أفاد تقرير للأمم المتحدة صدر، الاثنين الماضي، بأنَّ مسلحي "داعش" و"الميليشيات" الموالية للحكومة العراقية يرتكبون انتهاكات ترقى بعضها إلى "جرائم الحرب"، وذلك خلال المعارك والأحداث التي شهدتها البلاد في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام 2014.
يلفت التقرير، الذي أعدّ بالتعاون مع بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) ومكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، إلى أنَّ "انتهاكات خطيرة للقانون الإنساني الدولي وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ارتكبت في العراق خلال فترة الثلاثة أشهر الأخيرة من قِبل تنظيم "داعش" و"الميليشيات المسلحة" بشكل منهجي وعلى نطاق واسع، هذه الانتهاكات شملت عمليات قتل المدنيين والاختطاف والاغتصاب والعبودية والإتجار في النساء والأطفال والتجنيد القسري للأطفال وتدمير الأماكن ذات الأهمية الدينية أو الثقافية والنهب والحرمان من الحريات الأساسية".
وذكر التقرير، الذي ورد "العرب اليوم" نسخة منه، أنَّ "أعضاء الجماعات العرقية والدينية المختلفة في العراق، بما في ذلك التركمان، والشبك، والمسيحيين، واليزيديين، والصابئة، والكرد الفيليين، والشيعة العرب وآخرين مستهدفين عمدًا وبشكل منهجي من قِبل "داعش" وما يرتبط بها من جماعات مسلحة من خلال الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، في سياسة متعمدة تهدف إلى تدمير وقمع أو طرد هذه الجماعات بشكل دائم من المناطق الخاضعة لسيطرتها".
ثم يشرح التقرير تفاصيل عمليات قتل يمارسها تنظيم "داعش" لأشخاص مُشتبه في ارتباطهم بالحكومة، بما في ذلك رجال دين وقادة مجتمع وزعماء قبائل وصحافيين وأطباء وكذلك ناشطات مجتمع المدني وقادة سياسيين، مضيفًا: "خلال فترة الأشهر الثلاثة الماضية تم تنفيذ 165 عملية إعدام على الأقل في أعقاب أحكام لما يُسمى بـ"المحاكم" في المناطق التي يسيطر عليها التنظيم".
وشددت الأمم المتحدة على أنَّ "كثيرًا من الانتهاكات والتجاوزات التي يرتكبها "داعش" ترقى إلى مستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية، انتهاكات القانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان الدولية التي ارتكبتها قوات الأمن العراقية والجماعات المسلحة التابعة للحكومة خلال الفترة نفسها، بما في ذلك الفشل في الالتزام بمبادئ التمييز في سير العمليات العسكرية، الجماعات المسلحة المرتبطة بالحكومة ارتكبت عمليات قتل مستهدف، بما في ذلك اختطاف المدنيين وغيرها من الانتهاكات".
وأضافت الأمم المتحدة في تقريرها أنَّ "الميليشيات والجماعات المسلحة الأخرى والتي يعمل بعضها خارج سيطرة الحكومة تنشط في العديد من المحافظات، ولاسيما في محافظتي ديالي (شمال شرق) وصلاح الدين (شمال)؛ حيث وردت معلومات عن انتهاكات حقوق الإنسان من قِبل هذه الميليشيات بما في ذلك عمليات إعدام سريعة واختطاف، وقتل على الأقل 11602 مدنيًا وجرح 21766 آخرين من بداية كانون الثاني/ يناير 2014 وحتى 10 كانون الأول/ ديسمبر الماضي".
وبيّن التقرير أنّه "خلال الفترة بين 1 حزيران/ يونيو و10 كانون الأول العام 2014 عندما انتشر الصراع من الأنبار إلى مناطق أخرى من العراق، قتل ما لا يقل عن 7801 مدنيًا وأصيب 12451 آخرين، وهدف "داعش" لايزال تدمير الدولة العراقية والمجتمع عن طريق نشر العنف والانقسام".
كما نقل التقرير عن الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة للعراق، نيكولاي ملادينوف، قوله إنَّ "هذه الأرقام المقدمة ينبغي اعتبارها الحد الأدنى من الخسائر البشرية، يحتاج الزعماء العراقيين إلى التحرك فورًا وتنفيذ البرنامج السياسي لحكومة الوحدة الوطنية والعمل على تحقيق المصالحة من أجل وضع حدّ للجرائم البشعة التي يرتكبها "داعش" ووضع جميع المليشيات المسلحة تحت سيطرة الدولة".
هذا وأشارت الأمم المتحدة في تقريرها إلى أنّ "عدد المدنيين الذين لقوا حتفهم من الآثار الثانوية للعنف بما في ذلك عدم الحصول على الطعام أو الماء أو الرعاية الطبية ما زال مجهولًا"، لكنها أوضحت أنَّ "أعدادًا كبيرة ظلت محاصرة أو نازحة في المناطق الخاضعة لسيطرة "داعش" مع محدودية فرص الحصول على المساعدات الإنسانية، ولاسيما الأطفال والنساء الحوامل والأشخاص ذوي الإعاقة وكبار السن يظلون معرضين للمخاطر في هذه الظروف الصعبة".
من جهته، شدد المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، زيد رعد الحسين، على أنّه "يشعر بصدمة عميقة جراء الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان التي يرتكبها "داعش" والجماعات المسلحة، استهداف المدنيين على أساس دينهم أو عرقهم هو عمل شائن تمامًا ويجب علينا ألا ندخر أي جهد لضمان المساءلة عن هذه الجرائم".
ثم دعا العراق إلى الانضمام لنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية أو قبول ممارسة اختصاصها في ما يتعلق بالوضع الحالي الذي يواجهه العراق.
أرسل تعليقك