نهاية العام 2019.
أرسل تعليقك