ذكريات الحياة في ظل “داعش” تطارد العائدين إلى الموصل
آخر تحديث GMT03:04:11
 العرب اليوم -

ذكريات الحياة في ظل “داعش” تطارد العائدين إلى الموصل

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - ذكريات الحياة في ظل “داعش” تطارد العائدين إلى الموصل

تنظيم "داعش" تطارد العائدين إلى الموصل
بغداد ـ نهال قباني

تمثل العودة بالنسبة إلى سكان البلدة القديمة في الموصل، تدريباً على محاولة النسيان، وتحمل الشوارع آثار الأهوال التي مروا بها، سواء خلال الحكم الوحشي لتنظيم داعش أو على مدار 9 أشهر من المعارك الشرسة لاستعادة المدينة من المتشددين، وقالت أم عبد الله، وهي تتجول في الحي الذي عادت إليه في يناير (كانون الثاني)، إنّه “في هذه الزاوية جلد (داعش) أولادي لتحدثهم في غير دورهم..، وفي هذه الزاوية قتلوا أبي عندما حاول منعهم”، ويبعد الموقع بضعة كيلومترات عن منزلها في حي باب الجديد، ورغم خلع الباب الأمامي لم يهدم المنزل مثل غالبية المنازل الأخرى في الشارع الذي كانت تعيش فيه 40 أسرة لم تعد منها إلا ثلاث فقط.

وعادت أم عبد الله على مضض إلى الحي الذي لا توجد به كهرباء ولا مياه جارية؛ لأن الوضع فيه أفضل حالاً من مخيم اللاجئين الذي كانت تعيش فيه، وعلى بعد بضعة شوارع، قالت أم رسل إنها عادت أيضاً في الآونة الأخيرة إلى الحي الذي أصيب فيه زوجها خلال غارة جوية، مضيفة "بعض جيراننا لا يريدون العودة؛ فهم يقولون إنهم لا يزالون يعانون ذكريات أليمة مما مروا به ولا يمكنهم العودة..، لكن كان علينا أن نعود، لم يكن لدينا خيار آخر”، وقبل العودة، كانت أم رسل تعيش في الجزء الشرقي من الموصل، المعقل الرئيسي لـ”داعش” في العراق، الذي تعرض لأضرار بالغة من جراء القصف والمعارك، وكان كثيرون من سكان المدينة القديمة من بين آخر من غادروا الموصل، ومع اشتداد القتال في ربيع 2017، تراجع المتشددون أكثر إلى الداخل، حيث المباني المتلاصقة في الحي التاريخي، واستولوا على منازل بأكملها وحولوها إلى قواعد مؤقتة؛ مما أجبر الأهالي على اللجوء إلى مخابئ تحت الأرض.

وأكّد مؤيد (45 عاماً): “عشنا لمدة 3 أشهر في القبو قبل أن يحرروا مناطقنا في السابع من يوليو (تموز)” الماضي، وأجبر مقاتلون من “داعش” يتحدثون اللغة الروسية، مؤيد على العيش مع والدته وأطفاله وأحفاده في القبو الصغير، حيث لا توجد نوافذ، بعدما استولوا على منزله في حي الزنجيلي في الربيع الماضي، وأشار مؤيد الذي امتنع عن ذكر اسمه بالكامل إلى أن المسلحين “كان لديهم كل ما يحتاجون إليه”، وأضاف إنه مع عدم وجود مياه شرب نظيفة أو طعام، عاشت أسرته على طحين مخلوط بمحلول ملحي سرقه من معدات طبية لمقاتلي “داعش”، وعانى مؤيد من الجوع والهزال قبل أن تطهر قوات الأمن العراقية شارعه وتنجح في إجلاء المدنيين الذين عاشوا شهوراً تحت القصف المكثف، لم يكن الأمر كذلك دائماً، فعندما جاء تنظيم داعش للمرة الأولى إلى المدينة كان موضع ترحيب من قبل بعض السكان الذي كانوا يعانون، وقال مؤيد، وهو تاجر يبيع الملابس المستعملة: “في الواقع لم يتغير شيء في البداية، كان بوسعنا التحرك والذهاب إلى السوق والسير في الشوارع وتبادل الحديث والجميع يرحبون ببعضهم بعضاً، حتى الوافدون الجدد بملابسهم الغريبة”، وكان كثير من السكان يعتقدون أنهم ارتاحوا من قوات الحكومة التي يقولون إنها عاملتهم معاملة سيئة وميزت ضدهم مذهبياً، بل كانوا سعداء بالتقاط أنفاسهم من تفجيرات السيارات الملغومة التي عانوا منها منذ شن تنظيم “القاعدة”، سلف “داعش”، تمرداً استمر أعواماً.

وسرعان ما بدأ “داعش” بناء جهاز ما يسمى بـ”دولة الخلافة”، بما في ذلك إنشاء حكومة محلية جديدة، وقال عبد الستار الحبو، مدير بلدية الموصل الحالي، إن بعض موظفي المدينة غادروا الموصل، لكن بقي معظمهم، وهؤلاء إما أجبروا على العمل أو انضموا طواعية إلى النظام الجديد، وعمل التنظيم على ضمان نظافة الشوارع وتعبيد الطرق، وقال بعض السكان إن الإدارة المحلية لـ”داعش” التي كان يديرها فرنسي من أصل مغربي، كانت أكثر كفاءة من النظام السابق، ووفر المتشددون خدمات ومواد غذائية بأسعار مدعمة لبعض فقراء المدينة، غير أنهم فرضوا أيضاً نظاماً لـ”تحصيل الزكاة”، وأصدروا سلسلة مراسيم تغطي جميع جوانب الحياة العامة والخاصة، وتراوحت العقوبات بين قطع الأيدي وقطع الرؤوس؛ مما دفع كثيرين ممن أيدوا التنظيم في البداية إلى التحول عنه، وكشف مؤيد أنّه “كنت أعيش في خوف دائم من الوقوع في مشكلات مع الشرطة الدينية أو أي مقاتل كبير يمر بجانبي”، وأضاف، إن الجرائم قد تكون صغيرة مثل التدخين أو عدم الالتزام بالملابس الشرعية، ومع بدء الحرب واشتداد أوارها لاحقاً، منع تنظيم داعش سكان البلدة القديمة من مغادرتها، واستخدمهم دروعاً بشرية لحماية الأعداد المتضائلة من مقاتليه، وقال مؤيد مستذكراً المشهد: “قتلوا أربعة أشخاص حاولوا الهرب من الحي خارج منزلي مباشرة..، فعلوا ذلك علانية لإجبار الناس على البقاء، ولبث الرعب في قلوبنا، لم يسمحوا لنا بإزالة الجثث حتى بدأت تتحلل”.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ذكريات الحياة في ظل “داعش” تطارد العائدين إلى الموصل ذكريات الحياة في ظل “داعش” تطارد العائدين إلى الموصل



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ العرب اليوم
 العرب اليوم - ترامب يوافق على خطة لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله

GMT 13:26 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025
 العرب اليوم - ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025

GMT 05:58 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

من الرياض... التزامات السلام المشروط

GMT 07:03 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:26 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

ليفربول يُرهن ضم مرموش في انتقالات يناير بشرط وحيد

GMT 11:44 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

ارتفاع أرباح "أدنوك للإمداد" الفصلية 18% إلى 175 مليون دولار

GMT 13:23 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو وميسي على قائمة المرشحين لجوائز "غلوب سوكر"

GMT 20:14 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 04:27 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

باريس هيلتون تحتفل بعيد ميلاد ابنتها الأول في حفل فخم

GMT 06:49 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات فساتين زواج فخمة واستثنائية لعروس 2025

GMT 10:34 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

ارتقاء شهيدين فلسطينيين في قصف إسرائيلي شمال غزة

GMT 07:52 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلاق تذاكر معرض كريستيان ديور مصمم الأحلام

GMT 06:17 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

3 ركائز لسياسة ترمب في الشرق الأوسط

GMT 05:49 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

بين قاهر.. وقاتل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab