القاهرة- مينا جرجس
أعلن وزير الخارجية المصري سامح شكري، إن الإجراءات المتخذة من مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين، ضد دولة قطر، يأتي بسبب استمرارها في ممارستها الرامية إلى التدخل في الشأن الداخلي للدول، مشيرا إلى سعي الدوحة الحثيث لتقويض الأمن في المجتمعات وبث الفوضى، وعدم توقفها عن تمويل تنظيمات إرهابية، وأخرى متطرفة، وإيواء إرهابيين هاربين من العدالة، والترويج للفكر الجهادي المتطرف الذي أضر بصورة مجتمعاتنا الإسلامية أبلغ الضرر.
وأشار شكري في كلمته أمام الدورة 44 لاجتماع المجلس الوزاري لمنظمة التعاون الإسلامي إلى التقارير الصادرة عن لجنة عقوبات ليبيا التي تضمنت أدلة دامغة على ضلوع قطر في نشر الفوضى، وتهريب السلاح والدعم المالي واللوجيستي والاستخباراتي للجماعات الإرهابية والمتطرفة في ليبيا. وقال شكري أمام الدورة 44 لاجتماع المجلس الوزاري لمنظمة التعاون الإسلامي:
"يطيب لي أن أتوجه بالشكر للحكومة الإيفوارية علي حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة وحسن التنظيم الذي لاقيناه منذ وصولنا، وكلي ثقة أن رئاسة كوت ديفوار لمجلسنا الوزاري ستمثل فرصة كبيرة لتعزيز العمل الإسلامي المشترك." كما أود أن أتوجه ببالغ الشكر لدولة أوزبكستان الصديقة علي الجهود الموفقة التي بذلتها طوال رئاستها للدورة 43 تعزيزاً للعمل الإسلامي المشترك.
السيدات والسادة، لعله غير خاف على أحد تلك المرحلة الدقيقة التي تمر بها منظمتنا وأمتنا، هذه المرحلة التي يموج فيها العالم الإسلامي بأحداث وتغيرات تستوجب التأمل والوقفة مع الذات، وقفة من أجل إعادة تصحيح المسار، ورصد النوايا الحقيقية التي يُضمِرُها البعض، سواء من خارج، أو من داخل عالمنا الإسلامي وبكل أسف، لتقويض مستقبل الأمة وتفتيتها، سعياً خلف مصالح ضيقة ومحدودة الأفق، لينتهكون بذلك كل القيم والأهداف السامية التي يتم العمل على إرسائها داخل منظمتنا العريقة، ولعلكم تتفقون معي في وجود مصلحة مشتركة وأكيدة لنا جميعاً في إعادة ترسيخ هذه القيم والأهداف السامية التي طالما نادت بها منظمة التعاون الإسلامي".
وفى إطار ما تقدم، اسمحوا لي أن أؤكد مجدداً على دعمنا الكامل للأمين عام المنظمة في تحمل مسؤولياته على رأس الأمانة العامة من أجل الاضطلاع بمهامها الكبيرة دون الانتقاص من صلاحياتها المنصوص عليها في الميثاق، أو في قواعد الإجراءات الواجب احترامها، والتي يعد عدم الالتزام والتقيد بها أحد السلبيات الرئيسية التي تؤثر علي كفاءة ومهنية منظمتنا.
وفي سياق متصل، أؤكد على رؤية مصر بأهمية تعزيز الأمانة العامة بالكفاءات البشرية، والتوقف عن إنشاء آليات وهياكل جديدة للمنظمة تتقاطع اختصاصاتها مع الهياكل القائمة ترشيداً للموارد وتفادياً للازدواجية في الاختصاصات، مع السعي لترسيخ عمل وأنشطة القائم منها بالفعل. السيدات والسادة، لعل ظاهرة الإرهاب بتداعياتها الكارثية، والتي باتت تمثل تهديدًا جسيمًا لشعوب العالم أجمع، وبصفة خاصة شعوبنا، هي الخطر الأكبر الواجب بحث كيفية استئصاله من جذوره، وهو ما يتطلب إلى جانب الإجراءات الأمنية والعسكرية، مقاربة شاملة، تتضمن الأبعاد السياسية والأيديولوجية والتنموية، وهي عناصر طرحها السيد الرئيس/ عبد الفتاح السيسي خلال القمة الإسلامية العربية الأميركية، وأهمها:
أولاً: وجوب إعداد تصور شامل للتصدي للشبكة السرطانية للإرهاب، دون اختزال المواجهة في تنظيم أو اثنين فقط، بل يجب أن تمتد تلك المواجهة لكافة التنظيمات الإرهابية لانتهاجها لذات الأيديولوجية الهدامة، والهدف السياسي في تطويع إرادة الشعوب.
ثانياً: مواجهة كافة الأبعاد المؤدية للظاهرة، لاسيما ما يتعلق منها بالتمويل والتسليح والدعم السياسي والفكري، فالإرهابي ليس فقط من حمل السلاح، بل أيضاً من قام بالتدريب والتمويل والتسليح، وكذلك التمكين المتمثل في توفير الغطاء السياسي والأيديولوجي، وتوفير الملاذات الآمنة، ومن يتيح لهم الظهور في المنابر الإعلامية لبث سمومهم.
ثالثاً: القضاء على قدرة التنظيمات الإرهابية على تجنيد مقاتلين جدد، من خلال مواجهتها بشكل شامل على المستويين الأيديولوجي والفكري، فالمعركة ضد الإرهاب هي معركة فكرية بالدرجة الأولى، وهو ما دعا الرئيس عبد الفتاح السيسي لإطلاق مبادرة لتصويب الخطاب الديني منذ عامين مع المؤسسات الدينية العريقة في مصر وعلى رأسها الأزهر الشريف، بما يمثله من مرجعية للإسلام الوسطي المعتدل، وبالتعاون مع قادة الفكر والرأي في العالمين العربى والإسلامي، والتى استهدفت إحداث ثورة فكرية شاملة، تُظهر الجوهر الأصيل للدين الإسلامي السمح، وتواجه محاولات اختطاف الدين ومصادرته لصالح تفسيراتٍ خاطئة، وذرائع لتبرير جرائم لا مكان لها في عقيدتنا وتعاليم ديننا الإسلامي الحنيف. وفى هذا الإطار نرحب بطلب مركز صوت الحكمة التابع للأمانة العامة للمنظمة بتدشين بروتوكول تعاون مع "الأزهر الشريف"، المؤسسة الإسلامية الأقدم في العالم، للتعاون في المجالات ذات الاهتمام المشترك.
و لا يفوتني في إطار حديثي عن مكافحة الإرهاب عن التحذير من سعي بعض المنظمات الإغاثية، التي تتصل بجماعات متشددة، أو تتبنى فكراً يبرر الإرهاب، التسلل تحت عباءة العمل الإنساني للعبث في الدول التى تغيب فيها السلطة المركزية، والدخول في شراكات مع المنظمة تحت ستار العمل الإنساني، وفي هذا الصدد سنقدم للأمانة قريباً قائمة بأسماء بعض هذه الهيئات أو الأشخاص التى يتوجب على المنظمة تجنب العمل معهم في الأنشطة الإنسانية، حتى لا يثار بشأنهم ما يمكن أن يمس سمعة ومصداقية المنظمة وأمانتها.
وتابع شكري: "السيدات والسادة.. أعلنت حكومات كل من جمهورية مصر العربية، والمملكة العربية السعودية، ومملكة البحرين والإمارات العربية المتحدة في 5 يونيو/ حزيران 2017 قطع علاقاتها الدبلوماسية مع دولة قطر، واتخاذ عدد من الإجراءات شملت إغلاق المنافذ البرية والبحرية والجوية، وإدراج عدد من الأفراد والكيانات على قوائم الإرهاب. واستجابة لمساعي الوساطة التي بذلها أمير دولة الكويت لحل الأزمة، والذي نتقدم له بجزيل الشكر والتقدير على مبادرته الطيبة لحل الأزمة، أمهلت الدول الأربع قطر مهلة زمنية للاستجابة لمطالب دولنا، إلا أن الجانب القطري لم يقدم في رده على مطالبنا حلولاً جادة، بما ينم عن عدم استيعابه أو إدراكه لخطورة الموقف. وقد عقد وزراء خارجية الدول الأربع اجتماعاً في القاهرة يوم 5 يوليو/ تموز 2017، صدر عنه بيان مشترك اطلعتم جميعاً عليه يوضح مجمل الموقف تجاه تطورات الموضوع.
وإذ نأسف للاضطرار إلى اتخاذ هذه الإجراءات ضد قطر، إلا أننا نود التشديد على أن هذا القرار جاء بعد ما تأكد لدينا من استمرارها في ممارساتها الراميـة إلى التدخل في الشأن الداخلي للدول، وسعيها الحثيث لتقويض الأمـن في مجتمعاتنا، وبث الفوضى فيها، وعدم توقفها عن تمويل تنظيمات إرهابية، وأخرى متطرفة، وإيواء إرهابيين هاربين من العدالة، والترويج للفكر الجهادي المتطرف الذي أضر بصورة مجتمعاتنا الإسلامية أبلغ الضرر، وهو ما أكدته على سبيل المثال لا الحصر التقارير الصادرة عن لجنة عقوبات ليبيا التي تضمنت أدلة دامغة على ضلوع قطر في نشر الفوضى، وتهريب السلاح والدعم المالي واللوجيستى والاستخباراتي للجماعات الإرهابية والمتطرفة في ليبيا." كما تطرق شكري في كلمته للحديث عن القضية الفلسطينية والأزمة في ليبيا والتزام مصر بالتعاون مع منظمة التعاون الإسلامي".
أرسل تعليقك