تزداد التحركات التي تستهدف إعلان إقليم سُنّي بوتيرة متسارعة بعد تحرير الموصل، والتي يقودها برلمانيون وسياسيون ورجال أعمال وقياديون في الأحزاب السُنّية، بحسب مصادر سياسية، تشير إلى اجتماع مرتقب يتم التحضير إليه في الشهر المقبل في إقليم كردستان بين خميس الخنجر وأسامة النجيفي وشقيقة أثيل مع عدد من برلمانيين الشيعة لتقريب وجهات النظر ووضع أولويات العملية. لكن حميد الهايس، رئيس مجلس إنقاذ الأنبار، يرى الحديث عن الإقليم السني "تغريد خارج السرب"، فالشارع الأنباري يرفض بحسب الهايس "تشكيل إاقليم طائفي".
وأضاف الهايس في تصريح لـ"العرب اليوم"، أن المطالبين بالإقليم لا يعدون سوى "أعداد قليلة من السياسيين الفاشلين، الذين لا صدى لمؤتمراتهم ونتائجها في الشارع السُنّي "، مبينًا أن ما تشهده المحافظات السُنّية من دمار وقتل وتهجير سببه تلك "الأصوات النشاز، والانشقاقات السُنّية". واختتم الهايس بأن جهود العشائر تنصب الآن على تحرير المناطق من "داعش" وإرجاع النازحين إلى منازلهم، ومن ثم الحديث عن تحديد مصير المكون.
وقال عضو مجلس شيوخ الأنبار، عواد الماضي، إن شخصيات بارزة في "حكومات عربية" وسياسيين أميركا على علم بهذه المباحثات، وهم يشجعونها، لكنّ الزعماء العراقيين في الكتل والعشائر الداعية إلى "إنقاذ الموقف بإقليم سُنّي كبير قد تنضم إليه أجزاء من بغداد وديالى وكركوك، إضافة الى نينوى والأنبار وصلاح الدين"، يتهيّبون من "الإعلان عن الإقليم" في الوقت الحاضر، ويراهنون على إبقائه "ورقة ضغط أخيرة"، نظراً لإحساسهم بخطورة أن تتحول "الأقلمة" إلى عملية تقسيم للعراق، وبالتالي، يُلقى باللائمة على "السُنّة" باعتبارهم قادوا العراق الى التقسيم.
ويحرص سياسيو الكتل على تأكيد أنهم مع "إقليم جغرافي" وليس مع "إقليم طائفي"، أو يُشكّل على أساس طائفي. لكنّ مثل هذه النتيجة ستكون "واقع حال" برأي الماضي.
وكشف الماضي أن المعارضة العراقية تشهد خلافات عميقة حول زعامتها، مؤكدًا أن أكبر الخلافات تنشب الآن، بين معارضة الخارج، والمعارضين المحليين الذين بدأوا بتنظيم أنفسهم أخيرًا، بعد تحرير مناطقهم من سيطرة تنظيم "داعش".
وكانت مصادر مطلعة، كشفت في وقت سابق، عن تحركات يقودها رئيس ديوان الجمهورية العراقية نصير العاني بدعم خميس الخنجر من أجل تكوين إقليم سُنّي وتقسيم الموصل، مشيرة إلى أن "هذه الاجتماعات كانت بحضور كل من الشيخ محمد سمير وعامر الحامدة وكامل محمد الدحل شيخ البو عيسى وشيخ زيدان الجابري شيخ عام البو جابر والذي يمثل أحد الأعضاء البارزين في حزب البعث".
واعتبر أسامة النجيفي، فكرة "إقليم نينوى" متفقة مع الدستور والقوانين المشرعة وستمنح الأقليات خصوصيتها، مؤكدًا أن الفكرة جاءت "للحفاظ على وحدة المحافظة" وليست دعوة للتقسيم.
وأوضح المصدر أن ممثلين عن هيئة علماء المسلمين، والمشروع العربي في العراق، وضباط في الجيش العراقي السابق سيحضرون الاجتماع، مبينا أن الاجتماع سيتم برعاية منظمات عربية وأوروبية، وبعلم رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، ورئيس البرلمان سليم الجبوري، ورئيس إقليم كردستان مسعود البرزاني.
وكان خميس خنجر وقاسم الفهداوي واثيل النجيفي أبرز المرشحين لرئاسة الإقليم، دعا إليه رجل الأعمال البارز الذي ينحدر من مدينة الفلوجة خميس الخنجر في أربيل، لبحث آخر خطوات المشروع، وإزاء هذا الحراك يجري شيوخ عشائر وسياسيون من داخل الموصل والأنبار وصلاح الدين وديالى "مشاورات" لوضع آلية للرد على تلك المطالبات والمؤتمرات التي تدعو الى تشكيل الاقليم السني.
وتلقى رئيس مجلس حكماء الأنبار، رعد السليمان، السبت، دعوة من الأمين العام للمشروع العربي، خميس الخنجر، لمبايعة الأخير على زعامة المعارضة السنية، مؤكداً خلال كلمة وجهها لأنصاره أنه رفض البيعة التي اقترحها الخنجر.
وأضاف في تصريحات له "لسنا في دولة الخلافة لنبايع أحدًا"، مؤكدًا أن لقاءه بقيادات المشروع العربي كانت تهدف للوصول إلى رؤية موحدة وليس للمبايعة.
ولفت السليمان، وهو أحد قيادات المعارضة العراقية الموجودة في الأردن، إلى عدم وجود أية خلافات شخصية مع الأمين العام للمشروع العربي، مبيناً أن صناديق الاقتراع هي التي تحدد الزعيم لا البيعة. وأسس خميس الخنجر، تاجر عراقي معارض للعملية السياسية، المشروع العربي العام الماضي، وبدأ يقود حراكًا سياسيًا للمّ شمل المعارضة، والخروج بزعامة موحدة قبل الانتخابات المقبلة.
وكشفت مصادر سياسية أنّ هناك ضغوطًا كبيرة يتعرّض لها سياسيو المحافظات السُنّية المشاركون في الحكومة، وفي البرلمان، وكامل العملية السياسية، باتجاه اتهامهم بالخضوع لإرادة سلطة يصفونها بـ"الاستئثار"، وبتعمد غض الطرف عن عمليات التهجير التي حوّلت في الأقل نحو مليوني مواطن أغلبهم من السُنّة إلى مهاجرين ولاجئين ومشرّدين في عواصم عربية وأجنبية، يواجهون ظروفاً قاسية، بعد أن فقدوا منازلهم وممتلكاتهم ووظائفهم، وفقدوا معها أي أمل لهم بالعودة، إلا في ظل "حماية" أشبه بتلك المتوفرة للأكراد في إقليم كردستان.
ويؤكد الكرد أنّ ذلك لا يتعارض مع الدستور، ومع الفيدرالية التي يحميها الدستور، وأنها ستكون الطريق إلى "قطع الطريق على أي سلطة فردية دكتاتورية في المستقبل"، وفي الوقت نفسه تخفيض مستويات سيطرة "مركز الحكومة في بغداد"، و"هضمها" لحقوق وصلاحيات مجالس المحافظات وإداراتها. و"مصلحتهم الإقليمية" ستلتقي مع ظهور أي إقليم آخر في البلد، لأنّ الهموم برأيهم ستكون متشابهة.
أرسل تعليقك