اضطرَّت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، للدفاع عن عرضها لتقديم أكثر من ثلاثة ملايين من مواطني الاتحاد الأوروبي الذين يعيشون في المملكة المتحدة الحق في البقاء بشكل دائم بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، بعد أن اصطف زعماء الاتحاد الأوروبي لانتقاد المقترحات البريطانية. وحسب صحيفة "التلغراف" ، فقد قدمت رئيس الوزراء "عرضا عادلا وجادا" للقادة الاوروبيين في بروكسل، حيث تعهدت بان جميع المواطنين الذين وصلوا الى بريطانيا قبل ان تطلق المادة 50 في مارس/آذار الماضي سيكون لهم الحق في البقاء.
لكن نظراءها في القارة الأوربية قالوا إن الاتفاقية ليست مشجعة بما فيه الكفاية وحذروا من انها ستجعل مواطني الاتحاد الاوروبي أسوأ حالا. وقال دونالد تاسك رئيس المجلس الاوروبي فى مؤتمر صحفي "إن عرض المملكة المتحدة هو دون توقعاتنا والمخاطر تفاقم وضع المواطنين". أما رئيس المفوضية الاوربية جان كلود جونكر فقال: ان الصفقة التي قدمتها السيدة ماي لم ترقَ الى المستوى الذي يطالب به الاتحاد الاوروبي. وأضاف: "هذه هي الخطوة الاولى لكن هذه الخطوة ليست كافية".
وكان الزعماء الاوروبيون الاخرون فاترين على افضل تقدير لمقترحات رئيس الوزراء مع المستشارة الالمانية انجيلا ميركل قائلة انهم يمثلون "بداية طيبة" لكنهم حذروا من ان هناك "العديد من القضايا الاخرى" التى تحتاج الى حل.
وقال رئيس الوزراء الهولندي مارك روت ان هناك "الالاف من الاسئلة التى يجب طرحها". ووصفه رئيس الوزراء البلجيكى تشارلز ميشيل بانه "اقتراح غامض بشكل خاص"، وقال المستشار النمساوي كريستيان كيرن ان عرض رئيسة الوزراء ماي يعد "خطوة اولى". وحذر من ان "الكثير من التفاصيل تبقى مفتوحة، وهناك الكثير من المواطنين الاوروبيين قلقون ولا يشملهم اقتراح ايار / مايو، وهناك طريق طويل امام المفاوضات".
وفي كلمتها في مؤتمرها الصحفي الذى عقد أمس، دافعت السيدة ماي عن مقترحاتها وقالت "ما زلت اعتقد ان هذا عرض عادل وجاد، ودعونا نكون واضحين حول ما نقوله. واضافت "ان ما نقوله هو ان هؤلاء المواطنين من دول الاتحاد الاوروبي الذين جاءوا الى المملكة المتحدة والذين جعلوا حياتهم ومنازلهم في المملكة المتحدة سوف يكونون قادرين على البقاء وسنضمن حقوقهم فيها. وأضافت: "أعتقد أن هذا عرض خطير جدا. هناك بعض الاختلافات بين ذلك والاقتراح الذي طرحته اللجنة الأوروبية، وسوف تدخل المسألة الآن في المفاوضات". كما اضطرت السيدة ماي إلى رفض الادعاءات التي وردت في صحيفة لندن إيفينينغ ستاندارد الصادرة عن جورج أوسبورن بأنها قد عرقلت محاولة ديفيد كاميرون لضمان حقوق مواطني الاتحاد الأوروبي في أعقاب الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي مباشرة.
وقالت الصحيفة في افتتاحيتها: "في حزيران / يونيو الماضي، في الأيام التي أعقبت الاستفتاء مباشرة، أراد ديفيد كاميرون طمأنة مواطني الاتحاد الأوروبي الذين سيسمح لهم بالبقاء، ووافقت حكومته على هذا العرض من جانب واحد، باستثناء وزير الداخلية، السيدة ماي".
وكانت السيدة ماي قد أقرت بالفعل بأن خططها للمهاجرين يرجح أن تكون موضع خلاف خلال مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وصرحت للصحفيين لدى وصولها لليوم الثاني من قمة الاتحاد الاوروبي يوم الجمعة بالقول: "بالطبع سوف تكون هناك تفاصيل عن هذا الترتيب الذي سيكون جزءا من عملية التفاوض ولكننا جعلنا ما اعتقد انه خطير جدا فهو عرض عادل سيعطي الثقة والطمأنينة لمواطني الاتحاد الأوروبي الذين يعيشون في المملكة المتحدة حول مستقبلهم ".
وصرحت رئيسة الوزراء للقادة الاوروبيين ليلة الخميس انه من الضروري ان يكون هناك اتفاق حول حقوق المهاجرين "متبادل" وان يقوم الاتحاد الاوروبي بمنح مليون مواطن بريطاني يعيشون في اوروبا نفس الحماية. كما رفضت تلبية مطالب الاتحاد الاوروبي بان "الموعد النهائي" الذي لن يعود بعده يحق لمواطني الاتحاد الاوروبي ان يبقوا في بريطانيا، بعد مغادرة بريطانيا للاتحاد الاوروبي. وقالت بدلا من ذلك انها ستكون مسألة للتفاوض ويمكن أن تقع في أي وقت بين 29 مارس/آذار 2017، تاريخ نفاذ المادة 50، وتاريخ مغادرة بريطانيا للاتحاد الأوروبي، ومن المتوقع أن يكون في مارس/آذار 2019. وسيحصل جميع ممن يصلون بعد "الموعد النهائي" على "فترة سماح" مدتها سنتان، ويتوقع منهم لاحقا الحصول على تصريح عمل أو العودة إلى بلدانهم الأصلية.
كما أقامت السيدة ماي صراعا آخر مع الاتحاد الأوروبي من خلال رفض المطالب بأن تستمر محكمة العدل الأوروبية في الإشراف على حقوق المهاجرين في الاتحاد الأوروبي بعد خروج بريطانيا من الاتحاد. وقال السيد جونكر أنه "من غير المعقول" أن محكمة العدل الأوروبية يمكن أن تكون غير مشاركة من أي دور قضائي في معالجة مستقبل مواطني الاتحاد الأوروبي في المملكة المتحدة.
وقالت انجيلا ميركل ان مقترحات تيريزا ماي حول حقوق مواطني الاتحاد الاوروبي في المملكة المتحدة لا تمثل "انفراجا" في مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد. وقالت المستشارة الالمانية ميركل ان خطة رئيس الوزراء التى طرحت فى قمة المجلس الاوربى فى بروكسل كانت "بداية طيبة". وفي مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس الفرنسي الجديد ايمانويل ماكرون قالت الزعيمة الالمانية انه "ما زال هناك طريق طويل لنقطعه بعد". وأضافت السيدة ميركل:
"كانت هذه بداية طيبة ولكن - وأنا أحاول أن أقول هذا بعناية فائقة - لم يكن انفراجًا. وختمت بالقول: "لقد قلنا اننا نريد متابعة هذه القضية فى تعاون جيد ولكن ما اثار امس كان ايضا انه مازال امامنا طريق طويل".
أرسل تعليقك