أعلنت منظمة "هيومن رايتس ووتش" أن مسلحي تنظيم "داعش" هاجموا بطريقة عشوائية مناطق مدنية شرق الموصل بقذائف الهاون والمتفجرات، وأطلقوا النار عمدًا على السكان الفارين.
وأوضحت المنظمة في تقرير صدر الأربعاء، أنها تحدثت مع أكثر من 50 مواطنًا من السكان الذين فرّوا من شرق الموصل خلال مقابلات في إقليم كردستان العراق في ديسمبر/كانون الأول 2016. وأضافت أن 31 منهم قدموا شهادات عيان عن 18 عملية قصف بالهاون أو هجمات قنص أو تفجير سيارات، أو انفجار عبوات ناسفة نفذها داعش بشكل عشوائي أو مباشر، ما أسفر عن مقتل أو جرح مدنيين.
ونقلت المنظمة عن شهود عيان قولهم إن بعض الهجمات بقذائف الهاون وقعت في مناطق وضعت فيها القوات العسكرية العراقية جنودًا داخل المنازل أو على أسطح المنازل السكنية في مناطق ذات كثافة سكانية عالية.
ووصف 5 شهود ما قالوا إنه 3 غارات جوية منفصلة عراقية أو للتحالف استهدفت مقاتلين لداعش انتشروا أيضًا على أسطح المنازل السكنية أو في الأزقة بين البيوت، وأسفرت أيضًا عن مقتل مدنيين.
وقالت المنظمة إن هذه الأحداث وقعت بين الأسبوع الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني والأسبوع الأول من ديسمبر/كانون الأول. ووفق ما نقلته المنظمة عن الشهود فإن 19 مدنيًا قتلوا وأصيب عشرات في الهجمات من الجانبين التي وصفوها، وأن هذه الهجمات كانت جزءًا بسيطًا من مجموع الهجمات. وأفادت الأمم المتحدة بأن 926 مدنيًا قتلوا وأصيب 930 في نوفمبر/تشرين الثاني في العراق بسبب العنف، بما فيه أعمال الإرهاب والصراع المسلح. من بين هؤلاء، 332 قتلوا و114 جرحوا في محافظة نينوى التي تضم مدينة الموصل، ثاني أكبر مُدن العراق. وفي الأيام التي سبقت دخول القوات البرية العراقية أحياء في شرق الموصل، قال معظم من قوبلوا إن مقاتلي داعش شرعوا بجمع المدنيين للانسحاب معهم، ولكن رفض كثير منهم.
وقال السكان الفارّون الذين قابلتهم المنظمة إن داعش برّر الهجمات على المدنيين بأنّ كثيرًا منهم رفضوا أوامر التنظيم بالانسحاب معه غربا إلى مناطق الموصل التي لا يزال يسيطر عليها، حيث كانوا يخشون من استخدامهم دروعا بشرية.
ونقلت المنظمة عن الفارين قولهم، إن "عناصر من داعش أخبروهم بشكل شخصي وعن طريق الإذاعة ومكبرات الصوت في المساجد بأن الذين بقوا كفارا، وبالتالي أهدافا مشروعة بالإضافة إلى القوات العراقية وقوات التحالف".
وذكر عدة شهود عيان أنه عندما كان تنظيم داعش أو القوات العسكرية العراقية ينتشرون داخل المنازل أو على أسطح المنازل السكنية عموما لم يسألوا السكان عن رأيهم في هذه المسألة.
وكان مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قد تحدث أيضًا عن هذه النقطة، قائلا إن السكان أفادوا بأن داعش قتل بالرصاص في 11 نوفمبر/تشرين الثاني 12 مدنيا في حي البكر لرفضهم السماح له بإطلاق الصواريخ من أسطح منازلهم.
ونقلت المنظمة عن أحد الفارين واسمه عمار إنه وقف في 30 نوفمبر/تشرين الثاني على سطح منزل ورأى باستخدام المنظار مسلحًا من داعش على سطح آخر في الجهة المقابلة لطريق سريعة ذات اتجاهين، وكان يطلق النار على القوات العراقية، وكان على جانبه امرأة وعلى جانبه الآخر طفل. وقالت لمى فقيه، نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "لو كان التنظيم يكترث حقا للناس المحاصرين فيما يسمى بدولة الخلافة، لسمح لهم بالفرار إلى بر الأمان. لكنه بدلًا من ذلك، يقتل ويصيب الناس عشوائيا أو عمدا لرفضهم أن يكونوا دروعا بشرية".
وذكرت المنظمة في تقريرها أن الاستهداف المباشر للمدنيين أو استخدامهم كدروع بشرية جريمة حرب، مشيرة إلى أن وجود مقاتلي داعش بين المدنيين لا يُعفي القوات المناهضة له من واجب استهداف الأهداف العسكرية فقط. على جميع القوات المتحاربة اتخاذ كل الاحتياطات الممكنة لحماية المدنيين من الأذى.
وأردفت فقيه: "المدنيون مُستهدفون من جميع الجهات في الموصل. لا تُعفي فظائع داعش القوات العراقية وقوات التحالف الدولي من بذل قصارى جهدها لحماية المدنيين عند مهاجمة داعش". وتابعت المنظمة في تقريها أن المدينة بلا كهرباء، ومخزون الوقود والغذاء والمياه الجارية والدواء محدودا منذ 19 نوفمبر/تشرين الثاني. كما تحدثت المنظمة عن صعوبات كثيرة تواجه النازحين الجرحى للحصول على العلاج.
أرسل تعليقك