يستضيف "متحف طهران للفن المعاصر" معرضًا للفن العربي الحديث لبلدان كالمملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة، حيث يرسخ هذا المعرض الرابط الثقافي الإقليمي المتأصل بين تلك البلدان على الرغم من التوترات المتأججة بين إيران والدول العربية المجاورة.
ويضم متحف طهران للفن المعاصر بين جنباته مجموعة من أروع الأعمال الفنية الغربية الحديثة التي لا توجد في أي مكان خارج أوروبا والولايات المتحدة، حيث يضم أعمالًا لفنانين كجاكسون بولوك، فرانسيس بيكون واندي وارهول. ويعرض هذا المعرض حوالي 40 قطعة فنية لفنانين عرب بارزين جنبًا الى جنب مع 40 أخرى لفنانين إيرانيين.
وشهد هذا العام معدلات منخفضة في توتر العلاقات بين البلدان العربية المؤثرة ودولة إيران الفارسية بما في ذلك العداء الشديد بين الرياض وطهران على خلفية الصراعات الإقليمية بالإضافة إلى تنفيذ السعودية حكم الإعدام في حق رجل الدين الشيعي "نمر النمر", مما دفع الإيرانيين إلى مهاجمة السفارة السعودية في طهران.
ويقول محسن نفريستي أحد مسؤولي "متحف طهران للفن المعاصر": " يعزز هذا المعرض الروابط الثقافية بيننا وبين دول العالم بغض النظر عن الأوضاع السياسية. ففي خضم العقوبات التي كانت مفروضة على إيران استضافت طهران العديد من الأعمال الفنية من أجزاء مختلفة من العالم.
ويوضح كريم سلطان مدير مؤسسة بارجيل للفنون ومقرها في الشارقة والتي ترعي هذا المعرض المقام في طهران في تصريح له إلى صحيفة الغارديان أن الفن له عامل القوة التغلب على الأمور السياسية, وأكد أن بلاده تهدف إلى خلق حوار الثقافات وفتح سبل الحوار حول الفن, فهذا المعرض يقام في إيران بغض النظر عن الوضع السياسي وهذا يرجع إلى أهمية الفن في تقارب الشعوب
ويضيف سلطان أن هناك العديد من المعارض المقامة في دولة الإمارات وخاصة دبي حيث عرضت أعمال فنية لفنانين إيرانيين, فكل المعارض المقامة هي نتاج حوار ثقافي قديم عقد لهذا الغرض, ولهذا يعتبر المعرض المقام حاليًا في طهران دافعًا لمواصلة هذا الحوار في تلك المدينة العريقة والهامة في المنطقة.
وتأسس "متحف طهران للفن المعاصر" قبيل الثروة الإسلامية عام 1979 تحت إشراف فرح بهلوي ملكة إيران السابقة التي خبت مقتنياتها الثمينة والمقدرة بنحو 2.5 مليار دولار قبل أن تجتاح الثورة البلاد, حيث تضم ثروتها "جدارية بولوك على الأرضية الحمراء الهندية" التي تعتبر من أهم أعماله الفنية والمقدرة بنحو 250 مليون دولار, فضلًا عن قطع فنيه لبيكاسو وفان جوخ، مونيه، بيسارو، رينوار، غوغان وتولوز لوتريك ، ديغا، ويسلر ومارسيل دوشامب.
وفي عام 2012 بدا المتحف بعرض 100 عمل فني لأول عرض له حيث خرجت هذه الأعمال إلى العرض من قبو المتحف, فضم المعرض أعمال وارهول، ديفيد هوكني، روي ليختنشتاين وغيرها. وتعلق " شيفا بلغاني" باحثة في الفن المستقل في الولايات المتحدة أن المعرض يمثل لحظة تاريخية من تبادل الثقافات ومن ثم يمنح الزائرين فرصة مميزة لكي يستمتعوا بأفضل الأعمال الفنية العربية.
ومن بين الأعمال المقدمة بعرض الفن العربي الحديث هي لوحة "ملحمة الشهيد" للفنان العراقي كاظم حيدر وهي لوح رائعة لعشر خيول تناجي العدم, وأيضا لوحة "جمود الأرض" للفنانة السعودية مونيرة الموصلى, وفنانين آخرين ممثلين في هذا المعرض كعبدالله المحرقي من البحرين وعاصم أبو شقرة من فلسطين، الرفاعة الناصري من العراق وسيف وانلي من مصر.
كما يعتزم "متحف طهران للفن المعاصر" في المستقبل القريب أن يعير بعضًا من كنوزه إلى المتاحف والمعارض الموجودة في برلين وروما. فبعض الأعمال الفنية كان مقرر لها أن تقدم في برلين في وقت سابق من هذا العام لكن استقالة وزير الثقافة الإيراني الذي تنحي إثر ضغوط من المتشددين هي من أجلت هذه الاستعارة.
وتوجد تخوفات من مصير الكنوز المخفية الموجودة في إيران. فقد أعرب العديد من الفنانين ومن بينهم الرسام الشهير أيدين إغداشلو عن قلقه من الشروط التي بموجبها تحفظ اللوحات الفنية في المتحف, بينما تأفف ليلى جولستان وهو صاحب معرض مرموق من الهالة السرية التي تحيط بالأعمال الفنية في إيران، مع العلم أن بعض الأعمال الفنية مكدسة في قبو المتحف في طهران يغشاها الغبار، ولم تقدم إلى العرض مسبقًا, ولكن الرقم الدقيق لعدد الأعمال هذه غير معروف.
أرسل تعليقك