هدّد حزب التحرير في بيان له بقطع الرؤوس والأيادي على خلفية ازالة الستائر الحديدية من أعلى المبنى الذي اتخذه الحزب مقرًا له وذلك حتى لا يقوم بتعليق راياته وشعاراته بحجة ان الحزب يمثل تهديدا للامن ولان كل شعاراته معادية للدولة، وقد جاء في بيان الحزب ما يلي "لتعلم الحكومة ومجرموها وأسيادها الإنكليز أن ساعة حسابهم قد اقتربت والمسلمون لن ينسوا جرائمهم، ودولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة التي لاحت بشائرها قد يكون لها طلقاء كطلقاء مكة، ولكن هناك رؤوسًا وأياديَ ستقطع ولو تعلقت بأستار الكعبة، وساعتها لن ينفعهم الأوروبيّون ولا الأميركان ولا حلف الناتو"
وقد أثار البيان جدلًا واسعا وخلّف تساؤلات عديدة عن مقصدهم من اصدار هكذا بيان، وحول هذا الموضوع افاد الناطق الرسمي باسم حزب التحرير رضا بالحاج إلى "العرب اليوم" ان هناك سياق عام عدواني ضد حزب التحرير من السلطة تجسد خصوصا بمنعهم من عقد المؤتمر ثم تجميد نشاط الحزب لمدة شهر ، واعتبر الناطق الرسمي باسم حزب التحرير ان هذا القرار هو بمثابة "إذن ولائي ومنفرد لقاض لم يحترم مبدأ المواجهة بين طرفي النزاع”، حسب قوله.واكد انه تمت ممارسة ما أسماه "الظلم المسلط على حزب التحرير من خلال الاعتداء على مقره الرئيسي ومحاولات عرقلة نشاطه".
وأكد أنّ البلاد باتت بين يدي مجموعة فاسدة عميلة للاستعمار، تريد أن تبيع البلاد،وقال انه لو اعتبرنا حزب التحرير تهديدا للامن فإن رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي عبء على الدولة.
وبخصوص تلقيه رسالة سرية من أبي بكر البغدادي قبل اعلان وفاته بفترة قصيرة يدعوه فيها الى التحالف مع "داعش" ومبايعته. قال رضا بلحاج أن هذه الرسالة مستغربة بالنسبة اليه مؤكدا أنه على اتصال مع كل الجماعات في الدول العربية كافة إلا تنظيم "داعش" لأنه بلا هوية سياسية وأصبح حالة استعلائية تعتمد على سفك الدم على حد قوله.
وأضاف بلحاج أن حزب التحرير حزب سياسي له من الوعي السياسي ما يكفي لاتخاذ المواقف في الوقت المناسب معتبرا أن هذه الإشاعة هي مجرد دعاية سياسية لإعطاء زخم لتنظيم يشهد نوع من التدهور في المدة الاخيرة ميدانيا على حد قوله.
وعن موقفه من تصريحات رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي المتعلقة بإيقاف نشاط حزب التحرير قال رضا بالحاج في حواره إلى "العرب اليوم" انه وكما توجد في حياة الناس الوفاة الطبيعية توجد الوفاة المعنوية و السبسي يشرف على الوفاة الأولى (أطال الله عمره)، ويشبع موتا بالمعنى الثاني فهو على حد قوله متجاوز بمقياس الثورة آلاف السنين الضوئية بل هو تحت طائلة المساءلة التي تطال نزيف دماء المستضعفين و تزييف وعي أجيال ... وقال انه ما دام يؤكد دوما أنّه يحبّ بورقيبة حبّا جمّا عليه أن يدعو ربّه أن يحشره مع زعيمه الذي أحبّه فالنبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال : "يُحشر المرء مع من أحبّ" و المصير من جنس العمل.
وفيما يتعلق بالوضع العام ،قال محدثنا انه وجب التاكيد اولا على ان الثورة التونسية فاجأت حتى الغرب نفسه. فقد كانت عنوانا لاسترجاع الارادة لهذا الشعب وهذه الامة ..لكن الغرب سعى بعد ذلك الى تكييف ارادة الناس والتمويه عليهم حتى لا تؤتي هذه الثورة ثمارها ،من ذلك الاستحقاقات الانتخابية السابقة التي كانت مستعجلة وغامضة حتى يمنعوا الناس من اختيار الاسلام بديلا سياسيا في الحكم لذلك سعوا الى ايجاد قانون انتخابي يمثل بدعة سياسية لا يعطي الاغلبية حق التصرف وهذا تلغيم للحياة السياسية ، اضافة الى ذلك ورطوا السلطة بالتزامات ضخمة في مقابل امكانيات هزيلة، فكانت المفارقة وكانت المهازل السياسية و المآزق،فأصبح رد فعل السلطة و المعارضة على هذه الوضعيات الكارثية قائما على المكر والدسّ مع سبق الاصرار والترصد ،والخطير في الامر هو الاعتماد على الاجنبي بطريقة سافرة.
وقال بالحاج إن هناك جهات اعلامية معينة لها ارتباطات بالخارج او برجال نفوذ في تونس لم تفتح ملفاتها السياسية والمالية الى حد الان والتي مازالت تمثل سلطة فوق السلطة أما الخيرون في الاعلام فكثر وهم أمل الناس في ضمان أعلى درجات التيقظ و المحاسبة..
واضاف ان كل طرف يدعو الى محاسبة الطرف الاخر وكل تيار يشعر انه منزه وصحيح ويملك الحقيقة والطرف الاخر يفتقر لها ولا يفقه منها شيئا فإلى متى ستستمر المعارك اليسارية اليمينية.
واعتبر أن الدين الاسلامي اعظم من ان يكون اداة طيعة ووسيلة توظيف او تمويه من اي كان، واول من اختطف الدين الاسلامي ووظفه هي هذه الدول العلمانية التي ضربت الدين باسم الدين ، وحاربت الاسلام الصحيح بتجفيف المنابع و التصحر المعرفي.
وعن مشروع دستور دولة الخلافة الذي كانوا قد تقدموا به قال ان حزب التحرير مؤصل بالقرآن والسنة وان الفيصل في أحكام الإسلام هو الدليل الشرعي و ليس مجرد الصفة أو الانطباعات المجملة ، وفي الاسلام لا وجود لرجال دين يحتكرونه ويتكلّمون باسم الحق الإلهي والتفويض الإلهي.
واقرّ بالحاج ان هناك قراءات للقرآن متهافتة وأخرى ضعيفة واخرى تحاول اختطاف الوعي الاسلامي لكن هذه لا يمكنها الاستمرار اولا بوجود المخلصين في الامة الذين يرفعون الشبهات ويدفعون المغالطات والله تكفّل بحفظ هذا الدين من خلال قوله "انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون " ولحفظه لا بد من صراع فكري ولا بد من كشف من يسعى الى اختطافه وتوظيفه باسم الاسلام المعتدل المعدّل واعطائه الصبغة الكهنوتية على الطريقة الخليجية الرسمية ..واكد ان حزب التحرير في هذا البلد كافح وسيستميت في الدفاع عن الاسلام بالادلة والحجج لان الدين عندهم متبوع وليس تابعا وهو موضوع للطاعة وليس مجالا للتغيير والتبديل .
وعن إطناب الاسلاميين في استعمال العنف، اوضح محاورنا ان نناك عنف بالمفهوم الفلسفي و هو ضرورة مؤطرة بيد الدولة لتطبيق الاحكام وتسيير العلاقات ،اما الاحزاب والجماعات والافراد ففي ذمتهم واجب اخر وهو الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو حب رايه فرض الى يوم القيامة .. واعتبر ان الصراع الفكري والكفاح السياسي والنضال من اجل الوصول الى الحكم هو حق للطرح الاسلامي لان الامة في مجموعها راضية و ملتفة حول البديل الاسلامي وهناك من يسعى للتشويش على هذا المد الشعبي الهائل بعد سقوط الديكتاتوريات بخلق اجواء من الفوضى والعنف لفرض الامر الواقع والتخويف من الطرح الاسلامي والفاعلون في هذا السياق هم جهات مخابراتية مفضوحة وسياسية فاشلة تحاول استدراج الساحة الى العنف باستغلال غفلة او حماس بعض اطراف الصحوة الاسلامية.
وعن مسألة تكفير الناس وادعاء انهم الاعلم بدين الاسلام وانهم مسؤولون عنه،اجابنا رضا بالحاج انه لا يمكن ابدا تقسيم التونسيين بين مسلمين وكفار ، فالسكير والمصلي والمنحرف والمتزهد كلهم مسلمون، وقضية التكفير مصطنعة وستعود عليهم بالوبال .
واكد محدثنا انهم لا يدافعون عن السلفيين ولا يتبنون افعالهم، بل هم من يتبنى فكر حزب التحرير المعلن و أعماله السياسية و الجماهيرية التي لا تخفى على أحد ، واوضح ان حزب التحرير وجد قبل السلفية في تونس وقبل استعمال هذا المصطلح اصلا، ولهذا يعتقد ان السياسي الراشد يجب أن يتواضع للأمة.
واوضح انه صحيح ان الطرح الاسلامي في الحكم ليس ديمقراطيا ولكنه ليس ديكتاتوريا ايضا. هو طرح خاص قد يوافق هذه النظرية او تلك جزئيا ولكنه يخالفها منهجيا وقال ان الديمقراطية ليست من الإسلام أي أن التشريع يجب ان لا يكون بشريا بحتا يخضع الى اهواء الناس ونزواتهم يقول تعالى في هذا السياق "انما كان قول المؤمنين اذا دعوا الى الله ورسوله ليحكم بينهم ان يقولوا سمعنا واطعنا" "فإن تنازعتم في شيء فردّوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر" .
ومن بين الاشياء الموجودة الان والتي يعتبر ها رضا بالحاج محرمة في الحكم الشرعي هي مثلا النظام البوليسي حيث قال انه حرام في الاسلام وكذلك النظام الدكتاتوري والملوكية و الجمهورية ، كل تلك الانظمة مخالفة للاسلام ..ووصفها بانها تفسد طراز العيش الاسلامي و العلاقات الشرعية بين أفراد المجتمع ما جعل المظالم و الجرائم و المفاسد فوق الحصر.
وعن مسالة النقاب قال الناطق الرسمي باسم حزب التحرير انهم لا يتبنوه وانما يتبنون الخمار خصوصا وانه وقع مؤخرا توظيف النقاب سياسيا فجعلوا منه قضية بأعلى درجات الافتعال و المبالغة .
و عن الدعوة الى تحييد المساجد، أفادنا رضا بالحاج ان المساجد هي لإقامة الصلاة و تدارس الإسلام ومنه تكون القيادة المعنوية للأمة بالموعظة والنصيحة و الخوض في شأنها العام ومن يدعو لإخراس المساجد لتدخل في صمت مطبق أو إلى جعلها ناطقة بالزور و البهتان موالية للسلطة فهو يضرب الأمة في صميم حضارتها والدين في جوهره.
أرسل تعليقك