تعهَّدت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، بأن حكومتها ستدعم "الأسر العاملة" بدلاً "النخبة الدولية"، وذلك بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي، مبديةً إصرارها على أن "النتيجة التاريخية لاستفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد كانت ثورة هادئة قامت باعطاء فرصة فريدة من نوعها من أجل تغيير اتجاه البلاد إلى الأفضل".
واشارت ماي خلال مؤتمر "حزب المحافظين" في مدينة "برمنغهام"، إلى أن "حكومتها ليست مختصة فقط بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ولكنها عازمة على الوقوف ضد الشركات الكبيرة التي لم تساعد الناس على تحسين حياتهم".
وقالت ماي: لقد "قام الناس بالتصويت في يونيو/حزيران الماضي من أجل التغيير. وهذا التغيير يجب عليه أن يحدث بسبب الثورة الهادئة التي جرت في بلادنا قبل ثلاثة أشهر فقط والتي اعلن فيها ملايين المواطنين عدم رغبتهم في أن يتم تجاهلهم بعد الآن". واضافت: "استمعوا إلى الطريقة التي يتحدث بها الكثير من السياسيين عن الناس، انهم يجدون أن تصويت أكثر من سبعة عشر مليون شخص لصالح مغادرة الاتحاد الأوروبي أمر محير".
حذرت رئيسة الوزراء "من كارثة اذا لم يحدث إصلاح للمشاكل الموجودة في المجتمع البريطاني. وقالت ماي: "يجب أن يعمل مجتمعنا من أجل الجميع، ولكن إذا كنت لا تستطيع الحصول على منزل أو أن طفلك متواجد في مدرسة سيئة، فحينها ستشعر أنه لا يعمل من أجلك". واضافت: "يجب أن يعمل اقتصادنا من أجل الجميع، ولكن اذا لم ترتفع الرواتب في الوقت الذي يستمر فيه الانفاق الثابت في الارتفاع، فحينها ستشعر بأن ذلك لا يعمل من أجلك".
ولفتت ماي الى أن"لدينا ديمقراطية يجب أن تعمل من أجل الجميع، ولكن إذا كنت تحاول مراراً وتكراراً أن تقول أشياء تحتاج إلى تغيير وشكوتك لا يستمع اليها احد، فحينها ستشعر بأن تلك الديمقراطية لا تعمل من أجلك"، موضحة أن "جذور الثورة عميقة لأن الأثرياء لم يقدموا أكبر التضحيات بعد الانهيار المالي، ولكن الأسر العاملة العادية هي من قامت بذلك."
وقالت ماي إن "بريطانيا بلد مبني على الروابط الأسرية والمواطنة"، مشيدة بالمؤسسات بما فيهم هيئة الخدمات الصحية الوطنية وهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي".
واوضحت أن بريطانيا تقوم باخراج العديد من ألاشخاص الحائزين على جائزة "نوبل" أكثر من أي دولة أخرى باستثناء الولايات المتحدة، مشيرة إلى أن هذا الأمر يحدث بسبب اتحاد الشعب. وقالت: "أنا أحارب دائماً للحفاظ على اتحادنا التاريخي ولن ندع القوميين الانقساميين يقومون بتدمير هذا الاتحاد."
وأعلنت رئيسة الوزراء البريطانية أن الخطاب يهدف إلى اظهار رؤيتها الشخصية لبريطانيا، حيث قالت: "اليوم أريد أن اجيب على هذا السؤال بشكل مباشر جدا. أريد أن اكشف عن رؤيتي لبريطانيا بعد خروجها من الاتحاد الاوروبي. كما انني أريد أن أحدد وجهة نظري والأشياء التي أؤمن بها وأن أشرح ماذا يعني أن تعمل بلد من أجل الجميع". ومن أجل الحصول على دعم الملايين من العمال ذوي الياقات الزرقاء الذين كانوا حجر الأساس الداعم لرئيسة الوزراء السابقة مارغريت تاتشر، تعهدت ماي باستخدام قوة الحكومة بشكل مباشر من أجل خدمة الناس العاديين من الطبقة العاملة.
وحذرت الشركات قائلة: "إذا كنت مسؤولاً يكسب ثروة ولكن لا يهتم بموظفيه، اذا تعاملت احدى الشركات العالمية مع القوانين الضريبية كما لو كانت اجراء اختياري أو لو حصل أحد رؤساء الشركات على أرباح ضخمة على الرغم من معرفته أن هذه الشركة على وشك اعلان افلاسها، فأنا احذركم جميعاً لأن هذا الوضع لا يمكن أن يستمر أكثر من ذلك".
وأشارت ماي من أن حزب المحافظين دائماً ما يتم تعريفه على أنه حزب أعمال، مؤكدة أن سلوك الشركات السيء أثار الإحباط بين الناس. وقالت: "نحن جميعاً نؤمن باقتصاد ذي ضريبة منخفضة ولكننا نعرف في نفس الوقت أيضاً أن الضرائب هي الثمن الذي ندفعه للعيش في مجتمع متحضر. لا يوجد أفراد أو أعمال تجارية نجحت من تلقاء نفسها، ولذلك يجب علينا جميعاً أن نلعب دوراً في هذا النجاح".
وانتقدت ماي القانون الذي يتهم القوات المسلحة البريطانية بارتكاب انتهاكات مزعومة في العراق وأفغانستان، مشيرة إلى انها ستقوم بحماية القوات من ملاحقتهم قضائياً. وقالت: "لن ندعم قواتنا المسلحة فقط بقلبنا وروحنا أو بالاستمرار في إنفاق 2% من دخلنا القومي عليها، ولكننا لن ندخل في أي صراع مستقبلي يسمح للنشطاء ومحامين حقوق الإنسان اليساريين بمضايقة أشجع الشجعان رجالنا ونسائنا من قواتنا المسلحة."
وقالت رئيسة وزراء بريطانيا إن "حزب المحافظين لديه مسؤولية مضاعفة من أجل تمثيل الأمة كلها"، موضحة أن "هذا يعني مواجهة الظلم وتحويل اهتمام بريطانيا بشكل حاسم لصالح الطبقة العاملة، وذلك من أجل حصولهم على الفرص التي تكون في كثير من الأحيان حكراً على قلة محظوظة."
وختمت: "يجب على بريطانيا العالمية الواثقة أن لا تدير ظهرها للعولمة، ولكن يجب أن تضمن تقاسم منافعها من قبل الجميع. هذه هي لحظة الفارقة التي يجب فيها إعادة تشكيل مستقبلنا هنا في بريطانيا."
أرسل تعليقك