الرئيس الفرنسي السابق نيكولاس ساركوزي
باريس ـ مارينا منصف
استحضر إلى الأذهان صورة الرئيس الفرنسي الراحل شارل ديغول، عندما قال "إنه وعلى الرغم من عدم رغبته في العودة إلى عالم السياسة من جديد، إلا أنه "قد يضطر" إلى العودة بسبب فشل وإخفاقات الرئيس الفرنسي الاشتراكي الحالي فرانسوا هولاند، الذي هبطت شعبيته
ووصلت نسبة 37 % وهو معدل قياسي، وذلك في الوقت الذي يواصل فيه الاقتصاد الفرنسي ركوده".
يذكر أن ساركوزي ، وهو من الجناح اليميني المحافظ ، والذي يبلغ من العمر (58 عامًا) ، قد خسر في انتخابات الرئاسة التي جرت في آيار/مايو الماضي أمام الرئيس الحالي هولاند . وقال في حديث أدلى به إلى مجلة "فالور أكتويل" المتخصصة في شؤون الساعة ، لعله من سوء الطالع أن تجد نفسك أمام سؤال يقول : هل من خيار أمامك؟. وقال أيضا "أنا لا أستطيع أن أخاطب نفسي وأقول أنني سعيد بحياتي وأنا اصطحب ابنتي إلى المدرسة وأشارك في العديد من المؤتمرات بكافة أنحاء العالم".
وأضاف قائلا "إنه في مثل هذه الأحوال سوف يضطر إلى العودة إلى السلطة من جديد ليس لأنه يحب ذلك ولكن الواجب يحتم عليه ذلك من أجل فرنسا وحدها لا غير".
هذا و تسود الأوساط الفرنسية تكهنات بأن ساركوزي قد يعود للمنافسة في انتخابات الرئاسة الفرنسية القادمة عام 2017 ، وقد زادت هذه التكهنات على مدى الأشهر القليلة الماضية.
ويشار إلى أن ساركوزي لا يزال يحظى بشعبية داخل حزب الاتحاد من أجل الحركة الشعبية الذي يمثل يمين الوسط في فرنسا، والذي يناضل في الوقت الراهن من أجل إيجاد خليفة مناسب لساركوزي. وكانت السيدة بيرناديت شيراك زوجة الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك قد انضمت خلال الشهر الماضي إلى الدعوات التي تطالب بعودة نيكولاس ساركوزي لزعامة الحزب.
وكان الذي وزير الخارجية الفرنسي السابق آلين جوبيه في عهده قد قال خلال الشهر الماضي "إنه وعلى الرغم من أنه ليس في موقف يسمح له بالحديث نيابة عن ساركوزي إلا أنه يشعر بأن ساركوزي يرغب في خوض انتخابات الرئاسة".
وحتى الآن يلتزم ساركوزي الصمت بشأن طموحاته في العودة للمنافسة على منصب الرئاسة من جديد، ولايزال يواصل نشاطه في إلقاء المحاضرات بالمؤتمرات العالمية مثلما يفعل توني بلير رئيس الوزراء البريطاني الأسبق.
بينما يسعى ساركوزي إلى استحضار روح الجنرال شارل ديغول الزعيم الفرنسي الذي قاد فرنسا في أعقاب الحرب العالمية الثانية وحتى أواخر الستينات من القرن الماضي.
المعروف عن ديغول أنه كان يستحوذ عليه الإحساس بالواجب نحو بلده وأنه كان يضحي بطموحاته الشخصية من أجل صالح وطنه.
لكن ساركوزي بحجمه الضئيل مقارنة بالعملاق ديغول الذي كان يبلغ طوله 193 سم، لم يكن يحظى يومًا ما بأي من سمات التوقير التي كانت يتمتع بها ديغول التي كانت تهيمن على أوروبا خلال فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية.
كما أن صورة ساركوزي لا تتأُثر فقط بقضايا الفساد التي تحاصره، وإنما تعاني أيضا من انخفاض حاد في شعبيته داخل قطاعات ضخمة من المجتمع الفرنسي.
و يشار إلى أن ساركوزي وزوجته الثالثة كارلا بروني التي كانت تعمل يوما ما عارضة أزياء شهيرة ، يعيشان الآن في وسط باريس مع طفلتهما الصغيرة جيويليا التي تبلغ من العمر 17 شهرًا. والواقع أن عبارة "اصطحاب ابنتي إلى المدرسة" التي صرح بها في حديثه مع المجلة تتناقض تماما مع عمرها الحالي.
وكانت شرطة مكافحة الفساد قد اقتحمت بيته خلال العام الماضي بخصوص القضية المعروفة باسم قضية "بيتينكورت" التي يقال "إنه تلقى منها أموالا نقدية غير مشروعة من وريثة مصانع لوريل السيدة ليليانس بيتينكورت لدعمه في حملته الانتخابية وذلك مقابل منحها لاحقا خصومات وإعفاءات ضريبية". وكانت مجلة فوربس الشهيرة قد ذكرت أن بيتينكورت هي أغني امرأة في العالم حاليا.
وقد أنكر ساركوزي مثل هذا الاتهامات، ولكن الإدعاء يعتبره حاليا شاهد جوهري في إحدى الجرائم المرتبطة بالفضيحة.
ومن بين الاتهامات التي تحاصره الزعم بأنه قبل على نحو غير مشروع ملايين الجنيهات الإسترلينية نقدا من الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي.
وقد فقد ساركوزي الحصانة الرئاسية التي كان يتمتع بها أمام المدعي العام الفرنسي وذلك في أعقاب خسارته في الانتخابات الماضية أمام فرانسوا هولاند.
وحتى لو قرر خوض انتخابات الرئاسة المقبلة فإن عليه أن يتخطي أولا عقبة زوجته التي قالت صراحة "إنها لا ترغب في عودته مرة أخرى إلى عالم السياسة والرئاسة".
أرسل تعليقك