الخرطوم ـ محمد ابراهيم
تفاعلت أزمة مشروع القانون الذي أقرّه مجلس الوزراء السوداني، والذي قضى بـ"شنق" الزاني المُحصن، بدلاً من "رجمه"، بموجب تعديلات في القانون الجنائي لسنة 2016.
وفي التطورات، طالبت "هيئة علماء السودان" البرلمان بالالتزام بشرع الله، وعدم اعتماد التعديلات الأخيرة في القانون الجنائي التي دفعت بها وزارة العدل، وأقرها مجلس الوزراء، في مشروع قانون جنائي للعام الجاري، حيث سيتم عرضه على البرلمان خلال الأيام المقبلة.
كما رأت هئية العلماء أن تغيير "الجسم الرسمي" في البلاد، لعقوبة الزاني المحصن من الرجم إلى الشنق، وإلغاء عقوبة الردة، أمر يخالف النصوص الثابتة في الشريعة الإسلامية، على مدى العصور والأزمنة.
وأكد رئيس هيئة علماء السودان البروفيسور محمد عثمان صالح، في تصريح لوكالة السودان للأنباء الرسمية "سونا"، أمس الإثنين، مخالفة التعديلات الجديدة للنصوص الثابتة في الشريعة الإسلامية، وما كان عليه الخلفاء الراشدون، ورأي جمهور العلماء على مدى العصور والأزمنة، وأشار إلى أن جهود الأمانة العامة للهيئة متواصلة للمتابعة مع الجهات التشريعية، للوقوف على التطورات في هذا الاتجاه، مطالباً بتشديد العقوبة في القانون الجنائي، على متعاطي المخدرات ومروجيها وحائزيها، وانتقد صالح التعديلات التي أجرتها وزارة العدل في القانون الجنائي، والتي من بينها المادة 78 التي اكتفت بالعقوبة الحدّية فقط، على حد قوله، لشارب الخمر، وأهملت وحذفت الحيازة والتصنيع، مشددا على ضرورة أن تشمل هذه المادة هاتين الجريمتين ولو بعقوبة تعزيرية، وقال إن التعديلات الأخيرة فيما يتعلق بحدّ الردة عن الدين الإسلامي، ألغت العقوبة المتعلقة بها وهي الإعدام، وأتت بنصوص فضفاضة وغير واضحة، ونوه إلى أن كلمة الردة الواردة في عنوان المادة، استبدلت بعقوبة تعزيرية وليست حدّية.
وكانت مساجد العاصمة المثلثة الخرطوم قد شهدت في خطبة الجمعة الماضية، هجوماً عنيفاً علي التعديلات الأخيرة، وبخاصة المتعلقة بحدّ "الزاني المُحصن" و"الردة" وعدد من الحدود الشرعية، معتبرين أن تراجع الحكومة عن توجهاتها، تنصل من الشريعة في سبيل أرضاء الغرب لتبييض سجل السودان في ملفات حقوق الإنسان.
كما تفاعل عدد من الكتاب الذين ينتمون إلى الحركة الإسلامية في السودان، في كتابتهم، في صحف الخرطوم الصادرة صباح اليوم الإثنين، مع بيان هيئة علماء السودان الذي إنتقد مشروع القانون وأيّدوا إتجاه الهيئة، ودعا بعضهم لقطع الطريق أمام القانون وتحريض البرلمان على عدم إجازة التعديلات التي يرون أنها تخالف الشريعة الإسلامية.
وكتب رئيس حزب منبر السلام العادل المنتمي إلى الإتجاه الإسلامي المهندس الطيب مصدفي، في عموده الراتب "زفرات حري" في صحيفة "الصيحة" اليوم، أنه تابع بيان هيئة علماء السودان "مجمع الفقه الإسلامي" بإعجاب شديد، وبخاصة أنه استنكر التعديلات الجديدة، وإنتقد بصورة شديدة اللهجة تمرير قانون وزارة العدل إلى مجلس الوزراء مباشرة، من دون أن يمر على "مجمع الفقه الإسلامي"، واعتبر الخطوة تجاوزا للمؤسسات الدينية في البلاد، وتساءل "هل كان بقدور وزارة العدل أن تقدم مشروع قرار يتصل بالمواصفات والمقاييس من دون أن تستفتي الجهة المختصة أم أن أيدي العلمانيين ومن ورائهم أمريكا تسللت لتعبث بمقدساتنا".
ومنذ صدور القرار تشهد الساحة السودانية حراكًا كبيرًا يُناهض التعديلات الجديدة في مشروع القانون الجنائي، لعام 2016، لكن عددًا من الاحزاب التي تدعوا إلى قيام دولة مدنية، تؤيد هذه الخطوات، ويتوقع مراقبون أن يشهد هذا الملف تطورات كبيرة خلال الفترة المقبلة، عند وصول التشريعات إلى البرلمان لإجازتها أو رفضها وتعديلها، حيث تنشط هذه الأيام عدد من الجهات والجماعات الإسلامية لإجهاض هذه التعديلات، وتشكيل رأي عام ضدها لتضييق فرص إجازتها.
أرسل تعليقك