بدأ نحو ستة ملايين ناخب في هندوراس، الإدلاء بأصواتهم الأحد، لاختيار رئيس لهم في اقتراع مثير للجدل، ويأمل فيه رئيس الدولة الحالي اليميني خوان أورلاندو إيرنانديز بالفوز فيه على الرغم من حظر الدستور ذلك، لكن رئيس المحكمة الانتخابية العليا ديفيد ماتاموروس، قال بعد فتح مراكز الاقتراع صباح الأحد، بلغة يغلب عليها التفاؤل "ننتظر أن تكون (الانتخابات) احتفالا مدنيًا".
وأدلى الرئيس بتصريحه في الساعة السابعة صباحًا بعيد فتح مراكز الاقتراع، التي أغلقت عند الساعة الرابعة بعد الظهر، رغم أنها تبقى مفتوحة عادة لساعة إضافية، وتسمح سبع مدن أميركية للمغتربين من هندوراس بالتصويت.
ويمنع الدستور، الذي أقر في 1982 إعادة انتخاب أي رئيس، لكن الحزب الوطني الحاكم الذي يسيطر على السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية يؤكد أن تفسيرًا لنص الدستور من قبل المحكمة العليا يسمح بتجاوز هذا الحظر، فيما ترى المعارضة في ذلك "مناورة"، وتقول إن السلطة القضائية لا تملك "هذه الصلاحية".
وفي هذا البلد الفقير الواقع في قلب "مثلث الموت" في أميركا الوسطى، يعيد أي توتر إلى الأذهان ذكرى انقلاب 2009، ففي تلك السنة أطاح الجيش بدعم من اليمين وعالم الأعمال بالرئيس مانويل زيلايا بعد تقربه من الرئيس الفنزويلي حينذاك هوغو شافيز، واتهم مانويل زيلايا خصوصا بأنه يريد تعديل الدستور ليترشح لولاية رئاسية ثانية.
وتولى إيرنانديز (49 عامًا) السلطة في 2013 بعد انتخابات شكك اليسار فيها، وهو مرشح الحزب الوطني اليميني الحاكم، وأحد المرشحين الثلاثة الأوفر حظا للفوز في هذه الانتخابات، التي تجري في دورة واحدة، ويبلغ عدد المرشحين للرئاسة فيها تسعة، أما المرشحان الآخران فأحدهما هو سلفادور نصر الله (64 عامًا) المتحدر من أصل لبناني، وهو صحافي تلفزيوني جديد في العمل السياسي ومرشح تحالف أحزاب اليسار "تحالف المعارضة ضد الديكتاتورية".
أما الثاني فهو لويس زيلايا (50 عامًا) الذي ينتمي إلى الحزب الليبرالي اليميني، وزينت شوارع تيغوسيغالبا بأعلام الحزبين الرئيسيين الليبرالي والوطني، ونشرت في أحياء العاصمة أكشاك لكل منهما لإعطاء معلومات إلى الناخبين. لكن هذا الهدوء كاذب كما يرى بعض المحللين، الذين يعتقدون أن رغبة رئيس الدولة في التمسك بالسلطة تنذر "بانتخابات معقدة".
وبهذا الخصوص قال المحلل السياسي فيكتور ميزا من مركز توثيق هندوراس "للمرة الأولى لا تجري المنافسة بين محافظين وليبراليين، بل بين ديكتاتورية وديمقراطية"، مضيفا أن "الديمقراطية في خطر منذ أن بدأ الاستبداد الرئاسي يتعزز".
ويتهم الخصمان الرئيسيان للرئيس الحالي المحكمة الانتخابية العليا بأنها أعدت عمليات تزوير لضمان فوزه، لكن هذه الهيئة تنفي ذلك، وقال سلفادور نصر الله الجمعة لمؤيديه "آمل ألا تشعروا بخيبة أمل عندما يبدأ نشر أنباء كاذبة، يجب أن نبقى متيقظين".
من جهته، صرح ماركو راميرو لوبو، أحد قضاة المحكمة الانتخابية العليا لوكالة الصحافة الفرنسية أن "واجبنا هو ضمان إجراء عملية انتخابية شفافة تتمتع بآليات تحقق ليس فقط من قبل المحكمة، بل من قبل كل الأطراف"، مثل المراقبين الدوليين.
وتؤكد المحكمة العليا للانتخابات أن هذه الانتخابات ستكون "الانتخابات التي خضعت لأكبر مراقبة"، في التاريخ، حيث سيحضرها 16 ألف مراقب بينهم 600 مراقب دولي، ووصلت وفود من الاتحاد الأوروبي ومنظمة الدول الأميركية ومركز كارتر، ودول عدة إلى هندوراس في الأيام الأخيرة.
وقال مكتب التحليل "يوراسيا" إنه "يفترض ألا يقع أي حادث كبير نظرا لوجود مراقبين دوليين"، مبرزا أن انتخاب إيرنانديز "لولاية ثانية يعني استمرار السياسات المؤيدة للأعمال، والمسؤولة عن مستوى الضرائب، وكذلك عن برنامج متابعة محتمل لصندوق النقد الدولي".
وتابع أنه "سيكون على إيرنانديز على الأمد الطويل أن يسعى لتعديل القواعد الانتخابية ليترشح لولاية ثالثة"، بدوره، رأى الباحث مارفن باراهونا أن هذه الانتخابات تنطوي على خطر "حدوث أزمة جديدة (...) لأن انقلابات صغيرة حدثت"، في إشارة إلى قرار المحكمة العليا الذي يسمح بإعادة انتخاب الرئيس، وفي هذه الانتخابات سيختار الناخبون أيضا ثلاثة نواب للرئيس، و128 نائبًا، وعشرين عضوًا في برلمان أميركا الوسطى ورؤساء 298 بلدية.
أرسل تعليقك