الدوحة_ قنا
انطلقت هنا اليوم فعاليات المؤتمر الاسلامي التاسع لوزراء الثقافة في العالم الإسلامي بمشاركة قطرية، ويستمر ثلاثة أيام ويعقد تحت شعار "نحو ثقافة وسطية تنموية للنهوض بالمجتمعات الإسلامية"، وتتضمن فعاليات المؤتمر مائدة مستديرة على مستوى الوزراء حول تعزيز الوساطة الثقافية في العالم الإسلامي.
وأكد الدكتور حمد بن عبدالعزيز الكواري وزير الثقافة والفنون والتراث، في كلمته أمام المؤتمر، أن دولة قطر تؤمن إيمانا راسخا بضرورة التمكين للحوار بين الحضارات والثقافات، وقد بذلت في سبيل ذلك جهودا استثنائية في هذا الاتجاه، فنظمت العديد من الفعاليات والمؤتمرات لتنشيط هذا الحوار لخلق التفاعل المطلوب بين سائر المجتمعات على اختلاف ثقافاتها .. مبينا أن وجود مركز الدوحة لحوار الأديان خير دليل على هذا المسار.
وأوضح أن الثقافة الإسلامية هي أكثر الثقافات احتراما للآخر وانفتاحا عليه، وأن من أهم مرتكزاتها التعارف بين الشعوب والتعاون بين الحضارات امتثالا لقول الله تعالى: "يا أيّها النّاسُ إنَّا خلقْناكمْ من ذكَرٍ وأُنْثى وجعلناكم شعوبا وقَبَائِلَ لتَعارفُوا"، كما أن خيرها لا يقتصر على اتباعها فقط وإنما يتسع ليشمل جميع الناس على اختلاف أعراقهم وأديانهم بنص القرآن الكريم إذ يقول الله لنبي الإسلام محمد (صلى الله عليه وسلم):" وما أرْسلْناكَ إلاَّ رحمة للعالمين". ودعا إلى إعادة التفكير في خطابنا الثقافي الراهن "لتستعيد ثقافتنا قيمتها الحقيقية وتستأنف أمتنا إسهامها في الثقافة الإنسانية الحافلة بمضامين التحضر وحقوق الإنسان في ظل المستجدات الحضارية الراهنة".
وقال وزير الثقافة،في كلمته،"إن التحديات الثقافية الكبرى في ظل السياق التاريخي الجديد يفرض على الدول الإسلامية بذل الجهود للارتقاء بثقافتها ورفع الالتباس عن نظرة الاخرين"، مطالبا بمواجهة هذه التحديات لرسم الوضع المستقبلي للأجيال القادمة ولمجتمعاتنا الإسلامية، لافتا إلى أن مسؤولية القائمين على الثقافة في العالم الاسلامي مضاعفة وتتطلب مواصلة الارتقاء بمكوّنات ثقافتنا من جهة، ورفع الالتباس عن نظرة الآخرين لنا من جهة ثانية.
وأكد أن " ثقافتنا حافلة بالقيم الإنسانية النبيلة التي لا ينكرها إلا جاحد، كما أن تاريخنا المجيد حافل بهذه الصورة المستنيرة للقيم الإنسانية، فضلا عن إسهامنا في الحضارة الإنسانية وفي التقدم كغيرنا من الشعوب"، قائلا "من الضروري التفكير في صناعة صورتنا على قاعدة هذه القيم الكبرى ووفق متطلبات عصرنا الجديد".
وأضاف وزير الثقافة والفنون والتراث "أن الثقافة الإسلامية تعتبر الآن في مواجهة مع الأفكار الغريبة عن قيمنا وهويتنا ومرتكزاتنا الدينية التي يتمثل جزءا كبيرا منها في الانفتاح على الآخر الأمر الذي يتعارض مع مبادئ قبول الاختلاف والتنوع لدينا، ويشهد تنوع نسيجنا اللغوي والعرقي على وحدة هويّتنا وإيماننا بأنّ القواسم المشتركة بيننا لا يزيدها التنوع إلا توحدا"، مؤكدا أن الثقافة الإسلامية هي الأكثر انفتاحا على الآخر،" فنحن نعيش حياتنا في ثقافة منفتحة تؤمن بالحرية للجميع وتعتبرها قيمة عليا للمجتمع، وكلما قبلنا باختلافاتنا اتسعت رؤيتنا للحياة المشتركة في عالمنا، لذلك نعمل سويا على تثمين هذا المكون الرئيسي في هويتنا الثقافية".
وقال "لا يمكن أن ننكر أننا نواجه القائلين بالصدام الحضاري في داخل ثقافتنا وخارجها، وهو أمر ينسحب على الثقافة العالمية أيضا"، داعيا إلى التسلح بمبدأ حوار الحضارات الذي يقوم على التعارف بين البشر ويهدف إلى بلوغ الحرية والرقي الفكري والروحي بين جميع البشر الذين يسعون إلى تحقيق وحدتهم الأصلية في الأخوة الآدمية.
أرسل تعليقك