عادت مشاورات تشكيل تحالفات حزبية لخوض الانتخابات التشريعية إلى واجهة المشهد المصري مع تمرير الرئيس عبد الفتاح السيسي القوانين المنظمة للاستحقاق الذي يمثل آخر محطات "خريطة المستقبل"، التي أعلنت عقب عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي.
ولم تلبِ التعديلات التي أجريت على القوانين استجابة لأحكام المحكمة الدستورية العليا مطالب غالبية الأحزاب السياسية، ما يتوقع معه أن تقاطع الانتخابات كتلة من الأحزاب كان يعوّل عليها للعب دور المعارضة أسفل قبة البرلمان الجديد.
وكانت المحكمة الدستورية العليا أصدرت أحكامًا في آذار/مارس الماضي بعدم دستورية حظر ترشح مزدوجي الجنسية وتقسيم الدوائر الانتخابية المخصصة للمنافسة بالنظام الفردي، ما أدى إلى إرجاء التشريعيات وتشكيل لجنة قانونية لإجراء التعديلات المطلوبة على القوانين التي أصدرها الرئيس مساء أول من أمس رسميًا، ليأذن بانطلاق التشريعيات.
ويتوقع أن يصدر السيسي خلال أيام قرارًا بإعادة تشكيل اللجنة القضائية المشرفة على الانتخابات، برئاسة رئيس محكمة استئناف القاهرة وعضوية أقدم نائبين من نواب رئيس محكمة النقض، وأقدم نائبين لرئيس مجلس الدولة، وأقدم رئيسين في محاكم الاستئناف، على أن تعقد اللجنة بتشكيلتها الجديدة بعدها سلسلة من الاجتماعات لترتيب الجدول الزمني للاستحقاق الذي تعهد السيسي الانتهاء من مراحله قبل نهاية العام الجاري.
ووفقاً لقانون تقسيم الدوائر بعد تعديله، فإن البرلمان الجديد سيتألف من 568 مقعدًا بالانتخاب، مقسمة إلى 448 مقعداً موزعاً على 205 دوائر انتخابية للمنافسة بالنظام الفردي، إضافة إلى 120 مقعدًا موزعة على أربع دوائر مخصصة للمنافسة بنظام القوائم المطلقة المغلقة.
وتوقع مسؤول حكومي بدء إجراءات التشريعيات بفتح باب قبول أوراق الترشح في أيلول/سبتمبر المقبل، على أن يجري الاقتراع على مرحلتين أواخر العام الجاري، مرجحاً التئام البرلمان الجديد قبل ربيع العام المقبل، وسارعت أحزاب إلى ترتيب اجتماعات مشتركة بينها لحسم مشاورات تشكيل التحالفات الانتخابية، فيما سعت أحزاب أخرى إلى لجم خلافاتها الداخلية، وسط توقعات بإعلان أحزاب مقاطعة الاستحقاق.
وانتقد القيادي في "التيار الشعبي" المنخرط في "تحالف التيار الديمقراطي" طارق نجيدة، عدم إجراء الحكومة تعديلات جوهرية على قوانين الانتخابات تستجيب لمطالب القوى السياسية، خصوصاً تقليص المقاعد المخصصة للنظام الفردي واعتماد القائمة النسبية المفتوحة بدل القائمة المغلقة المطلقة، معتبراً أن ذلك "يعطي إشارة إلى اتجاه لإقصاء القوى السياسية لمصلحة رجال الأعمال وأصحاب النفوذ".
وأعلن المرشح الرئاسي السابق أحمد شفيق تراجعه عن استقالته من رئاسة حزب "الحركة الوطنية" ليضع حداً للخلافات الداخلية قبل انطلاق التشريعيات، وكان شفيق قدم استقالته من رئاسة الحزب في حزيران/يونيو الماضي، وعزا السبب إلى "الظروف الصعبة" التي يمارس فيها عمله من مقر إقامته في الإمارات، لكن الهيئة العليا للحزب قررت رفض الاستقالة، وأعلنت تشكيل لجنة من أعضاء الحزب "لمقابلته وإقناعه بضرورة الاستمرار في منصبه".
وأكد شفيق في بيان "إشارة إلى ما كنت قد تقدمت به من استقالة من حزب الحركة الوطنية، ونظراً إلى ما تقرر من رفض لقبول هذه الاستقالة، فقد قررت سحبها، راجيًا أن يكون استئنافي لنشاطي الحزبي بالمشاركة مع الزملاء والأبناء الأعزاء في الحزب هو سبيلنا لخدمة بلدنا الحبيب ومساهمتنا الفعالة مع كل مواطن مصري شريف في العمل الجاد لدعم انطلاقتنا الوطنية".
وأضاف شفيق الذي أسس الحزب في كانون الثاني/يناير2013 بعد خسارته الانتخابات الرئاسية بفارق ضئيل أمام الرئيس السابق محمد مرسي "رأيت في هذا الشأن إجراء بعض التعديلات الجوهرية في المراكز القيادية والمركزية في محافظات الجمهورية كافة، والتي تتمثل أساساً في إيجاد تمثيل قوى للزملاء أمناء المحافظات والكوادر الشبابية والمرأة".
ويقيم رئيس "الحركة الوطنية" في الإمارات التي غادر إليها غداة إعلان فوز مرسي بالانتخابات الرئاسية في حزيران/يونيو 2012، ولم يتمكن من العودة إلى مصر بعد عزل مرسي بسبب عدم بت القضاء في اتهامات "فساد" تلاحقه في القضية المعروفة باسم "ارض الطيارين" المتهم فيها بتخصيص أراضٍ لابني الرئيس السابق حسني مبارك بالمخالفة للقانون.
أرسل تعليقك