قال المستشار أحمد الزند وزير العدل إن ما ستطرحه الحكومة في بيانها علي مجلس النواب سيشمل حزمة من القوانين الهامة للوطن والمواطنين ، مؤكداً أنه لا فصل بين قوانين وزارتي العدل والعدالة الانتقالية وجميعها تعبر عن وجهة نظر الحكومة.
وأوضح وزير العدل ـ في تصريحات اليوم ـ أن حزم القوانين تتضمن ما يتعلق بالمحطات النووية ، وقوانين تنظم تملك الأراضي في سيناء وتناقش حق الانتفاع ومدته وامتلاك الأجانب للأراضي ، بالإضافة الى قوانين حماية المبلغين ، وقانون نهر النيل الموحد ، والملاحة البحرية ، بالإضافة إلي تعديلات في قانون الاستثمار ، والتنمية الصناعية، وتنمية المجتمعات المحلية، والشباب والرياضة، وقوانين متعلقة بالمجلس الوطني للإعلام ونقابة الإعلاميين ، وقانون الصحافة.
ونفي الزند وجود أي مشروعات تشريعية تطرحها الحكومة تتعلق بالجهاز المركزي للمحاسبات ، ملمحاً إلي عدد من الحلول الدستورية والقانونية المرتبطة بما يثار من تصريحات منسوبة لرئيس الجهاز ، تخص تعديلات القانون – التي أقرت مؤخراً – بما يتيح لسلطات رئيس الجمهورية عزل رؤساء الأجهزة الرقابية ؛ وفق الضوابط القانونية ، بالإضافة إلي المادة 216 من الدستور.
وانتقد وزير العدل اصطفاف البعض حول شخص رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات ، والدفاع عنه، فضلاً عن التشكيك في تقرير لجنة تقصي الحقائق الخاصة بتصريحات وتقرير الجهاز المركزي للمحاسبات؛ والمتعلقة بحجم الفساد الإداري، مؤكداً أن البعض يسئ فهم “الحصانة” ، وقال ” ليس هناك أكثر حصانة مما يمنح للقضاة أو النواب ، ولكن ليس معني الحصانة تحصين ضد الخطأ ، ولكنها ضد التشفي والانتقام والكيد في ممارسة عمله في التصدي للتصرفات الضارة في المجتمع ، وعرقلته ضد ممارسة عمله ” ، مشدداً على أنه لا عصمة ولا حصانة لمخطيء.
وأكد أن الوزارة تشعر بنبض المواطنين وعدم وجود عدالة ناجزة في إجراءات التقاضي التي تستمر لسنوات طويلة بسبب تعقيدات القوانين ، معلناً عن إجراءات تشريعية لإصلاح المنظومة القضائية والقوانين تهدف إلي وصول مدة التقاضي لأي قضية الى عام واحد فقط.
وأوضح أن منظومة القضاء تعتمد علي ثلاثة قوانين حاكمة هي قوانين (المرافعات، والإجراءات الجنائية، والسلطة القضائية)، واصفاً القوانين الحالية بأنها لا تتحمل أية إصلاحات ، ولكن لا بد من قوانين جديدة تحقق العدالة الناجزة ، بالإضافة إلي ما بدأت فيه الوزارة من إجراءات متعلقة بتقسيم المحاكم جغرافياً والدعم الفني لقطاع الخبراء والطب الشرعي ، فضلاً عن زيادة أعداد المحاكم ، وأضاف أنه تم البدء فعلياً من خلال إدارة التشريع بوزارة العدل في الإعداد لتلك القوانين الجديدة.
وشدد الزند على أن التعاون بين وزارتي العدل والعدالة الانتقالية يصل الى نسبة 99.5% ، وأنه لا تضارب بين التشريعات بسبب التعاون بين الوزارتين ، مشيراً إلي أنه يمكن الحاجة إلى مزيد من الضبط وتحديد المسئوليات والاختصاصات في المستقبل بعد اكتمال منظومة البناء التشريعي التي قد تأخذ مزيدا من الوقت.
وتطرق وزير العدل إلى رأيه الشخصي في مسألة وزارة العدالة الانتقالية ، مبيناً أنها قد تعقد الأمور لأن التوقيت الذي كان يعد مناسباً لها ، وأضاف أن العدالة الانتقالية هي انتقال العدالة ، والعدالة معاييرها ثابتة ، ودورها وقف التشريعات الطبيعية والقاضي الطبيعي عند حدود معينة ثم البدء في إجراء قوانين جديدة بإجراءات جديدة.
واستطرد بأن الأحكام النهائية في محاكمة رموز النظام السابق ، ورموز “نظام أهل الشر” ستصدر قريباً بعد أن جرت وفق القانون الطبيعي ، وباتت محاكمتهم وشيكة علي الانتهاء ، مؤكداً أن مصر تنجح في السير عبر الخط الآمن الذي قد يكلفها بعض المتاعب ولكنه الخط الأفضل.
ورفض المستشار أحمد الزند الإفصاح عن الأسماء أو المبالغ التي سيتم استردادها قريباً من “مستثمرين كبار” بعد التصالح في قضايا الكسب غير المشروع ، مشيراً إلي أن الإفصاح عنها في الوقت الحالي قد يضر بمصر ضرراً بالغاً بسبب شركاء أولئك المستثمرين ، فيما سيتم الإعلان عن تلك الإجراءات بعد توقيع المصالحة لطرحها علي الرأي العام.
وأضاف أنه يجب الاعتراف أن المال العام تم الاعتداء عليه ، وعرض البلاد إلي المزيد من الخسائر ، ولكن “السياسة هي فن الممكن” ؛ فيجب التعامل مع الأوضاع الحالية ، مفرقاً بين التصالح في قضايا الكسب غير المشروع ، وقضايا المال العام – وفقاً للمادة 18 من قانون الإجراءات القانونية ، مشيراً إلي 45 طلبا من مستثمرين كبار للتصالح ورد المال العام ، وهو أمر متاح لأي فرد من أفراد الشعب عدا جريمة الرشوة.
وأوضح أن السياسة التشريعية في العالم تتطور إلا أن التطور في مجال القانون والعدالة يتسم بالجمود والثبات، مبيناً أن التصالح في القانون المصري مطبق منذ 20 سنة في جرائم التهرب الضريبي، والدعوى الجنائية التي يحركها وزير المالية وليس النائب العام، وإذا تم التصالح مع الضرائب تنقضي الدعوى بالصلح، وتعديل في قانون الإجراءات متعلق بعدة جرائم مثل الضرب البسيط، والشيكات بدون رصيد.
وأضاف ” إن المشرع المصري سبق المشرع العالمي؛ بالنظر إلى أن الحبس ليس الحل لكل الجرائم ، فالحصاد مر ، وإن حبس رجال الأعمال يوقف استثماراتهم ، وينتهي بغلق مصانع وتشريد عمالة ، بالإضافة إلي سلسلة متوالية من البشر تتعرض إلي الإضرار دون ذنب جنته”.
ولفت إلي أن البعض يروج لمفاهيم مغلوطة حول مبدأ التصالح ، مشدداً على أن “التصالح لصالح الوطن” ، مستدلاً علي ذلك بما يتاح من وسائل آمنة وقانونية لاسترداد المال العام ورده بفوائده القانونية ، وأن التصالح تم تعديله ليتناسب مع المنطقي لاسترداد الأموال بفوائد منطقية ومركبة تحفز علي استرداد المال العام.
وأوضح المستشار الزند أن إحالة الأوراق لها أثار تترتب عليها “نرغب في سرعة التخلص منها” من أجل الاندماج في الحياة والإجراءات العادية لتحقيق السكون والاستقرار ، ليمكنهم بعد التصالح العودة لمزاولة النشاط مرة أخرى ، فضلاً عن جذب المزيد من الاستثمارات، خاصة في ظل العلاقات بين رجال الأعمال والاقتصاد عبر الدول.
ووصف ما يثار حول دستورية لجنة التصالح بـ “فزلكة فارغة”، وأن الفصل في دستوريتها حق أصيل للمحكمة الدستورية العليا – المصنفة الثالث علي مستوى العالم ـ بما يؤدي إلي الوقوع في مشاكل مصطنعة يستفيد منها البعض ، موضحاً أن الفصل بعدم دستورية اللجنة لن يضر أحد.
وأضاف أن بعض القوانين التي يتم إقرارها ويناقشها مجلس النواب بلا عوار ؛ قد يظهر عدم سلامتها أو دستوريتها في أعقاب تنفيذها علي أرض الواقع ، مشدداً على أن لجان التصالح في المال العام يتم رفعها إلي مجلس الوزراء بما يخفف مما على كاهل القضاء ، وتلك اللجان بها متخصصون في خبرات قد لا تتوافر في القضاء وتفتح باب الأمل أمام الناس.
وقال الزند ” إن عدم الدستورية مرض خبيث يختبئ في ثنايا القانون ، لا يظهر إلا بتطبيقه” ، مشيراً إلى أن عدم دستوريتها ليس نهاية المطاف ، ويمكن وصفها بالاجتهاد.
وعن أوضاع القضاة ، قال وزير العدل أنه راضي تماماً عن مستوى تأمين القضاة ، ويقينه بقدرات الأمن المصري والظروف التي تمر بها البلاد، مستدلاً بذلك علي الإجراءات التي اتخذتها الوزارة بتخصيص مساعد لوزير العدل لشئون أمن القضاة ، وتطوير تأمين المحاكم بإضافة البوابات الإلكترونية.
واختتم المستشار أحمد الزند تصريحاته بأنه قاض ولا يزال رئيس بمحكمة استئناف القاهرة ، ويمكنه العودة لمنصة القضاء في حالة خروجه من الوزارة.
أرسل تعليقك