ازدادت التحذيرات من انتشار نبتة زهرة النيل في المياه والأراضي الزراعية العراقية، مؤخراَ بعد تسليط الضوء عليها من قبل المعنيين بالشأن، ومدونين عبر مواقع التواصل الاجتماعي لتؤدي الى تشكيل رأي عام حول انتشارها والمخاطر التي قد تنجم عنه في حال اهملت عملية مكافحتها, حيث ساهم ازدياد التحذيرات في تفاقم المخاوف وذكر بأزمة سد الموصل التي "هوّلت" بشكل كبير منتصف العام الجاري.
ووصفت النبتة بـ"الداعشية"، و"السامة" لتقريب فهم المخاطر التي قد تسببها وتسير الرأي العام للوقوف بوجهها، الأمر الذي نجح فعلاً بالرجوع الى الحملات التي نظمت للقضاء عليها، وصولاً الى دعوة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أنصاره الى محاربتها بشكل سريع.
زنشروزير الموارد المائية الجديد حسن الجنابي عبر صفحته الشخصية في الـ"فيسبوك"، تحذيراً بين فيه أهمية بذل الجهود في سبيل إيقاف انتشارها في انهار وقنوات وسواقي البلاد، قبل التفكير بالمسؤوليات والاسباب وسبل المعالجة, وكتب "لن اكف عن التنبيه، الى خطورة نبتة زهرة النيل التي انتشرت في انهار وقنوات وسواقي بلدنا وادعو الجميع الى بذل مساعيهم للتخلص منها"، داعياً الى " انقاذ الاهوار والانهار والاراضي من هذه الكارثة".
ووجه الجنابي ندائه الى "المواطنين قبل المسؤولين ولطلاب المدارس والجامعات وسكان المدن والقرى وقادة المجتمع والنشطاء بوجوب ايقاف انتشار هذا الوباء البيئي، قبل التفكير بالمسؤوليات والاسباب وسبل المعالجة"، مشيراً الى ان " الآليات لا تنفع في كل الاماكن وقد اوقفت عملها على حواف الاهوار لعدم فاعليتها ولان الحاجة هي الى جهد بشري ويدوي حاليا (زوارق وعمال ومتطوعين)".
وأضاف، " اعرف ان هناك محاولات وتجارب لمكافحة النبتة بيولوجيا لكن الكارثة أكبر من هذا، مئات بل آلاف السواق والعاملين والحراس لم تدفع لهم رواتب منذ شهور وهذه مشكلة كبرى سأبذل كل جهدي من اجل حلها بأقرب فرصة، وهنا فهم مدعوون الى عدم التكاسل والتراجع عن عملهم بسبب ذلك رغم حراجة الوضع".
وعدت لجنة الموارد المائية النيابية مخاطر النبتة بأنها "أكبر من قدرات الوزارة"، وتحتاج الى جهود شعبية للقضاء عليها، لافتة الى ان الوضع الذي تعيشه البلاد ساهم في اهمال مكافحة النبتة، وانتشارها, وقال عضو اللجنة محمد المسعودي ان "الوضع غير المستقر في العراق ساهم بشكل أو بآخر في عدم الحؤول دون انتشار نبتة زهرة النيل، ما يتطلب جهوداً شعبية ومجتمعية الى جاني الجهود الحكومية للتخلص منها"، مشيراً الى ان "العراق بحاجة ماسة الى المياه التي ستؤثر عليها النبتة في الاهوار وباقي المسطحات المائية والانهار", وأضاف، أن "نسبة انتشار النبتة في بعض الاهوار بلغت 30.5% من مساحة 110 كم2 تنتشر عليها الاهوار"، موضحاً ان "من اثار هذه النبتة استهلاك كميات كبيرة من الماء عبر ابتلاعها، والقيام بعملية النتح".
وأشار الى ان "مكافحة النبتة تحتاج الى وفرة مالية، وجهود مجتمعية وعلى مستوى منظمات المجتمع المدني، لكونها تفوق قدرات الحكومة ووزارة الموارد المائية"، منوهاً الى ان "العديد من الحملات نظمت حول الموضوع، وأقيمت الورشات للتوعية من قبل الوزارة وغيرها، لكن اغلب الجهود ظلت نظرية ولم تقدم الشيء الملموس على ارض الواقع".
وتنتشر النبتة في اكثر من 70 بلداً بضمنها العراق الذي دخلت اليه أواسط الثمانينات، واتخذت حينها بعض الاجراءات لمكافحته لكنه وبسبب طبيعة نموه وانتشاره لم يتم التخلص منه بشكل نهائي وعادت المشكلة من جديد في السنوات الاخيرة.
وتعد زهرة النيل من النباتات المعمرة وتتميز بكونها عريض الاوراق ومن الادغال المائية الطافيةFlooding Weed اذ تعوم على سطح الماء بواسطة طوافات تنشرها على سطح الماء وسيقانها قصيرة طافية عادة ولكنها قد تكون مجذرة في الطين عندما يكون عمق الماء ضحلا وقد تكون رايزومية او مدادة.
وعن الاضرار الناجمة عن زهرة النيل على الموارد المائية فإنها تأتي في الترتيب الاول من بين اخطر عشرة ادغال في العالم، ويسبب خسائر اقتصادية كبيرة وعند انتشاره في مياه السدود وخزانات المياه يسبب فقدانا كبيرًا في كميات المياه عن طريق (النتح) المتبخر من اسطح اوراقه وبمقدار 3,2 – 3,7 مرة بقدر الماء المفقود من سطح المياه الخالية من النبات ويسبب هذا المعدل خسائر مائية بمقدار 18375 مترا مكعبا / هكتار خلال ستة شهور.
وتتراكم اوراق وجذور نباتات عشبة النيل بسمك قد يصل الى اكثر مـــن 1 - 3 متر سنويا وتكلف ازالته ميكانيكيا مبالغ طائلة اضافة الى تأثيره السلبي على السدود والجسور خاصة في اوقات الفيضانات ويؤدي الى انسداد مضخات الماء وتعطيلها وهو ايضا مأوى للحشرات التي تنقل مسببات الامراض التي تصيب الانسان والحيوان.
وعلى الرغم من الاضرار المبينة آنفا الا انه يمكن الاستفادة من هذا النبات في تغذية الحيوان لكونه غنيا بالبروتين، وبعض العناصر المعدنية كوسط لزراعة فطرMushroom) ) الا ان اضراره الكبيرة تحتم مكافحته اينما وجد.
وتعتمد طرق مكافحة النبتة ثلاثة مسارات أساسية "وقائية، وميكانيكية، وحيوية، والمكافحات الكيمياوية"، حيث تتمثل الأولى في "التعريف بهذا الدغل والتوعية من خلال وسائل الاعلام والتأكيد على عدم اكثاره كنبات زينة وتشجيع المواطنين والمزارعين والفلاحين وصيادي السمك على جمع نباتات عشبة النيل واتلافها والتطبيق الشامل لقوانين الحجر الزراعي وتحليل مكونات النبات ودراسة امكانية استعماله لتغذية الحيوانات", أما الطرق الميكانيكية فتتمثل بـ"استغلال القوى الطبيعية (الفيزيائية) باستخدام تقنيات المكافحة الميكانيكية وتشمل اما ازالته يدويا واتلاف النبات بالتجفيف او الحرق او بواسطة الشباك او استعمال السلاسل المسحوبة بواسطة (تركترات وبلدوزرات) لتنظيف قنوات الري والبزل او تغطيته بالبلاستك الاسود لحجب الضوء حيث ان النبات يتأثر بتقليل الاضاءة تحت مستوى 500 شمعة / قدم وتموت عند انخفاضها الى اقل من 130 شمعة / قدم", فيما يأتي الطريقتين الحيوية في "استخدام عوامل المكافحة الاحيائية وخصوصا الحشرات في مكافحة الادغال الأرضية"، والمكافحات الكيمياوية بـ "استخدام مبيدات الادغال الكيمياوية Herbicides))"، والتي تعد أسهل واسرع ويبقى تأثيرها لفترة اطول وباقل كلفة.
أرسل تعليقك