في قلب غابة الامازون، يجمع الكسندر حبات نبتة مورومورو المتساقطة من شجرة تنتمي الى الفصيلة النخلية وتعزى اليها بعض المنافع الخارقة على صعيد صحة الشعر كما أنها تساعد السكان الاصليين على تحسين مستوى مداخيلهم.
ويقول الكسندر امارال دا سيلفا وهو مزارع خمسيني في مزرعة بروفيدنسيا الواقعة على بعد اكثر من 700 كلم من مدينة ماناوس عاصمة ولاية امازوناس (شمال) لوكالة فرانس برس "عندما وصلت الى هنا كان المكان مقفرا".
وعلى ضفاف نهر جوروا المتعرج، تستوقف المارة حفنة من البيوت الخشبية المشيدة على ركائز متينة في الغابة العذراء.
ويتهافت حشد من الاطفال في كل مرة يسمعون هدير محركات سفن الزوار الاتية الى هذه المزرعة المنشأة قبل 20 عاما على يد الكسندر وعائلته والواقعة على بعد ثلاث ساعات بالسفينة من المدينة الاقرب كاراواري التي تضم 25 الف نسمة.
ويستذكر المزارع قائلا "في البداية لم نكن نعلم فائدة هذه الثمار، جل ما عرفناه هو انها كانت تسبب لنا الاما في القدمين"، وذلك خلال وقوفه مستظلا احدى شجرات مورومورو المليئة بالأشواك والتي يصل طولها الى 15 مترا.
لكن منذ خمس عشرة سنة، نجحت العائلات المقيمة على ضفاف نهر جوروا كما الحال مع اسرة الكسندر في تحسين مستوى دخلها مع بيع ثمار مورومورو التي تمثل احد المكونات المستخدمة في المستحضرات التجميلية المصنعة من شركة "ناتورا" البرازيلية المتعددة الجنسيات.
ويعمد الكسندر الى قطف ثمار مورومورو التي تقع ارضا عندما تصبح جافة. بعدها تتسلم زوجته ماريا تيريزينيا المهمة إذ تعمل على كسرها وفصل صدفات هذه الفاكهة من ثم المحافظة عليها داخل كيس من الخيش.
وبالنسبة لعائلات المنطقة، تصل قيمة الارباح المتأتية من بيع هذه الثمار الى 1800 ريـال برازيلي (460 دولارا) سنويا، وهو مبلغ لا بأس به لهؤلاء الناس الذين يبيعون الثمار الى تعاونية محلية.
من ثم تتم معالجة هذه الثمار لتتحول الى نوع من الزبدة، وهو مكون رئيسي يسهم بفعل تركيبته الكيميائية في معالجة الشعر التالف.
وتشهد البرازيل نموا مطردا لصناعة التجميل رغم الانكماش الاقتصادي في البلاد. وسجل سوق مستحضرات التجميل البرازيلية نموا بنسبة 11 % سنة 2013 ليحتل المرتبة الثالثة عالميا بعد الولايات المتحدة والصين.
- "شعب مكتف" -
وتعمل شركة "ناتورا" التي حققت العام الماضي ايرادات بقيمة 7,4 مليارات ريـال برازيلي (حوالى ملياري دولار)، حاليا مع اربعمئة عائلة في محمية المنطقة الوسطى لنهر جوروا.
ومع أن جمع ثمار مورومورو لا يمثل مصدر الدخل الرئيسي للشركة كما أنه يتغير تبعا لمستوى الحصاد، الا انه يساهم بشكل كبير في زيادة هذا الدخل بحسب ما يوضح كارلوس خوري مدير منظمة الحفظ والتنمية المستدامة لمنطقة امازوناس غير الحكومية لوكالة فرانس برس.
وبحسب الارقام الرسمية، يبلغ مستوى الدخل الفردي السنوي في كاراواري 2600 ريـال برازيلي (660 دولارا) في هذه المنطقة التي تعتبر من الافقر في العالم.
فمن بين السكان المقيمين على ضفاف نهر جوروا، ما لا يزيد عن النصف يجيدون القراءة والكتابة وفق شركة "ناتورا".
وفي الماضي كان سكان المنطقة يعتاشون من انتاج المطاط لكن مع تراجع هذا القطاع اضطروا للبحث عن بدائل. وباتت زراعة نبات المنيهوت والصيد ابرز الانشطة الاقتصادية في المنطقة.
وحتى ثمانينات القرن الماضي اعتمد الناس اقتصاديا على تجار كانوا يفرضون وتيرتهم الانتاجية على المزارعين ويدفعون مبالغ بخسة لقاء منتجاتهم.
الا ان السكان انتظموا وأنشأوا سنة 1991 جمعية المنتجين الريفيين في كاراواري.
ويقول رئيس الجمعية فلافيو دي كارمو "في الماضي، كنا نشتري علبة الحليب المجفف بـ12 ريـال (ثلاثة دولارات)، أما اليوم فنحصل عليها بستة ريـالات".
كما أنشأ السكان المحليون نظاما للتجارة العادلة لتزويد المتاجر المحلية بمنتجات مستقدمة من المدينة يمكن للسكان شراؤها عبر دفع الأموال او عن طريق مبادلتها بمنتجاتهم الخاصة. هذا النظام ضاعف القدرة الشرائية لدى العائلات.
وتؤكد روزي باتيستا رئيسة محمية جوروا في معهد شيكو مينديز البيئي العام أن سكان هذه المنطقة "بات في امكانهم اعتبار انفسهم اليوم كشعب يتمتع بالاكتفاء".
أرسل تعليقك