أعلنت محكمة التحقيق المتخصصة بقضايا النزاهة وغسيل الأموال والجريمة الاقتصادية في بغداد عن نجاحها بإيقاف هدر ما يفوق 100 مليار دينار خلال العام الحالي، موضحة أن هذه المبالغ كادت أن تصرف بنحو مخالف للقانون عن طريق قروض بلا ضمانات أو وفق سندات مزوّرة"، وفيما أشار قضاة المحكمة إلى أن إجراءاتهم أسهمت في استرجاع نحو 21 مليارًا و800 مليون دينار من خارج البلاد بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة، تحدثوا عن مبالغ أخرى ما زالت محتجزة لدى دول أجنبية بالدولار والدينار الأردني اضافة إلى الجنيه الإسترليني تتطلب جهدًا دبلوماسيًا لاستردادها".
وقال قاضي أول محكمة تحقيق النزاهة محمد سلمان في تصريح إلى صحيفة "القضاء" الصادرة عن المركز الإعلامي للسلطة القضائية، أن "المحكمة نجحت خلال العام الحالي في إيقاف صرف مبالغ كادت أن تؤدي إلى هدر كبير في المال العام"، وأضاف سلمان أن "المبالغ التي جرى إيقاف صرفها وهدرها وصلت إلى أكثر من 100 مليار دينار، وعلى أكثر من دفعة".
وأوضح أن "عمليات الصرف كادت أن تحصل إما نتيجة قروض منحت من مصارف بلا ضمانات، أو تزوير سندات عقارية كانت تعطي ضمانات لتلك القروض"، وفيما شدّد سلمان على أن "جهود المحكمة تأتي بمتابعة مباشرة من قبل رئيس مجلس القضاء الاعلى مدحت المحمود الذي يوصي بالتعامل الدقيق مع القضايا المتعلقة بهدر المال العام"، لفت إلى "القبض على العديد من المتهمين بهذه القضايا، وأن أحكاماً قضائية مختلفة من المحاكم المختصة طالت العديد منهم".
وأكد سلمان أن الإجراءات القضائية أسهمت في معالجة الخلل بنظام المقاصة الإلكترونية، مبيناً أن عددًا من موظفي المقاصة أثبتت التحقيقات مسؤوليتهم أيضاً عن عمليات صرف الأموال خلافاً للقانون، وأورد قاضي النزاهة في بغداد أن الأعوام الماضية شهدت أيضًا استرجاع مبالغ كبيرة نتيجة متابعة عمليات الصرف بالطريقة ذاتها.
وأشار إلى أن "المحكمة تعتمد في تنفيذ قراراتها على مفرزة خاصة من وزارة الداخلية مرتبطة بالقاضي لتنفيذ قرارًا القبض والاستقدام وتبليغ المشتكين والشهود، ونبه سلمان إلى أن هذه القوة أخذت على عاتقها تنفيذ القرارات وفق المعايير القانونية وقد أدخلت في دورات ومحاضرات أكدت على وجوب مراعاة حقوق الإنسان وانعكس ذلك بنحو إيجابي على عملهم.
وأفاد بأن جميع الجهود المبذولة من قبل السلطة القضائية ساعدت في سرعة حسم الدعاوى برغم أن ملفات الفساد تحتاج إلى وقت طويل لأن اغلب المتورطين بهدر المال العام محترفون في إخفاء الأدلة، وبرغم أن سلمان كشف عن "حسم المحكمة منذ بداية العام الحالي قرابة 3000 قضية وفقاً للسياقات القانونية"، موضحًا في الوقت ذاته أن قانون العفو العام الذي صوت عليه مجلس النواب مؤخراً عطّل بعض أعمال المحكمة بسبب كثرة طلبات المتهمين لغرض شمولهم بهذا القانون، أما على صعيد استرداد الأموال المهرّبة إلى الخارج، أجاب سلمان أن "جهود القضاء العراقي ورئاسة الادعاء العام مستمرة على هذا الجانب بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة.
وأوضح أن الأموال التي تم استردادها مؤخراً بلغت أكثر من 21 مليار دينار و782 مليون دينار، وأكد قاضي النزاهة أن هناك مبالغ أخرى محتجزة وهي اكثر من 8 ملايين و717 مليون دولار، ونحو 636 مليونا و700 الف مليون دينار اردني، وقرابة مليونين و330 ألف بانود إسترليني، وذهب إلى أن "القضاء من خلال محاكمه المختصة يتخذ اجراءاته وقراراته بخصوص الاموال المهرّبة لكن يبقى الدور على الجهات الدبلوماسية المسؤولة عن ارجاعها التي هي خارج البلاد بالتنسيق مع الدولة الموجودة لديها تلك الأموال.
وقال سلمان إن الجهود الدبلوماسية لا تشمل فقط الأموال، بل تطال المتهمين بتهريبها، متابعاً أن "آلية تسليم الأموال والأشخاص عادة ما تحتاج الى اتفاقيات دولية ثنائية او أكثر لتسهيل الاسترداد، من جانبه، ذكر المدعي العام في رئاسة استئناف الرصافة القاضي حيدر هشام في تعليق إلى صحيفة "القضاء"، أن "رئاسة مجلس القضاء الاعلى وفّرت الدعم الكامل للمحكمة طيلة السنوات التي تلت تشكيلها.
وتابع هشام أن اجتماعات عدة عقدت مع الجهات الرقابية المسؤولة عن متابعة ملفات المال العام من بينها ذلك الذي عقد مع هيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية ودائرة المفتشين العموميين لوضع الية عمل تنظيمية تسرّع حسم الدعاوى وفق القانون، وأردف أن الاتفاق حصل بأن تستكمل هيئة النزاهة كامل إجراءاتها في مختلف الدعاوى المعروضة أمامها من تحقيقات وجمع للأدلة وإحالة الملف ليتم عرضه على القضاء بعد توثيقه في سجل الدعاوى.
وعلى صعيد أبرز الدعاوى المعروضة رد هشام أن المحكمة حسمت مؤخراً نحو سبعين قضية تخص وزارة الكهرباء، ونحو 32 قضية تخص وزارة المالية، وقرابة عشرة قضايا تخص هيئة الحج والعمرة، و13 دعوى تخص المصرف العراقي للتجارة (TBI)، ويسترسل المدعي العام أن محكمة النزاهة بجميع طواقمها من قضاة ومدعين عامين ومحققين وموظفين حريصون على حسم الدعاوى بالسرعة الممكنة.
وذهب هشام أن عملنا يستمر أحياناً بعد انتهاء الدوام الرسمي وبعد مغيب الشمس لكي نبت بأكبر قدر ممكن من ملفات الفساد، وأفاد بأن المحكمة لجأت أيضًا إلى وسائل التكنولوجيا في تنفيذ القرارات والتبليغات في المحافظات لتأمين سرعة الاتصال بين المحافظات، وعدّ هشام ظاهرة الفساد عالمية لا تختص بدولة معينة وهناك جهود دولية مشتركة على هذا الصعيد وتم ابرام عدد من الاتفاقيات لمواجهته اهمها اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي تم اعتمادها من قبل الجمعية العامة للامم المتحدة وتضم (174) دولة انضم اليها العراق ومن هنا برز دور القضاء بتشكيله محاكم متخصصة للنزاهة.
أرسل تعليقك