دمشق - خليل حسين
سَجَّلَت الليرة السورية انخفاضًا جديدًا على قيمتها أمام الدولار الأميركي خلال اليومين الماضيين، وذلك بعد أن شهدت استقرارًا نسبيًا منذ مطلع الشهر الجاري، في وقت واصل مصرف سورية المركزي ممثلًا في الحاكم أديب ميالة تحذيره وتهديده بمحاسبة المضاربين وتجار السوق السوداء وتكبيدهم خسائر كبيرة.
وشهدت أسعار صرف الدولار أمام الليرة في تعاملات السوق غير النظامية السوداء وتعاملات الأوساط التجارية أمس ارتفاعًا ليصل سعر صرف الدولار إلى 500 ليرة سورية وذلك بعد خمسة أيام على القرار الذي أصدره الرئيس السوري بشار الأسد برفع مستوى التعويض المعيشي الشهري لموظفي ومتقاعدي القطاع العام والعسكريين في الجيش بمبلغ 7500 ليرة على ان يصرف بداية الشهر المقبل.
وتوقع محللون اقتصاديون أن يطرأ انخفاضًا جديدًا لقيمة الليرة السورية مطلع الشهر القادم فور البدء بصرف التعويض المعيشي مستندين في تحليلاتهم على ارتفاع القوة الشرائية للسوريين الذين سيبادرون حسب التوقعات إلى شراء الدولار من السوق السوداء الأمر الذي من شأنه زيادة الطلب على الدولار وبالتالي عودة المضاربة بشكل كبيرة غلى السوق واستلام التجار زمام المبادرة في السوق.
مصرف سورية المركزي كعادته اتهم الصفحات الإلكترونية بالعمل على تضليل السوق بأسعار صرف وهمية ولا سيما قبل عيد الفطر السعيد حيث يزداد الطلب على القطع الأجنبي مؤكدا في بيان أصدره اليوم بأنه يعمل على مدار الساعة لإفشال مخططاتهم والحفاظ على استقرار سعر الصرف، وتحسبًا للانخفاض المتوقع لقيمة الليرة السورية أعلن "المركزي السوري" عزمه بيع قطع أجنبي يعادل ما يباع عادة خلال ثلاثة أيام، متوقعًا حصول انخفاض في سعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية.
ونفى صحة ما يشاع عن وقف المصرف التدخل في سوق القطع الأجنبي، مؤكدا أنه مستمر بالتدخل في سوق القطع عند سعر صرف يبلغ 470 ليرة للدولار، وأشار المركزي إلى أنه مستمر بتطبيق مختلف أدوات السياسة النقدية التقليدية وغير التقليدية والتي من أهمها التدخل المباشر في السوق وإدارة السيولة لضبط الطلب على القطع الأجنبي وتحقيق استقرار نسبي بسعر الصرف"، معتبرًا أن استمراره بالتدخل لما يقارب خمسة الأسابيع” سينعكس إيجابا على أسعار السلع والمواد في السوق.
وحذر المصرف من أن بعض ضعاف النفوس يحاولون الترويج لأسعار صرف وهمية لا يتم التداول الفعلي عليها بغية دفع السوق للارتفاع وخلق طلب وهمي” داعيا السوريين إلى عدم الانجرار وراء هذه الأسعار لأن المركزي مستمر بزيادة المعروض من القطع الأجنبي ولا مبرر منطقيا لهذا الارتفاع، وجدد المركزي السوري تأكيده على أنه بات "اللاعب الأساسي في تحديد حجم العرض والطلب على القطع الأجنبي في السوق وذلك من خلال إجراءاته الأخيرة في ضبط السيولة وزيادة المعروض من القطع في السوق".
وشهد شهر أيار / مايو الماضي انخفاض قيمة الليرة السورية إلى مستويات قياسية حيث خسرت أكثر من 92 بالمئة من قيمتها بعد أو وصل سعر الصرف إلى 670 ليرة سورية للدولار قبل أن يتدخل المصرف المركزي بإجراءات وصفت بأنها "خاصة" حيث تمكن المصرف خلال أقل من 10 أيام رفع سعر الليرة السورية إلى 310 ليرات مقابل الدولار لمدة يوم واحد قبل أن يعود الدولار للارتفاع ويبقى عن حدود 450 ليرة وترافق ذلك مع قيام المصرف المركزي برفع سعر صرف الحوالات المقبلة من الخارج إلى 520 ليرة في محاولة منه لجذب أكبر مبالغ ممكنة من الدولار إلى خزينته.
رفع سعر صرف الحوالات الذي يبلغ حاليًا 480 ليرة ساهم بحسب رئيس حكومة تسيير الأعمال وائل الحلقي بضخ ملايين الدولارات في حساب المصرف المركزي الذي قارب على الانهيار بحسب تقرير نشره أعلن البنك الدولي في 21 نيسان / أبريل الماضي الذي تحدث عن انهيار احتياطي المصرف المركزي السوري من العملات الأجنبية بحيث تراجع من 20 مليار دولار قبل الأزمة، إلى 700 مليون دولار الأمر الذي وضعه مصرف سورية المركزي في سياق الحملة الإعلامية الشرسة ضد الاقتصاد السوري حيث نفى كل ما تم تداوله حول موضوع الاحتياطيات السورية من النقد الأجنبي، واصفا إياه بـ"عار عن الصحة"، وهدفه إثارة الشكوك والمخاوف والنيل من صمود الشعب السوري وإعطاء ذريعة للمضاربين لتحقيق مكاسب غير مشروعة.
استمرار مصرف سورية المركزي بصرف الحوالات الخارجية بقيمة تزيد عن سعر السوق السوداء بعد ان كانت في فترات سابقة أقل منها بحوالي 100 ليرة سورية اعتبره محللون اقتصاديون مؤشرا على انخفاض الاحتياطي من القطع الأجنبي لدى سورية الأمر الذي يراهن عليه العديد من اصحاب شركات الصرافة الذين تحدثوا للعرب اليوم بالقول "لن يستطيع المصرف المركزي الاستمرار بهذه الأسعار وسيضطر أمام نقص السيولة وارتفاع العجز في الموازنة بشكل كبير ليصل إلى 20% في 2015 مع توقعات بأن يصل إلى 18% خلال 2016 إلى تخفيض سعر صرف الحوالات قريبًا جدًا".
وتحدث عدد من اصحاب شركات الصرافة عما وصفوه بأنه خطة من الحكومة السورية والمصرف المركزي لن تزيد مدتها عن بضعة اشهر يتم خلالها تخفيض سعر صرف الدولار خلال فترة تسويق محصول القمح بهدف طمأنة المزارعين لبيع محصولهم إلى مؤسسة الحبوب على أن يتم رفع الأسعار في وقت لاحق إلى مستويات قياسية جديدة ليتمكن المصرف المركزي من المضاربة في السوق وتحقيق أرباح إضافية من شأنها زيادة السيولة المالية لديه سواء من الدولار أو الليرة السورية.
الأمر الملاحظ أن ارتفاع سعر صف الدولار في السوق السورية خلال اليومين الماضيين ترافق بتخفيض متعمد من قبل الحكومة لسعر غرام الذهب حيث انخفض سعر غرام الذهب اليوم إلى 17200 ليرة بعد أن كان 17700 ليرة الأمر الذي رأى فيه العديد من الخبراء الاقتصاديين محاولة حثيثة لدفع السوريين إلى شراء الذهب بدلا من الدولار بهدف تخفيف حدة الطلب على الدولار في السوق السوداء والإبقاء على حالة الجمود لمنع امتصاص ما ضخه المصرف المركزي في السوق خلال الأيام القليلة الماضية ليعطي الثقة مجددا بان سوق القطع الأجنبي بات في قبضة مصرف سورية المركزي وأنه أضحى المحدد الوحيد لسعر الصرف في السوق.
أرسل تعليقك