بلدة الحصن مشروع سياحي جميل يعانق التراث ويحيي ذاكرة التاريخ
آخر تحديث GMT04:04:46
 العرب اليوم -
الجيش الإسرائيلي يقول إن سلاح الجو استهدف منشأة يستخدمها حزب الله لتخزين صواريخ متوسطة المدى في جنوب لبنان أكثر من 141 قتيلا في اشتباكات بين القوات السورية وهيئة تحرير الشام في ريفي حلب وإدلب بوتين يقول إن الهجوم الضخم على أوكرانيا كان "ردًا" على الضربات على روسيا بأسلحة أميركية وبريطانية الجامعة العربية تطالب بالوقف الفوري لإطلاق النار في غزة والسماح بدخول المساعدات الخطوط الجوية الفرنسية تواصل تعليق رحلاتها إلى تل أبيب وبيروت حتى نهاية العام قطر ترحب بوقف النار في لبنان وتأمل باتفاق "مماثل" بشأن غزة وزير الدفاع الإسرائيلي يوعز بالتعامل بشكل صارم مع الأشخاص المحسوبين على حزب الله العائدين إلى الشريط الحدودي مع إسرائيل الجيش الإسرائيلي يصدر أوامر إخلاء لسكان عدد من المناطق في صور ويأمرهم بالتوجه إلى شمال نهر الأولي الدفاع الجوي الأوكراني يعلن إسقاط 50 مسيرة روسية من أصل 73 كانت تستهدف مواقع أوكرانية الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا
أخر الأخبار

لا يزال بعض بيوتها قائمًا وإن تهدمت الأغلبية

بلدة الحصن مشروع سياحي جميل يعانق التراث ويحيي ذاكرة التاريخ

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - بلدة الحصن مشروع سياحي جميل يعانق التراث ويحيي ذاكرة التاريخ

بلدة الحصن مشروع سياحي جميل
بيروت - زياد جيوسي

هي الحصن لم آكل ولم آمل وأنا أجولها برفقة مضيفيني الرائعين الأخ محمد الحتاملة (أبو حسين) وابنته الفنانة التشكيلية رنا حتاملة، وإن كنت أخشى أني أتعبهم كثيرًا في التجوال والمشي، فأنا اعتدت أن أجول على قدميّ مناطق بأكملها بدون تعب في الجبال والوديان والخرائب والبلدات، حاملًا حقيبتي الصغيرة وعدستي وقلمي على عاتقي الستيني، باحثًا في وطني عن وطن.

بلدة الحصن مشروع سياحي جميل يعانق التراث ويحيي ذاكرة التاريخ

بيوت كثيرة رأيتها في بلدة الحصن ما زال بعضها قائمًا وإن تهدمت الأغلبية، ولفت نظري بيت ما زال الدرج الذي يعلوه قوسًا حجريًّا قائمًا متحديًّا غوائل الزمان وعبث العابثين، وإن تهدم البيت الذي يشير إلى أنه كان بيتًا لأحد من عِلّية القوم ببقايا تصميمه وبقايا الدرج، وواضح أن هذا البيت كان له مبنى علوي (عِلّية) ما يشير إلى وضع اجتماعي أو اقتصادي لمن كان يمتلكه، واتجهنا من هناك إلى متنزه القناطر السياحي، وهو بالأصل كان مطحنة للقمح (بابور طحين) كما اعتاد الناس على تسمية مطاحن القمح التي دخلتها المكننة في الأردن وفلسطين، وضمن مشروع سياحي جميل، والمفترض أن يكون نقطة جذب سياحية لمن يرغب بزيارة الحصن. كان متنزه القناطر مصممًا بشكل تراثي جميل، فالخارج محاط بالأعمدة التي تشابه الأعمدة الرومانية بتيجانها ومدخله كما بوابات الرومان مرتفع يعلوه القوس الحجري وقائم على الأعمدة، وواضح أن الفنان المعماري الذي صممه مازج ذاكرة التاريخ في المنطقة بالفكرة، ففي الداخل وفي كل نمط البناء نجد التمازج الحضاري الجميل، ولفت نظري مبنى مرتفع وكأنه قلعة تمازج التاريخ بالحديث، واستخدمت لها النوافذ الخشبية التي عرفت في مصر، والمطعم بجوار المسبح أخذ بتصميمه طابع الكهوف التي توجد بها الأعمدة الهابطة بفعل تمازج المياه مع الكلس، وفي زوايا مختلفة من المساحة الواسعة كانت هناك بعض القطع التراثية وإن كانت قليلة، وإضافة إلى نمط الأعمدة والأقواس والقناطر التي سادت التصميم، كان هناك استخدام للحجارة القديمة في البناء، ويا ليت البناء بأكمله اعتمد على هذه الحجارة وهي متوفرة بكثرة في الحصن بحكم البيوت المهدمة بفعل الزمان أو هجر الإنسان، وجلسنا لنرتاح قليلًا، واحتسينا القهوة  قبل أن نغادر وإن سررت بهذا الجمال والإبداع والفكرة الرائعة والاستثمار الجميل، لكني تمنيت أيضًا لو كان تصميم المقاعد والطاولات مستمدًا من التراث من خلال استخدام الخشب كيلا يكون نشازًا مع التصميم العام، وأعجبتني جدًّا الساحة الداخلية للمنتجع بسعتها وإمكانية استغلالها بندوات واحتفالات وعروض سينما.

بلدة الحصن مشروع سياحي جميل يعانق التراث ويحيي ذاكرة التاريخ

من المتنزه السياحي كانت وجهتنا نحو بيت تراثي كان يعود إلى (عقلة باشا) وهو من علية القوم، ومن تصميم بوابته الخارجية يشعر المشاهد بوضع صاحبه ومالكه الأصلي الاجتماعي فالبوابة مرتفعة وكبيرة تسمح للفارس أن يدخل على ظهر جواده لساحة البيت، وساحة البيت واسعة وواضح أنه كان على أطرافها إسطبل خيل، والأبواب القديمة الخشبية التراثية تعلوها الأقواس، وفي وسط القوس حجر منقوش بإشارات تشير لمرتبة اجتماعية لصاحب المكان، إضافة إلى وجود النوافذ التي تعلوها الأقواس وسعة البيت وامتداد مساحته، وهو كما باقي البيوت التراثية في الحصن مسقوف بواسطة العوارض المعدنية، وليس العقود المتصالبة أو نصف البرميلية.

بلدة الحصن مشروع سياحي جميل يعانق التراث ويحيي ذاكرة التاريخ

ومن هذا البيت القريب من البركة الرومانية اتجهت للبركة التي تعتبر مركزًا متوسطًا في البلدة وعلى بعد مسافة قصيرة من تل الحصن التاريخي، وهذه البركة كانت تجمع مياه الأمطار منذ العهد الروماني، وكما اعتاد الرومان ففي كل المناطق التي احتلوها وأقاموا بها كانوا يحفرون البرك وينشئون أنظمة للري والقنوات، وهذا شاهدته في العديد من المناطق في الأردن وفلسطين وسوريا ولبنان، فالماء كان ولم يزل وسيبقى عصب الحياة، وتمتاز بركة الحصن بمساحتها واتساعها وموقعها، ولكن أثناء زيارتي وجدت أن هناك تقصيرًا من البلدية بها، فهي تحتاج إلى تنظيف وإزالة الأتربة المتراكمة والقمامة والنباتات التي نمت على حوافها، لتصبح مزارًا سياحيًّا وقبلة للزائرين وأبناء البلدة.

بلدة الحصن مشروع سياحي جميل يعانق التراث ويحيي ذاكرة التاريخ

وعودة إلى تاريخ الحصن، تشير الأبحاث والتنقيبات الأثرية إلى أنه في فترة الفرعون تحتمس الرابع في العهد البرونزي المتأخر برزت أهمية خاصة لتل الحصن، ففي الدور الأول لهذا العصر كانت للتل أهمية وتواصل مع الحكم الفرعوني، وفي الدور الثاني لهذا العصر ورد في مكتبة تل العمارنة وهي عاصمة الفراعنة في تلك المرحلة، ألواح طينية توثق مراسلات ملوك مصر بغيرهم من الملوك في الدول الأخرى وفيها ما يشير لدور الحصن والأردن، وفي المرحلة الثالثة كانت الحصن مطمعًا للأسرة المصرية التاسعة عشر بسبب شهرتها وغناها بالحبوب والزيتون والعنب وخصوبة أرضها.

بالقرب من موقع البركة كنت أتأمل مدخل مبنى كان يحمل اسم رواق الحصن الفني، وهو من البيوت التراثية أيضًا وبوابته مرتفعة وواسعة وجميلة، وإن تغير الباب إلى بوابة معدنية يعلوها القوس الحجري، إلا أن العارضة الخشبية بين القوس وأعمدة البوابة الجانبية ما زالت موجودة، وبداخل الحديقة وعلى الرصيف ما زالت الأشجار خضراء تشهد على الاهتمام بالبيت، لنتجه بعدها إلى بيت (أسعد معمر) وهو بيت تراثي قديم مهجور وواضح من طبيعة الحجارة أنه بني على أكثر من مرحلة، والبناء الأحدث منه يتميز بالأقواس للأبواب والنوافذ، وتصميم النوافذ طولية واسعة، وكما نظام تلك البيوت التراثية فالغرف تصطف بجوار بعضها، وأمامها ساحة واسعة والبناء يعتمد على الحجر، وساحة البيت الأمامية (المصطبة) مبلطة ببلاط جميل لم نعد نجده هذه الأيام، بينما البيت الأصلي وهو الأقدم فنمط البناء تقليدي جدا ونوافذه مربعة ما يشير إلى أكثر من مرحلة بالبناء وكل مرحلة لها ظروفها الاقتصادية الخاصة بها.

من هذا الصرح السياحي الجميل جلنا عدة مناطق في البلدة تحتوي بقايا للبيوت التراثية، بعضها ما زال مستخدمًا بغض النظر إن كان من يسكنها من أهل البلدة أم من العمالة الوافدة، كما سمعت اللهجات خلال تجوالي والترحيب من بعض من هم في هذه البيوت، وبعضها أطلال مهدمة أو خَرِبة تروي بصمت حكايات من مروا منها، متجهين نحو المسجد القديم في الحصن، وهو من أقدم مساجد الحصن مبنيّ من الحجارة على نظام أبنية الحصن التراثية، وله مئذنة جميلة واضح أنها ألحقت بالبناء في فترة لاحقة، ومساحته واسعة وله جمال متميز، وفيه شعرت بعبق الروح وهي تحيا لحظات متميزة في محراب من إيمان وجمال، وبجوار المسجد مباشرة  مقر مكتب أوقاف لواء بني عبيد، وحسبما أفادني الموظفون الذين التقيتهم أن هذا المكتب هو المشرف على 105 مساجد، ولكني لاحظت أنه مكتب مكون من غرفة واحدة قديمة وشعرت أنها آيلة للسقوط، فالرطوبة تأكل جدرانها وسقفها، وبالتالي لا تصلح مقرًّا لمكتب عليه هذه المسؤولية، فآمل لفتة من وزارة الأوقاف والجهات المختصة لإيجاد مكتب مناسب حفاظا على الموظفين ودورهم المتميز.

من المسجد القديم اتجهنا إلى متحف الحصن للتراث الشعبي على بعد خطوات من المسجد، وانتظرنا بعضا من وقت حتى تمكن مضيفي (أبو حسين) من إحضار من يفتح المتحف لنا، ما أثار بذهني تساؤل بعد أن وجدت متحف أديب عباسي مغلقًا، وأجد متحف الحصن مغلقًا أيضا، فهل المتاحف التي تروي حكايات المكان تكون مغلقة؟! وماذا يفعل زائر قاصد للحصن وهو آت من مسافات بعيدة لزيارة الحصن حين يجد متاحفها مغلقة؟!

المتحف يضم كميات جيدة من تراث الحصن حتى أني شعرت حين دخلته بأرواح الأجداد والجدات تروي لنا حكايات وحكايات، فالمتحف يحتوي حسبما سمعت ما يزيد على 3 آلاف قطعة، ورغم مساحته الصغيرة فإني شعرت أني أركب مركبة الزمان وأجول في تاريخ الحصن، فالكثير من القطع المعروضة أذكرها في طفولتي، أو رأيت مثلها في بعض المتاحف التراثية في الأردن وفلسطين، ومن الصعب تعداد أسماء كل القطع التي رأيتها، والتي لم تتوقف عدستي عن تصويرها، لكني سعدت وأنا أرى لوح دراسة القمح وأرى الشواعيب والغرابيل والكرابيل ومناجل الحصاد، وعود الحراثة وهاونات الدق والجواريش الحجرية ومحامص القهوة والمهابيش، والجرار الفخارية سواء جرار الماء أو العسل أو السمن البلدي، ووسائل الإنارة من (لمبات الجاز) و(لوكس أبو شنبر) والفوانيس والشمعدانات إضافة إلى الألبسة التراثية، وهذا ما سيكون له استكمال في الحلقة المقبلة، فتراث الحصن يحتاج لاهتمام أكبر.

هي رام الله بنسماتها الباردة في هذا الصباح وأنا استعد للسفر لمعانقة عمَّان الهوى والأردن الجميل، فأبعث برسائل التهنئة بمناسبة يوم المرأة للماجدات والنشميات، واستمع لفيروز تشدو: (وفَدت تطالبني بشعر لدنة، سمراء لوحها الملام وذوبا، من أي أهل أنت؟ قالت من الألى رفضوا ولم تغمد بكفهم الشبا، فعرفتها وعرفت نشأة أمة ضُربت على شرف فطابت مضربا).

فأهمس: صباحك أجمل رام الله.. صباحك أجمل أردن العزم والهوى.. صباحك أجمل الحصن الجميلة، وصباح أجمل لكل نساء وطننا الماجدات وأمهات الشهداء والأسيرات الصامدات، ومعًا سنواصل التجوال في حكايات الحصن.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بلدة الحصن مشروع سياحي جميل يعانق التراث ويحيي ذاكرة التاريخ بلدة الحصن مشروع سياحي جميل يعانق التراث ويحيي ذاكرة التاريخ



GMT 06:05 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إطلاق النسخة الأولى من "بينالي أبوظبي للفن" 15 نوفمبر المقبل

GMT 06:11 2024 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

جولة على أهم المتاحف والمعارض الفنية العالمية والعربية

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 16:01 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الفرنسي يدعو إلى وقف فوري لانتهاكات الهدنة في لبنان
 العرب اليوم - الرئيس الفرنسي يدعو إلى وقف فوري لانتهاكات الهدنة في لبنان

GMT 09:20 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

كريم محمود عبد العزيز يشوّق جمهوره لفيلمه الجديد
 العرب اليوم - كريم محمود عبد العزيز يشوّق جمهوره لفيلمه الجديد

GMT 09:17 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

فواكه طبيعية لتحسين وظائف الكلى ودعم تطهيرها بطرق آمنة

GMT 13:18 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتفاق.. ونصر حزب الله!

GMT 17:07 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

نيكول سابا وياسمين عبد العزيز يجتمعان في رمضان 2025

GMT 22:12 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

هنا شيحة تكرر تعاونها مع محمد هنيدي في رمضان 2025

GMT 09:12 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

انتقادات حادة لمسلسل صبا مبارك "وتر حساس"

GMT 09:20 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

كريم محمود عبد العزيز يشوّق جمهوره لفيلمه الجديد

GMT 00:07 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل وحزب الله تتبادلان الاتهامات بخرق وقف إطلاق النار

GMT 13:41 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

«وباء العنف الجنسي» في حرب السودان

GMT 13:18 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

قطر ترحب بوقف النار في لبنان وتأمل باتفاق "مماثل" بشأن غزة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab