بعبائتها السوداء التي تغطي جسدها الطويل والممتلئ، دخلت "م.ن" إلى أحد الأسواق الشعبية شرق بغداد، بحثًا عن محل محدد، وبعد أن سألت أكثر من شخص وصلت له، وألقت نظرة قبل دخولها على صاحب المحل، نظرة سريعة لمعرفة عمره وطبيعته، حيث أنها ستكشف أسرارها بأكملها له.
ثوان معدودة فصلتها عن قرارها بالدخول من عدمه، إلا أن ما جاءت بشأنه أجبرها على الدخول، رغم طبيعة صاحب المحل وشكله وعمره، دخلت الى المحل وعرفته بنفسها ومن أرسلها له، لتبدأ بسرد قصتها.
المحل، الذي يقع وسط سوق شعبية تضم محال لبيع الملابس والفضة والبهارات والأحذية، يعتمد "شكليًا" على بيع الأحجار والخواتم، وضمنيًا على السحر "العمل" باللهجة العراقية، يجتذب صاحب المحل نساء من أماكن عدة، سواءً قريبة أو بعيدة، بسبب عمله و"قوته" وخبرته الطويلة.
عاش أصحاب هذه المهنة، فترات "قاسية" سواءً قبل 2003 أو بعدها، سابقًا كان أعضاء حزب البعث يكتبون عليهم التقارير وأغلب عملهم بالخفاء، ومن يأتي اسمه بالأمن العام "ينسى"، وبعدها، بدأت "الجماعات المسلحة" بالحد من هذه الظاهرة بالاضافة الى الاستخبارات، التي تقوم بجولات على المحال لمعرفة طبيعة عملها وتقوم بإقفال بعضها.
"العمل" تاريخ طويل، متجذر لدى شريحة واسعة من المجتمع ويُعتمد عليه في حل أغلب المشاكل والأمراض، وبرزت فيه أسماء كثيرة وبقت راسخة في بعض المناطق ويضرب بها المثل، ورغم كل المحاولات لمنعه وإنهاء "وهمه" إلا أنه يستمر، بدعم من "المحتاجين" له، الذين يعتمدون على "قصاصة ورقية أو عيدان بخور" لإنهاء أزماتهم، مهما بلغت شدتها.
تمكين الوهم على العقل، هذا ما يدفع أغلب من يعجز عن حل مشاكله لهذا الاتجاه ودفع الأموال مقابل شراء كلمة "طمأنة"، وهذا أساس ما يجذب الزبائن لاصحاب هذه المهنة، فأسلوب الحديث بثقة، يمنح الزبون "طاقة ايجابية" تجعله يتمسك بهذه الأعمال ويعتبرها "المفتاح السحري" لما يمر به.
صاحب المحل هذا بدأ بالاستماع لقصة "م" ومشاكلها مع زوجها وإهماله لها، رغم كل ما تقدمه له وقيامها بأغلب واجباته، إلا أنه لا يضع لها الاعتبار ويهددها بالطلاق يوميًا، "م" تقول إنها عجزت عن الوصول معه لنتيجة معينة، وباتت لا تعرف ما الذي يريده، فذهبت لإحدى النساء و"أخذت خيرة" وقالت لها أن هناك "عمل " لتفريقهما.
(م) قصدت صاحب هذا المحل، لإنهاء السحر ولتعود علاقتها بزوجها طبيعية، هذه أبرز المشاكل التي تدفع بالنساء للتوجه الى اصحاب هذه المهنة، وأبدت "م" استعدادها لدفع أي مبلغ أو أي شيء آخر مقابل الحفاظ على "بيتها".
سلبيات كثيرة يتحملها زبائن هذه المهنة، لكنهم يتجاوزونها بغية تحقيق مبتاغهم، ومن أبرز هذه الأمور، هو ما طلبه صاحب المحل من "م" بعد زيارات عدة، حيث بدأ معها بالابخرة وحرق قصاصات ورقية في منزلها بأوقات معينة ووضع بعضها في غرفة نومها، بالإضافة إلى إعطائها ماء وضعته مع طعام زوجها، بعد هذه الأمور وزيارات متعددة، طلب هذا الشخص من "م" أن تدخل معه لـ"الطبكة".
"الطبكة" وهي غرفة صغيرة في نهاية المحل، عادة تكون استراحة لصاحبه، توضع فيها مغسلة وأدوات بسيطة للطهي أو عمل الشاي، لكن البعض يستخدمها لـ"ممارسة الجنس" بأي صيغة، وما طرحه صاحب المحل هذا، هو أنه سيكتب على جسدها عبرات بـ"ماء الزعفران" حتى تجذب زوجها نحوها.
(م) ترددت قليلًا، ثم اقنعها بأسلوبه وبأنه لا يفكر بـ"غير أمور" لكن هذا لمصلحتها، حتى قررت أن تدخل وجردها من ثيابها وبدأ يكتب بـ"ريشة طائر" كلمات غير مفهومة ويرسم خطوط على جسدها، بماء يحمل رائحة الزعفران، وطلب منها أن تستحم قبيل عودة زوجها، وهو "وقت كافٍ ليأخذ العمل مجراه".
هكذا توالت الزيارات، وهي ما زالت تشتكي من حالة زوجها، وهو يصر على استكمال العمل، وبدأت تضعف تدريجيًا من ناحية زوجها، الذي أهملها "تماما" والتجأت لهذا الرجل.
قصة من شرقي بغداد، بدأت بجهل وتطورت لـ"كارثة"، بسبب عدم القدرة على التفكير بحلول واقعية ومنطقية، بسبب عدم الاستعانة بالأقارب والأصدقاء، وغياب الوعي.
بقليل من الأوراق والعطور الغريبة، يكون أصحاب هذه المهنة قادرين على السيطرة على عقول بعض النساء، وبعدها يبدأ لوم المرأة و"قتلها" في حال تم كشف سرها، من يتحمل مسؤولية هذه الافعال؟ المرأة لم تجبر على شيء، وصاحب "العمل" لا يعرفها حتى يستدرجها له، لكن وجوده يصنع الرغبة بعمل هذه الأمور، طرفين "مستفيد وضحية" لكن من هو الطرف الأساس بهذه العملية؟.
أخرى تروي قصتها فتقول عاشت بسعادة مع زوجها الذي يكبرها بسنوات قليلة، وكم كانت حياتهم لتكون أجمل لولا الديون المتراكمة على زوجها، ووضع الأسرة المادي الصعب.
بعد ارتشاف فنجان القهوة معها باشرت حديثها بحرقة ممزوجة بوفير من الحزن وأضعاف من الرغبة في الانتقام، هي سيدة" س،ج" ، تبلغ من العمر 32 عامًا، أمٌ لطفلة، تعيش بسعادة مع زوجها الذي يكبرها بسنوات قليلة، كم كانت حياتهم لتكون أجمل لولا الديون المتراكمة على زوجها، ووضع الأسرة المادي الصعب.
السيدة الشابة قالت" لم يكن سهلًا ما مررت به أبدًا، فطالما تمنيت أن يكون ذلك محض كابوس مرّ بين ليلة وضحاها، الا ان ذلك واقعًا عشت فيه وعاشته الكثيرات ممن اعتدن على زيارة هذا الدجال، الذي أوهمهن أنه يساعدهن، مستخدمًا أساليب مختلفة، منها "أن فكّ السحر يحتاج لقليل من الوقت، وبعض التعب " وما أدراك ما هو نوع التعب المذكور ، هذا الدجال استغل وضعي المادي الصعب، مدركًا أنني جدية في رغبتي لفك السحر الذي ادعى ان سيدة تدعى "ث،غ" قامت بطلبه من شيخ آخر لتدمر حياة أسرتي .
ولا أدري مدى صدق ذلك ، وبعد لقاءات عديدة قال لي ان ما من حل أمامي سوى أن أمارس الجنس معه لكي يتمكن من التعرف على نوع وفصيلة الجنيّ الذي ركبني ، على حد تعبيره ، مدعيًا أن هذا الجنيّ دخل عن طريق فتحة المهبل ولن يخرج إلا من هناك، علمًا أنه مستقر هناك، مؤكدًا لي أن رغبتي الجنسية أصبحت أضعف منذ أن دخل الى جسدي وأن السبب كما ذكرت، مع أنني لم أشتك من ذلك!.
وتابعت السيدة بألم "هذا الفتاح الدجال أكد أن معظم مشاكلي ستحل بعد أن يمارس الجنس معي ويتعرف على فصيلة الجنيّ ويخرجه، وبعد تفكير عميق دام أيام طويلة لم أنم فيها للحظة وأنا أفكر بما قاله لي وأغرق بين أمواج تأخذني يمينًا ويسارًا، فتارة أجبر نفسي على عدم التفكير في الموضوع وعدم العودة لهذا الشيخ ثانية، وتارة أخرى اقتنع تمامًا أن عليّ أن أضحي من أجل حياة زوجية عائلية سعيدة وهنيئة ، وبعد أن وقفت حائرة بين هذا وذاك قررت خوض التجربة وذهبت الى هذا الدجال الذي استقبلني في غرفة نوم وما هي الا دقائق قليلة بعد دخوله ونومه الى جانبي حتى فقدت وعيي ولم أستيقظ الا بعد مرور وقت لا أدري ماذا حدث خلاله، حيث وجدت نفسي ملقاة على السرير عارية ،كما خلقني ربي، فنهضت مسرعة لأرتدي ملابسي وما ان خرجت من الغرفة حتى وجدت الفتاح بانتظاري مطالباً بحسابه الذي وصل قيمته الى 250 الف دينار، طالبًا أن لا أخبر أحدًا بما حدث لكيلا أفسد ما يحضره من علاج، فسددت هذا المبلغ وخرجت من بيته أحاول تذكر تفاصيل ما حدث الا أنني لم أتمكن من ذلك.
وأضافت السيدة "بعد مرور أيام اتصلت للفتاح لأطمئن على سير عمله في فك السحر خاصتي، فأجابني أنه تمكن بنجاح من التعرف على الجنيّ ذاكرًا أن اسمه ظافر وأنه من فصيلة الجن الأحمر، فاستفسرت عن كيفية طرده من جسدي، فقال انه تحدث اليه خلال ممارسته الجنس معي، حيث أخبره "الجني" أنه لن يخرج الا بعد ممارسة الفتاح الجنس معي ثانية، فوافقت مشترطة أن تكون هذه هي المرة الأخيرة، فقال لي بالتأكيد إن الأمر لن يطول أكثر من ذلك وأن قليلًا من الصبر لا يضر، مؤكدًا أن هذا التعب سيثمر في النهاية وستحل مشاكلي، وبالفعل زرته في اليوم التالي وبعد ان قرعت الباب استقبلني برحابة صدر ورافقني الى غرفة ، لم تكن تلك الغرفة التي كنت فيها في المرة الأولى ولم يكن فيها سوى سرير وبطانية، وطلب مني أن أنام هناك إلى حين عودته، فخرج مغلقًا باب الغرفة خلفه، دقائق قليلة حتى بدأت أسمع صوت تأوهات سيدة تنبعث من غرفة مجاورة.
قمت لأستطلع الأمر حتى ذهلت من هول ما رأيت فقد كان هذا الفتاح الدجال يمارس الجنس مع سيدة أخرى كما فعل لي، حتى أدركت أن هذا نهجًا يستخدمه هذا الشيخ لقضاء حاجته الجنسية على حساب سيدات وصبايا بريئات اقتنعن بما يدور الحديث عليه من السحر والجن والحجاب وقررن أن يحمين أنفسهن وأن تفكَن الأسحار التي أوهمهن البعض أنها موجودة لهن.
أرسل تعليقك