بدأت السلطات السورية تطبيق رفع أسعار الأدوية بنسبة 50%، ما حمل المواطن السوري أعباء جديدة تضاف إلى الغلاء في أسعار المواد الغذائية والملابس والماء والكهرباء والبنزين والمازوت وحتى الكهرباء، وسط تساؤلات حول أهمية رفع الأسعار في هذه الظروف ومَنْ المستفيد من رفع أسعار الدواء الوطني؟
وأكدت المدير العام للشركة الطبية العربية "تاميكو" الدكتورة ناهد آندورة، أنَّ القرار قد يكون في وقته لعدة اعتبارات أساسية، الأول هو الغلاء الكبير في أسعار المستلزمات الأساسية التي تدخل في تركيبة الدواء التي زادت في معظم الأحيان لأكثر من 50% من تكلفة الدواء المنتج، إضافة إلى مضاعفة تكاليف أخرى مهمة تحمّل على المنتج كمستلزمات التعبئة والتغليف، وتاليا الفارق الكبير بين التكلفة الفعلية للمنتج والأسعار الحالية.
وأضافت آندورة: "هذا بدوره يفرض خسارة كبيرة للمنتج لذلك من الضروري رفع الأسعار لتحقيق نوع من التوازن في مقابل كم هائل من الأدوية تدخل بصورة غير نظامية للقطر وتنافس المنتج الوطني بالأسعار مقابل جودة مشكوك بها، وهذه مسألة خطيرة جدا على المستوى الاقتصادي والصحي".
وبينت أن "ارتفاع الأسعار في الظروف الراهنة، ولاسيما الأدوية، يترك أثرا إيجابيا على الشركة، من خلال تحقيق هامش ربح بسيط يغطي التكاليف إلى حد ما من جهة، ومراعاة الحالة الاجتماعية للمواطن من جهة أخرى من خلال توفير الدواء ومنع حالات الاستغلال التي يمارسها بعض التجار وأصحاب الصيدليات الخاصة، ولكن نحن كقطاع عام يبقى تأثيرنا في السوق في الحدود الدنيا نظرا لتعرض الشركة للتخريب والسرقة من قبل العصابات الإرهابية والتكفيرية، ونحاول العودة إلى السوق بصورة تدريجية وفقاً للإمكانات المتاحة".
واعتبر وزير الصحة الدكتور نزار يازجي في تصريح صحافي سابق عن رفع أسعار الدواء، أنه "موضوع شائك، وإن سبب إصدار هذا القرار يعود لانقطاع ما نسبته 40% من الأدوية من الصيدليات نتيجة ارتفاع تكاليف إنتاج هذه الأدوية، مؤكداً أن الدواء كان قبل صدور هذا القرار مُسعّرا على أساس أن سعر الصرف 61,5 ليرة سورية"، مبينًا أن صدور هذا القرار كان مشروطًا بأن يلتزم أصحاب المعامل بتصنيع الأدوية المفقودة والمقطوعة وتأمينها في السوق، وأنه سيتم استجرار الأدوية السرطانية عبر الخط الائتماني الإيراني.
وأشار نقيب الصيادلة محمود الحسن أن "نقابة صيادلة سورية لم تطالب برفع سعر الدواء بل طالبت بتوافر الدواء الوطني الرخيص الثمن والفعال، فسورية قبل الأزمة كانت تغطي حاجة السوق بنسبة 93% وكان لدنيا 70 معملا وطنيا ينتج الدواء وخلال فترة الأزمة خرج 24 معملًا من الخدمة أعيد منها حوالي 12 معملا بنسبة إنتاج لا تتجاوز 50%".
وتابع الحسن: "أيضًا هناك تعاون بين بعض المعامل التي أصبحت تصنع منتجها في معامل أخرى، والتخريب الذي حدث تسبب في نقص كثير من الدواء وأصبحنا نستورد بنسبة 20% من حاجاتنا قياسا مع ما قبل الأزمة إذ كنا نستورد 7%، علماً بأنه لولا الأزمة كانت هناك مساع لتكون نسبة الاستيراد بنسبة 3% فقط من حاجة السوق المحلية ولاسيما أن هناك معملا كان جاهزا وقيد الإنتاج ليغطي إنتاج الكثير من الأدوية النوعية والسرطانية".
وأشار إلى أن ارتفاع سعر الصرف كان له تأثير كبير في زيادة أسعار مستلزمات إنتاج الصناعة الدوائية بكل مراحلها من تغليف وتعبئة ونقل وغيرها من المستلزمات التي ارتفع سعرها أضعافا مضاعفة والاختلاف الكبير في الأسعار كان السبب الأساس لإعادة رفع سعر الدواء الوطني بنسبة 50% مؤكداً أن المواطن بحاجة إلى دواء جيد ورخيص.
ولفت الحسن إلى أن تعديل أسعار الدواء كان ضرورة حتى لا نصل إلى مرحلة نفتقد فيها الكثير من أنواع الأدوية وفي هذه الحالة سيضطر المواطن إلى تأمين الدواء البديل الأجنبي بشتى الطرق وبأسعار مضاعفة وبطرق غير مشروعة وهذا ما يساهم في نشر الدواء المزور ولذلك كانت الخطوة المقترحة لرفع سعر الدواء بشكل تدريجي، ولاسيما الأدوية المهربة التي هي بالمطلق غير مضمونة وقد تكون ضارة ومزورة والدواء المزور أقوى تجارة حاليًا وتضاهي تجارة المخدرات.
وأبرز أنه "خسارة للمواطن لأن سعره يعادل 10 أضعاف سعر الدواء الوطني إضافة إلى خسارة في خزانة الدولة، فالمواطن يسعى لتأمين الدواء بشتى الطرق عادًّا أن معظم الدواء الوطني حاليًا متوافر"، مؤكدًا أن النقابة ليست مع رفع سعر الدواء لكنها طالبت بتوفيره في الأسواق لأن فقدانه سيكون مشكلة للمواطن.
واستدرك: "كنا نأمل لو جاء قرار رفع سعر الدواء تدريجيًا حتى لا يتحمل المواطن عبئًا إضافيًا ولا يشعره بزيادة سعره"، مؤكدًا أن الهدف هو إحداث نوع من التوازن بين أصحاب المعامل والمواطن لأن أصحاب معامل الدواء أيضاً لا بد من دعمهم لضمان استمرارهم في تصنيع الدواء الوطني ودعم الصناعة الوطنية لأن الظروف الراهنة توجب إيجاد الحلول المناسبة لدعم الصناعة الدوائية في سورية وعدم الاعتماد على الصناعة الأجنبية التي تكلف الدولة الكثير من الأموال.
ونوه إلى أن الدواء غير المراقب لا يجوز استعماله والدواء الوطني من الأدوية الممتازة جداً ومخابر الرقابة الدوائية في سورية من أفضل مخابر الرقابة الدوائية في الشرق الأوسط، وأشار إلى أن معامل الدواء والصيادلة خلال الأزمة وقفوا وقفة وطنية في سبيل تأمين الدواء للمواطن على حساب خسارتهم وجهودهم وتعبهم سواء عن طريق نقل المواد وتأمينها للمواطن وغيرها من القضايا، وسعر الدواء الوطني لم يطرأ عليه أي ارتفاع منذ أكثر من سنتين، في الوقت الذي ارتفع فيه سعر الصرف..
أرسل تعليقك