تحركت الحكومة التركية بسرعة كبيرة لحماية الليرة التي هوت 5% أمام الدولار، ووفرت سيولة مالية للبنوك بفائدة صفرية، بعد محاولة قلب نظام الحكم، وهي خطوات عاجلة تأتي لمواجهة هلع المودعين والسيطرة على انسيابية حركة الأموال في الاقتصاد، وللحد من التداعيات السلبية المرتقبة على الاستثمارات الأجنبية، ومن بينها الاستثمارات الخليجية التي تضاعفت عدة مرات خلال السنوات القليلة الماضية.
واعتبر خبراء اقتصاديون هذه الخطوات السريعة بأنها مؤشر على الرغبة في ضمان استقرار الاستثمارات الأجنبية التي ستخشى على مستقبلها في ضوء حالة عدم اليقين تجاه الأوضاع في تركيا، واصفين القرارات الاقتصادية، وتحركات البنك المركزي المقبلة، بأنها لا تقل أهمية عن العامل السياسي، المتمثل في ضرورة منح رسالة ثقة للعالم، خصوصا الاستثمارات التي ستعاني من تراجع قيمة الليرة وتذبذبها.
وعبّر بعض الخبراء عن ثقتهم بقدرة الاقتصاد التركي، مع استعادة الدولة حالة الاستقرار على المدى البعيد، وقدرته على مواصلة توفير الفرص الاستثمارية للشركات الأجنبية، معتبرين أن محاولة الانقلاب ستكون لها تأثيرات على المدى القصير، لكنها ستتحول إلى تعزيز الثقة بالاستقرار على المديين المتوسط والبعيد.
وقال رئيس قسم الأبحاث لدى شركة الاستثمار كابيتال، مازن السديري لـ"العربية.نت"، إن الاستقرار السياسي ظل تاريخيا مؤرقا تقليديا، يؤثر على حال الاقتصاد التركي، وحجم الاستثمارات المتدفقة من الخارج فيه، مؤكدا أن تاريخ اقتصاد تركيا مرير مع الانقلابات وبالتأكيد ومن دون الخوض في الفوارق والخلافات السياسية، فإن المستثمرين في أي مكان في العالم يفضلون العمل في ظل حكومة مستقرة بعيدة عن الانقلابات وغير مهددة بها.
وأكد السديري تفاؤله بمستقبل الاقتصاد التركي، قائلا: "رسالة الطمأنة المهمة جاءت من تمسك الشعب بديمقراطيته، وهذا مهم على المدى البعيد للمستثمرين الأجانب في تقييمهم للمخاطر في تركيا".
وتُشير تقديرات إلى أن حجم الاستثمارات الخليجية في تركيا قد تضاعف خلال السنوات القليلة الماضية، لكن الإحصاءات حول حجم تلك الاستثمارات قليلة وغير دقيقة، لكن أقرب التقديرات تتحدث عن استثمارات في قطاع العقار جرت خلال السنوات الخمس الأخيرة جعلت قيمة الاستثمار الخليجي في قطاع العقار التركي ترتفع إلى 10 مليارات دولار.
ومما يُصعّب التخمينات حول قيمة هذا النوع من الاستثمارات أنها تختص بأموال خاصة، حيث يبادر المواطنون الخليجيون بشراء العقارات منذ سنوات قبل أن تذهب البنوك الخليجية وتواكب الطلب على العقار التركي بتقديم حلول ومنتجات عقارية وتمويلات متعددة هناك.
وتعمل 4 بنوك خليجية في تركيا، أحدها مصرف تابع لبيت التمويل الكويتي (بيتك)، حيث استبعد رئيسه التنفيذي، مازن الناهض، تضرر المصارف العاملة في تركيا بتداعيات "محاولة الانقلاب الفاشلة على المديين المتوسط والبعيد".
لكن حالة عدم اليقين بحسب ما قاله الناهض لقناة "العربية" سيكون تأثيره على المدى القصير، مؤكدا أن "بيت التمويل في تركيا جرى التواصل معه من قبل البنك المركزي التركي، من أجل توفير السيولة اللازمة تحسبا لوجود أي تداعيات بدءا من يوم الاثنين".
وأكد الناهض أن المجريات التي حصلت "لن تكون سلبية لبيت التمويل الكويتي"، مؤكدا أن "المرحلة المقبلة في تركيا ستكون أقوى، وسيوفر اقتصادها فرصا أفضل لبيت التمويل في سوق واعدة وقوية جدا".
وتوقّع تقرير لصحيفة "لوفيغارو" الفرنسية، أن تكون الضربة القوية من تداعيات محاولة الانقلاب في قطاع السياحة، وذلك بعد تفجيرات استهدفت عدة أماكن في تركيا، منها مطار أتاتورك في اسطنبول، وهو ما يهدد بموجة قوية من إلغاء الحجوزات السياحية.
ونقلت الصحيفة إحصاءات عن منظمة السياحة العالمية، تُفيد بتراجع السيّاح الوافدين إلى تركيا بنسبة 12.8% خلال الشهر الحالي، مُعتبرة أن قطاع السياحة هو أكثر القطاعات حساسية للتوتر الأمني في تركيا، وهو القطاع الذي يستقبل الكثير من الاستثمارات، وربما يؤثر على أداء العديد من القطاعات الأخرى المرتبطة به.
أرسل تعليقك