كشفت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، السبت، أنَّ جيش الاحتلال الإسرائيلي يقوم بترهيب الأطفال القُصر خلال عمليات اعتقالهم، وذلك بضربهم والاعتداء عليهم بالشتم والصراخ، لاسيما أنَّ معظم هذه العمليات تتم في ساعات متأخرة من الليل، وأنَّ جنود الاحتلال يتعاملون معهم بصورة همجية ووحشية، بهدف إخافتهم وبث الرعب في قلوبهم لانتزاع اعترافات منهم.
أوضحت الهيئة، من خلال متابعة عمليات الاعتقال وزيارة الأطفال الذين تم اعتقالهم أخيرًا، أنَّ هنالك تشابهًا كبيرًا في تصرفات وممارسات جنود الاحتلال في كافة مناطق الضفة الغربية، وهذا يدلل على أنَّ الأمور تسير وفق سياسية ممنهجة معد لها مسبقًا من قِبل أجهزة دولة الاحتلال.
كما أضافت الهيئة: "لا تكون هذه الممارسات أثناء عمليات الاعتقال فحسب، بل يتم نقل الأطفال في معظم الأحيان إلى أقرب مركز شرطة، ويتم استجوابهم وتهديدهم والاعتداء عليهم في الممرات أو الساحات، ثم يتركون لساعات طويلة في البرد وهم مقيدو الأيدي والأرجل ومعصوبو العينين".
فيما بيّنت الهيئة أنَّ إسرائيل لا تعطي الاطفال أيّة خصوصية أثناء التعامل معهم، فيتعرضون لنفس وسائل وأساليب التحقيق والتعذيب التي تتم مع الأسرى البالغين.
كما أكدت أنَّ إسرائيل لا تحترم الاتفاقات والمواثيق الدولية التي تنص على ضرورة احترام حقوق الأطفال وعدم المساس بها، مشيرة في الوقت ذاته إلى ضرورة التحرك على المستويات كافة لوضع حدٍ لهذه الممارسات اللاأخلاقية والتي تعتبر وصمة عار على جبين المجتمع الدولي الصامت.
هذا ورصد تقرير دولي تصاعدًا خطيرًا وملحوظًا في اعتقال قوات الاحتلال الإسرائيلي الأطفال الفلسطينيين، إذ ارتفعت وتيرة الاعتقالات بحقهم خلال الشهرين الماضيين بنسبة 80 في المائة بالمقارنة مع المتوسط الشهري لأرقام المعتقلين الأطفال خلال العامين الماضيين.
فيما أشار "الأورومتوسطي" إلى أنَّ متابعة قضايا الأطفال الفلسطينيين الذين تحتجزهم السلطات الإسرائيلية تُظهر أنَّ معظم حالات الاعتقال تأتي على خلفية قيامهم بإلقاء الحجارة على دوريات الاحتلال الإسرائيلي، التي تجوب المدن الفلسطينية، أو بسبب مشاركتهم في مسيرات سلمية ضد الجدار العازل أو رفع شعارات وكتابة عبارات ورسومات تمجد فلسطين وترفض الاحتلال.
ثم أكد أنَّ العديد من تلك الأفعال لا تعد جرائم في القانون الدولي أو أنها لا تستدعي القيام باعتقال الطفل، والذي ينبغي أنَّ يكون استخدام الاعتقال بحقه، بموجب ما تمليه مبادئ القانون الدولي وحقوق الطفل، مستبعدًا قدر الإمكان، ومنوّهًا إلى أنَّ "إسرائيل" كثيرًا ما تمارس سياسة العقاب الجماعي فيما يتعلق بتعاملها مع هذه المسألة.
كما لفت المرصد الحقوقي الدولي الأنظار إلى أنَّ معظم حالات اعتقال الأطفال الفلسطينيين تكون بعد منتصف الليل، ويرافقها إجراءات بوليسية قمعية تملأ الخوف في نفس الطفل وعائلته دونما مبرر أو حاجة أمنية فعلية لذلك، كما يُمنع ولي الطفل من مرافقة ابنه عند اعتقاله ولا يبلَّغ بالمكان الذي يقتادون الطفل إليه.
ثم أشار إلى أنَّ معظم الأطفال الذين يتم احتجازهم من حقهم الحصول على المساعدة القانونية العاجلة، حيث تعمد السلطات الإسرائيلية في معظم الحالات إلى بدء التحقيق فور اعتقال الطفل، ودون انتظار حضور المحامي الخاص به، كما يتعرض العدد الأكبر من هؤلاء الأطفال للاحتجاز في زنزانة انفرادية وهو ما له أثر نفسي سلبي إضافي على الأطفال.
هذا وذكر عدد من الأطفال، الذين التقاهم المرصد في إطار رصده حالة اعتقال الأطفال الفلسطينيين، أنهم تعرضوا أثناء التحقيق معهم للضغط النفسي، والتوبيخ، والحرمان من النوم والذهاب إلى دورة المياه والضرب، وهي إجراءات تعدّ صورة من صور التعذيب و"الضرر وإساءة المعاملة والعنف"، التي أوصت المادة (19/1) من اتفاقية حقوق الطفل على منعها وتجريم مرتكبيها.
ونوَّه المرصد إلى أنَّ هذا التصعيد في الاعتقالات بحق الأطفال الفلسطينيين دونما سند من القانون يخالف اتفاقية حقوق الطفل في مادتها رقم (37/ب)، والتي جاء فيها "لا يُحرم أي طفل من حريته بصورة غير قانونية أو تعسفية (..) ولا يُلجأ إلى اعتقاله أو سجنه وفقًا للقانون إلا كملجأ أخير ولأقصر فترة زمنية"، لافتًا الانتباه إلى أنَّ اعتقال أطفال فلسطينيين على خلفية مسيرات سلمية "ينضوي على انتهاك فاضح لحقهم في التعبير عن آرائهم".
من جانبها، قالت ميرة بشارة، الباحث في الدائرة القانونية في "المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان": "إسرائيل لا تكترث نهائيًا باتفاقية حقوق الطفل حينما يتعلق الأمر باعتقال طفل فلسطيني"، مذكّرة بحادثة اعتقال الطفل وديع مسودة من الخليل والذي لم يتجاوز عمره 5 سنوات فقط، وذلك في شهر تموز/ يوليو من العام الماضي، والاتهام "إلقاء الحجارة".
وذكرت بشارة أنَّ ما وثّقه فيلم "أطفال في القيود" الذي عُرض حديثًا للمخرج البريطاني جوناثان بولمان، والذي اعتمد على مشاهد من محطات تلفزيونية عالمية ورصد لكاميرات الهواة، "يظهر لنا أنَّ ما تقوم به إسرائيل بحق الأطفال الفلسطينيين يمثل منهجية تنسحب على المدن الفلسطينية كافة وأنها ليست مجرد حوادث فردية هنا أو هناك، لاسيما وأنَّ هناك نحو مائة وتسعين طفلًا تقل أعمارهم عن ثمانية عشر عامًا معتقلين في سجون الاحتلال حتى الآن".
أرسل تعليقك