القاهرة ـ سعيد الغمري
ظلت أسرار الأهرامات في مصر مختبئة في أعماق متاهات من الممرات والغرف التي تقع داخل الهياكل الحجرية الشاهقة، وسعى مجموعة من الباحثين إلى حل لغز الخلاف الدائر حول ما إذا كان هناك شبكة من الأنفاق غير المكتشفة وراء الجدران الحجرية للهرم الأكبر، وأوضح الباحثون الذين استخدموا الجسيمات الكونية المعروفة "الميونات" لفحص الهرم الأكبر في الجيزة أنهم يتوقعون الانتهاء من العمل في وقت لاحق من هذا الشهر، واستخدموا هذا المسح لإنشاء خرائط للكشف عن البنية الداخلية للهرم الذي يبلغ ارتفاعه 146 مترًا حيث يعتقد الباحثون أنها ستساعد على كشف الأسرار المدفونة تحت هذه الأحجار، ويعمل الدكتور زاهي حواس عالم الآثار المصري الرائد ووزير الآثار الأسبق في مصر مع فريق من الباحثين الفرنسيين الذين يجرون المسح.
وذكر حواس " نحن نعمل حاليا وإذا استطعنا الكشف عن واحدة من الغرف الثلاث فسنعلم بالفعل أنها موجوده في الداخل وسنكمل الأشعة"، وفي العام الماضي حدد المسح الحراري شذوذ كبير في الهرم الأكبر أقدم الأهرامات في الجيزة وأحد عجائب الدنيا السبع في العالم القديم، حيث حدد المسح 3 أحجار مجاورة عند قاعدة الهرم سجلت درجات حرارة أعلى من غيرها، وهو ما أدى إلى وجهات النظر التي تعتقد في وجود غرفة سرية لم يتم اكتشافها بعد، وبعدها أقام مجموعة من الخبراء مشروع "مسح الأهرامات" باستخدام الميونات وهي جسيمات صغيرة تنتجها الأشعة الكونية لتخترق أحجار الهرم الضخمة التي يزن بعضها 15 طن، وكان حواس في الماضي متشككا في جدوى إجراء هذا الفحص بهذه الأشعة، واصطدم مؤخرا علنا مع علماء المصريات البريطانيين بسبب نظريتهم بوجود غرفة دفن سرية مخفية وراء جدران مقبرة الملك توت عنخ آمون في هرمه في وادي الملوك.
وكتب الدكتور حواس عبر موقعه على الإنترنت بعد أن أعلنت وزارة الآثار المصرية عن نتائج المسح الحراري على الهرم الأكبر " قاعدة الهرم الأكبر مقطوعة بحوالي 8 أمتار داخل الصخور ويمكن رؤية ذلك بوضوح في الجانب الجنوبي من الهرم، وسيكون من المستحيل رؤية غرفة أو نفق في هذا الموقع بالقرب من الصخور، وفي حال وجود هذه الغرفة فلابد وأن لها وظيفة ما وباعتبار أن هذه ليست الحالة فلا يمكن أن تكون هذه المزاعم صحيحة"، ومنذ ذلك الحين طلبت وزارة الآثار المصرية من الدكتور حواس قيادة الفريق العلمي الذي يفحص نتائج المسح بالميونات، وأقيل زاهي حواس من منصبة كوزير للآثار في أعقاب انتفاضة عام 2011 التي أطاحت بحسني مبارك.
وتحدث حواس أثناء زيارة برفقة وزير الآثار الحالي خالد العناني قائلا " غيرت رأيي بشأن فكرة وجود غرفة دفن أخرى غير مكتشفة داخل الهرم، ونحتاج إلى علماء المصريات للإشراف على كل هذا وإلا ربما تحدث بعض الأخطاء، وأتمنى أن يساعدنا هذا المسح في الحصول على معلومات دقيقة".
ويُعتقد أن الهرم الأكبر بُني كمقبرة للفرعون خوفو والذي توفى في حوالي عام 2566 قبل الميلاد، ويعتقد أن بناءه استغرق ما يتراوح بين 10 إلى 20 عاما من نحو 2 مليون طن من الحجارة، وانتهى بناءه في حوالي عام 2560 قبل الميلاد، وصًنع من أكثر من 300 ألف كتلة، وكشف علماء الآثار الشهر الماضي عن مسح ثلاثي الأبعاد باستخدام الميونات لهرم بينت الذي يعود إلى 4500 عاما في المقبرة الملكية في دهشور، وكشف المسح للبنية الداخلية للهرم عن غرفة ثانية على بعد 60 قدم من الغرفة السفلية، واقترح البعض أن الفرعون سنفرو دفن داخل الهرم في غرفة خفية إلا أن المسح الحديث نفى هذا الاحتمال.
وأفاد مهدي طيوبي رئيس معهد حفظ التراث كجزء من الفريق الذي أجرى المسح أن مسح الميونات في الهرم الأكبر في الجيزة سيكون كاشفا، مضيفا " إذا وجدنا متر مربع فارغ في مكان ما سيجلب هذا أسئلة وفرضيات جديدة وربما يساعد على حل الأسئلة النهائية، وتمكن الفكرة في العثور على حل للغز الأهرامات، وكانت هناك محاولة مشابهة قبل 30 عاما ولكن هذا هو أول مشروع على مستوى عالمي باستخدام التكنولوجيا المتطورة للبحث داخل الأهرامات"، وأوضح حواس أنه يأمل في كشف المزيد من أسرار الأهرامات باستخدام التكنولوجيا الجديدة مضيفا " في رأيي أن هرم خوفو لا يزال يحمل الكثير من الأسرار".
أرسل تعليقك