انسحب وفد المملكة العربية السعودية من اجتماع الدورة الـ145 لمجلس جامعة الدول العربية؛ احتجاجًا على تأييد وزير الخارجية العراقي، إبرهيم الجعفري، قوات الحشد الشعبي و"حزب الله" اللبناني.
ونأت خمس دول خليجية هي "السعودية والإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين وقطر والكويت" بنفسها عن قرار مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري المقدم من الجمهورية اللبنانية بشأن "التضامن مع لبنان"، ويتضمن القرار تجديد التضامن الكامل مع لبنان وتوفير الدعم السياسي والاقتصادي له ولحكومته بما يحفظ الوحدة الوطنية اللبنانية وأمن واستقرار لبنان وسيادته على كامل أراضيه وتأكيد حق اللبنانيين في تحرير أو استرجاع مزارع شبعا وتلال كفر شوبا اللبنانية والجزء اللبناني من بلدة الغجر وحقهم في مقاومة أي اعتداء بالوسائل المشروعة.
وأكد مصدر في وزارة الخارجية العراقية، الجمعة، أن الوفد السعودي انسحب من قاعة الاجتماعات خلال كلمة الجعفري التي رفض فيها ما أسماه المساس بالحشد الشعبي وسائر حركات المقاومة، وأضاف أن وزير الخارجية العراقي قال إن الحشد الشعبي وحزب الله حافظا على كرامة العرب ومن يتهمهما بالتطرف هم المتطرفون.
وعاد الوفد السعودي إلى مقعده في القاعة الكبرى في مقرّ الأمانة العامة للجامعة العربية؛ لاستكمال مناقشات جدول أعمال الدورة بعد انتهاء الجعفري من كلمته، ومن جانبه، وفي معرض تعليقه على انسحاب الوفد السعودي، قال الجعفري إنه لن يؤثر على مجمل العلاقات السعودية العراقية، لافتًا إلى أن تباين المواقف أمر طبيعي، ومشددًا على أنه لا يجب أن يؤدي إلى الإضرار بالعلاقات الثنائية بين الأطراف العربية، مضيفًا: نحن نتوقع وجود تباينات في وجهات النظر، وما قلته في كلمتي لا يخرج عن كونه وصفًا لحزب الله بأنه حركة مقاومة، ورفض المساس به إلى جانب رفض المساس بالحشد الشعبي وسائر حركات المقاومة.
واستدرك الجعفري قائلًا إن خروج الوفد السعودي برئاسة مندوبها بالجامعة العربية السفير أحمد بن عبدالعزيز قطان لم يتزامن مع إلقاء كلمته، معتبراً أنه من حق أيّة دولة أن تعبر عن موقفها تجاه أيّة قضية.
وفي يناير/كانون الثاني الماضي استدعى العراق السفير السعودي لدى بغداد، ثامر السبهان، بعد تلميحه إلى أن عناصر الحشد الشعبي المسلحين والمدعومين من إيران يغذون المشاعر الطائفية في العراق، وأن الجماعات التي تقف وراء أحداث المقدادية لا تختلف عن تنظيم "داعش"، الأمر الذي أثار موجة ردود فعل غاضبة في العراق، وأعلن وزيرا الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري والسعودي عادل الجبير آنذاك رفضهما تصريحات السفير السعودي لدى بغداد، وأكد الجبير أن تلك التصريحات لا تعبر عن الموقف الرسمي للسعودية تجاه العراق.
وأكد المجلس في ختام اجتماع الدورة الـ145 اليوم الجمعة برئاسة مملكة البحرين بشأن "التضامن مع الجمهورية اللبنانية "على أهمية وضرورة التفريق بين الإرهاب والمقاومة المشروعة ضد الاحتلال الإسرائيلي التي هي حق أقرته المواثيق الدولية ومباديء القانون الدولي عدم اعتبار العمل المقاوم عملا إرهابيا.
وشدد المجلس على دعم موقف لبنان في مطالبته المجتمع الدولي تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701 المبني على القرارين 425 و426 عبر وضع حد نهائي لانتهاكات إسرائيل ولتهديداتها الدائمة له ولمنشآته المدنية وبنيته التحتية، مرحّبًا بالدعم للخلاصات الصادرة عن الاجتماعات المتتالية لمجموعة الدعم الدولية للبنان وآخرها الاجتماع الذي انعقد على هامش الدورة السبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في 30 سبتمبر 2015.
وأشاد المجلس بالدور الوطني الذي يقوم به الجيش اللبناني والقوى الأمنية اللبنانية في صون الاستقرار والسلم الأهلي ودعم الجهود المبذولة من أجل بسط سيادة الدولة اللبنانية حتى الحدود المعترف بها دوليا وتثمين التضحيات التي يقدمها الجيش اللبناني في مكافحة الإرهاب ومواجهة التنظيمات الإرهابية والتكفيرية على غرار تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام"داعش" و"جبهة النصرة" وغيرها وإدانة الاعتداءات النكراء التي تعرض لها في أكثر من منطقة لبنانية .
ورحب المجلس بالمساعدات التي قدمتها دول شقيقة وصديقة للبنان وفي طليعتها المملكة العربية السعودية وحث جميع الدول على تعزيز قدرات الجيش اللبناني وتمكينه من القيام بالمهام الملقاة على عاتقه كونه ركيزة لضمان الأمن والاستقرار والسلم الأهلي في لبنان وإدانة خطف العسكريين اللبنانيين من قبل تنظيمات إرهابية والاستمرار باحتجازهم منذ أغسطس 2014 والمطالبة بإطلاقهم بغية إفشال مخططات من يريدون إشعال فتنة داخلية وإقليمية .
وأدان المجلس جميع الأعمال الإجرامية والتحركات المسلحة والتفجيرات الإرهابية التي استهدفت عددا من المناطق اللبنانية وأوقعت عددا من المواطنين الأبرياء ورفض كل المحاولات الآيلة إلى بث الفتنة وتقويض أسس العيش المشترك والسلم الأهلي والوحدة الوطنية وزعزعة الأمن والاستقرار وضرورة محاربة التطرف والتعصب والتكفير والتعاون التام والتنسيق لمكافحة الإرهاب والقضاء عليه وتجفيف مصادر تمويله والتعاون في مجال تبادل المعلومات والخبرات وبناء القدرات ومحاسبة مرتكبي الأعمال الإرهابية والجرائم ضد الإنسانية والمحرضين على أعمال العنف والتخريب التي تهدد السلم والأمن وتشديد العقوبات عليهم وانتهاج إجراءات احترازية في هذا الشأن .
ووجه المجلس التحية لصمود لبنان في مقاومته العدوان الإسرائيلي المستمر عليه وعلى وجه الخصوص عدوان يوليو من العام 2006 والترحم على أرواح الشهداء اللبنانيين واعتبار تماسك ووحدة الشعب اللبناني في مواجهة ومقاومة العدوان الإسرائيلي عليه ضمانا لمستقبل لبنان وأمنه واستقراره وتوصيف الجرائم الإسرائيلية بجرائم حرب تستوجب ملاحقة مرتكبيها وتحميل إسرائيل المسؤولية الكاملة عن اعتداءاتها وإلزامها بالتعويض للجمهورية اللبنانية وللمواطنين اللبنانيين والترحيب بالقرارات التي تبنتها الجمعية العامة للأمم المتحدة حول "البقعة النفطية على الشواطيء اللبنانية وآخرها القرار رقم 70/194 بتاريخ 22 ديسمبر 2015 والتي تقضي بدفع إسرائيل تعويضات مالية عن الأضرار التي لحقت بلبنان جراء قصف إسرائيل لمحطة "الجية" للطاقة الكهربائية في حرب يوليو 2006.
وأكد المجلس ضرورة الحفاظ على الصيغة اللبنانية التعددية الفريدة القائمة على المناصفة بين المسلمين والمسيحيين والتعايش بين الأديان والحوار بينها والتسامح وقبول الآخر وإدانة نقيضها الحضاري الصارخ الذي تمثله التنظيمات الإرهابية الإلغائية كـداعش وجبهة النصرة بما ترتكبه من جرائم بحق الإنسانية والتي تحاكي إسرائيل في سياستها الإقصائية القائمة على يهودية الدولة وممارساتها العدوانية تجاه المسلمين والمسيحيين.
ورحب المجلس بالجهود التي يبذلها لبنان حكومة وشعبا حيال موضوع النازحين السوريين الوافدين إلى لبنان لجهة استضافتهم رغم إمكاناته المحدودة والتأكيد على ضرورة مؤازرة ودعم لبنان في هذا المجال وتقاسم الأعباء والأعداد معه ووقف تزايد تلك الأعباء والأعداد من النازحين والتشديد على أن يكون وجودهم مؤقتا لما في الأمر من تهديد كياني ووجودي للبنان والسعي بكل ما أمكن لتأمين عودتهم إلى بلادهم في أقرب وقت ممكن ، والإشادة بالمحاولات الحثيثة التي تبذلها الحكومة اللبنانية لتقليص أعداد النازحين السوريين الموجودين على الأراضي اللبنانية وتوفير أمن اللبنانيين والسوريين وتخفيف الأعباء عن شعب لبنان واقتصاده بعد أن أصبح على شفير انفجار اجتماعي واقتصادي وأمني يهدد وجوده.
وأكدت مؤسسة الأزهر أن استقبال الشيخ احمد الطيب وزير خارجية العراق الذي جاء بعد يوم من رئيس جمهورية العراق، هدفه لمّ شمل الشعب العراقي ورأب الصدع الذي أصابه نتيجة لممارسات طائفية وعنصرية، وأصدر الأزهر الشريف بيانًا استنكر فيه بشدّة تصريحات الوزير العراقي إبراهيم الجعفري بعد لقائه شيخ الأزهر، الدكتور أحمد الطيب، الجمعة، وأشاد فيها بحزب الله والحشد الشعبي في العراق.
وأعرب الأزهر الشريف عن أسفه واستنكاره الشديد لما ورد على لسان وزير الخارجية العراقي من تصريحات مرفوضة تشيد بممارسات تنظيمات تم تصنيفها كجماعات متطرفة، مشددًا على أن ذلك يعد استغلالًا غير مقبول لمواقف الأزهر المعتدلة ولحسن النوايا التي آثر الأزهر- كعادته – أن يبادر بها، فضلاً عن كونه يخالف جميع الأعراف الدبلوماسية، لاسيما أنه أطلق هذه التصريحات بعد لقائه الطيب، وهو يعلم تمامًا رفض الأزهر وإمامه لما ورد في هذه التصريحات جملة وتفصيلاً.
وأوضح الأزهر حرصه منذ بداية الأزمة على التواصل مع جميع مكونات الشعب العراقي، وبقيّ على مسافة واحدة من الجميع، رافضًا إقصاء طرف على حساب الآخر.
أرسل تعليقك