اعترفت الحكومة البريطانية بأنَّ النظام الذي بموجبه تقوم وكالات الاستخبارات البريطانية، بما في ذلك "MI5" و"MI6"، برصد المحادثات بين المحامين وموكليهم للسنوات الخمس الماضية هو نظام غير قانوني.
يعد الاعتراف بفشل أنشطة الأجهزة الأمنية في الامتثال الكامل لقوانين حقوق الإنسان في منطقة رئيسية ثانية، ولكن هذه المرة حساسة للغاية لرصد اتصالات متميزة من الناحية القانونية، إحراج شديد للحكومة.
ويترتب على ذلك أنَّ قرار المحكمة البريطانية في 6 شباط / فبراير، الذي أعلن أنَّ النظام المحيط بمشاركة المعلومات الاستخبارية الشخصية الجماعية بين وكالة الأمن القومي الأميركية وبريطانيا كان غير قانوني لمدة سبع سنوات.
كما فشل أيضًا الاعتراف بأنَّ نظام الدولة المحيط يتطفل على الاتصالات المتميزة من الناحية القانونية في الامتثال للاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، والتي تأتي في أولويات التحدي القانوني، في أنَّ يستمع إليه مطلع الشهر المقبل، إذ زعم أنَّ أجهزة الأمن قد اعترضت بشكل غير قانوني محادثات بين المحامين وموكليهم لإمداد الحكومة بمعلومات في المحكمة.
من المقرر أنَّ يتم الاستماع إلى القضية من قِبل سلطات تحقيق المحكمة الدولية "IPT", ويتم إحضارها من قِبل محامين نيابة عن اثنين من الليبيين، عبدالحكيم بلحاج وسامي السعدي، الذين اختطفوا هم وأسرتهم في عملية "MI6-CIA" المشتركة وتم إرسالهم مرة أخرى إلى طرابلس للتعذيب على يد نظام الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي العام 2004.
صرَّح متحدث باسم الحكومة: "التنازل الذي قدمته الحكومة اليوم يتعلق بسياسات وإجراءات الوكالات التي تحكم التعامل مع الاتصالات المتميزة من الناحية القانونية، وما إذا كانوا متوافقين مع الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان أم لا".
وفي ضوء أحكام سلطات تحقيق المحكمة الدولية "IPT" الأخيرة، نعترف بأنَّ السياسات المعتمدة منذ كانون الأول/ يناير 2010 لم تتفق بالكامل مع متطلبات الاتفاقية الأوروبية، وتمثل تحديدًا للمادة 8 "الحق في الخصوصية", وهذا يشمل شرطًا أنَّ تعلن الضمانات على العامة بشكل كاف.
ولا يعني هذا أنَّ هناك أيّة مخالفات متعمدة من جانب أجهزة الأمن والاستخبارات، التي اتخذت دائمًا التزاماتها لحماية المواد المميزة من الناحية القانونية على محمل الجد, كما لا يعني أنَّ أي من أنشطة الوكالات تم إساءة استخدامها لعملية في أي دعوى مدنية أو جنائية, وأكد أنَّ وكالات الاستخبارات ستعمل لضمان تلبية سياساتها لجميع الالتزامات المتعلقة بحقوق الإنسان في المملكة المتحدة.
ثم صرَّح مدير في "ريبريف" وأحد محامي عائلة بلحاج, كوري كريدر: "من خلال السماح لوكالات الاستخبارات بحرية الحكم للتجسس على الاتصالات بين المحامين وموكليهم، عرضت الحكومة الحق البريطاني الأساسي للخطر في محاكمة عادلة".
ورفضت مصادر حكومية تأكيد أو نفي ما إذا كان الليبيين موضوع عملية التنصت أم لا, وذلك تماشيًا مع كل هذه الحالات، ويصرون على أنَّ الامتياز لا يعني الادعاء بأن التنصت وقع بالفعل, ويقولولون إنه سيكون هناك جلسة استماع لسلطات تحقيق المحكمة الدولية للفصل في المسألة.
ونشرت مسودة محدثة لمشروع قانون ممارسة التنصت لتحديد قواعده للمرة الأولى بهدوء في الوقت ذاته، الذي تحكم فيه سلطات تحقيق المحكمة الدولية ضد مقر الاتصالات الحكومية البريطانية في وقت سابق من هذا الشهر في القضية التي رفعتها منظمة الخصوصية الدولية.
وصرَّح المتحدث باسم الحكومة أنَّ مشروع القانون يحدد الضمانات ويعمل على تعزيز وتوفير مزيد من التفاصيل على الحماية التي كان لابد من تطبيقها في الأجهزة الأمنية للتعامل مع الاتصالات المتميزة من الناحية القانونية.
ويعمل مشروع القانون على توضيح أنَّ أوامر التطفل على المحادثات المتميزة من الناحية القانونية ورسائل البريد الإلكتروني وغيرها من الاتصالات بين المتهمين ومحاميهم يمكن أنَّ يمنح إذن بممارستها إذا كان هناك ظروف استثنائية ومقنعة, ورغم ذلك عليهم التأكد من أنها ليست متاحة للمحامين أو مسؤولي السياسة الذين يجرون القضايا القانونية ضد هؤلاء المشتبه بهم.
وتتمتع التبادلات بين المحامين وموكليهم بوضع خاص لحمايتها بموجب قانون المملكة المتحدة, بعد التعرض للمراقبة على نطاق واسع من قبل المبلغ الأميركي, إدوارد سنودن, العام 2013.
ويخشى محامو بلحاج من تسوية التبادلات مع موكليهم عن طريق تنصت مقر الاتصالات الحكومية البريطانية "GCHQ" على المكالمات الهاتفية ورسائل البريد الإلكتروني, لإثبات أنَّ سياساتها تلبي الضمانات القانونية، وطلب من "MI6" الكشف عن التوجيه الداخلي حول كيفية تعامل موظفي الاستخبارات مع المواد المحمية بموجب الامتياز المهني القانوني.
وأشارت صحف "MI6" أنَّ تعهد التنصت في مثل هذه الظروف يكون نادرًا للغاية ويتطلب مبرر قوي وضمانات أقوى, ومن الضروري عدم استخدام هذه المواد بغرض منح ميزة غير عادلة أو غير لائقة للمخابرات أو حكومة صاحبة الجلالة في أيّة دعوى من هذا القبيل، أو إجراءات قانونية أو تحقيق جنائي.
وتشير الوثائق الداخلية أيضًا إلى الزيارة التي قام بها مفوض التنصت، السير أنتوني مايو، في الصيف الماضي لدراسة مذكرات تنصت، حيث تم اكتشاف أنَّ اللوائح لا يتم الإلتزام بها.
وصرح مدير برنامج منظمة العفو القانوني للمملكة المتحدة، راشيل لوغان: "نحن نتحدث عن شيء ليس أقل من انتهاك لمبدأ أساسي من مبادئ سيادة القانون, فالاتصالات بين المحامي وموكله لابد من أنَّ تكون سرية, ووقعت الحكومة في جرم مشهود, فتصنت الأجهزة الأمنية بطريقة غير مشروعة واستمرارها في القيام بذلك, يعني أنهم من الممكن التجسس على أي شخص يتحداهم في المحكمة".
وهذه هي المرة الثانية في الأسابيع القليلة الماضية التي تتوغل فيها جواسيس الحكومة لخرق القانون.
أرسل تعليقك