بيروت - فادي سماحة
تأجلت المواجهة السياسية حول الصلاحيات وطريقة اتخاذ القرارات داخل مجلس الوزراء اللبناني، بإعلان رئيسه تمام سلام إرجاء اجتماعه الذي كان مقررًا أمس الثلاثاء، إلى غد الخميس، إفساحًا في المجال أمام اتصالات التهدئة، في ظل اضطرار الفرقاء جميعًا إلى حد أدنى من التعاون لحل أزمة النفايات المستفحلة في بيروت وبعض الجبل، والتي تسببت أمس بحوادث شغب واحتجاجات متفرقة شملت اعتداء متظاهرين على سيارة وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس.
وفيما استبعدت مصادر وزارية نجاح جهود تبريد الأزمة السياسية، لأن وزيري "التيار الوطني الحر" بزعامة العماد ميشال عون سيصران على الاشتراك في وضع جدول أعمال الجلسات الحكومية في ظل الشغور الرئاسي، في وقت يعتبر سلام وأكثرية الوزراء أنها من صلاحياته، رجّح غير وزير أن يلجأ سلام في نهاية جلسة غد، إلى رفعها إذا بقي أفق الحلول مسدودًا لتذهب الحكومة في إجازة مديدة، بعد الجهود الخارجية المتعددة تجاهه لصرف النظر عن تفكيره بالاستقالة، نظرًا إلى أخطارها على توسيع الفراغ الدستوري، في ظل غياب أي أمل بقرب انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
وكان آخر هذه الجهود أمس رسالة الدعم التي نقلها إلى سلام سفير المملكة العربية السعودية في بيروت علي عواض عسيري "للتعبير له عن دعم المملكة لحكومته ولأجهزة الدولة كافة"، مؤكدًا ثقة السعودية "بحكمة رئيسها ووطنيته وحرصه على المصلحة الوطنية العليا"، وذكر عسيري أن المملكة "تعتبر أن الحكومة هي صمام الأمان وتعريضها للضغط في هذه المرحلة الدقيقة قد ينطوي على عواقب ليست في مصلحة لبنان".
وكانت أزمة تراكم النفايات في العاصمة وبعض مناطق الجبل أخذت الوقت الأكبر من جهود الرئيس سلام في اليومين الماضيين فترأس اجتماعات عدة للجنة وزارية لإدارة عملية إيجاد حلول مؤقتة لجمعها وتوزيعها على مكبات في مناطق عديدة، وترأس غرفة عمليات طارئة من أجهزة عدة لهذا الغرض، فيما أعلن تكتل عون النيابي بلسان وزير الخارجية جبران باسيل عن "أننا إيجابيون ولن نعرقل ولكن ليس عملنا أن نفرض على البلديات والناس وليبحثوا عن أماكن تستوفي الشروط البيئية".
وذكرت مصادر اللجنة الوزارية أن وزير "التربية" الياس بو صعب أبلغ سلام أن لديه تعليمات من عون بالتعاون في هذا الملف، وحددت اللجنة مكبات مؤقتة في عدد من المناطق بموافقة القوى النافذة، أبقتها طي الكتمان لتجنب الاعتراضات الشعبية، وبدأ بعض الشاحنات نقل جزء من نفايات العاصمة إليها، وشهد الشارع تحركات مريبة الليل قبل الفائت، لاسيما قرب منزل سلام حيث أقدم مشاغبون معروفون على حرق مستوعبات قمامة بقنابل مولوتوف، ورموا محتوياتها عند مدخله وأطلقوا صرخات نابية، ما دفع "حزب الله" إلى إيفاد وزير "الصناعة" حسين الحاج حسن (عضو في اللجنة الوزارية) ليعتذر من رئيس الحكومة رافضًا ما حصل.
وبينما اعتصم عدد من ناشطي المجتمع المدني أمس أمام السراي الحكومية تحت شعار "طلعت ريحتكم"، وتظاهر عشرات منهم، دخل على خط التحرك مشاغبون آخرون فاعتدوا على سيارة الوزير درباس ملحقين الأضرار بها أثناء انتقاله إلى منزله وتعرضوا له بالشتم، وألقت القوى الأمنية القبض على 4 منهم، واستنكرت كتلة "المستقبل" النيابية "ما قام به بعض الملثمين المنتمين إلى سرايا الفتنة في بعض أحياء بيروت وفي محيط منزل سلام، في مشهد يذكّر بمسرحية القمصان السود"، كما استنكرت ما تعرض له درباس.
وأكدت "ثقتها ودعمها الكامل لرئيس مجلس الوزراء تمام سلام في تحمّل مسؤولياته الدستورية في الحفاظ على أحكام الدستور وعلى صلاحيات رئاسة مجلس الوزراء وفي تثبيت الاستقرار وتسيير شؤون المواطنين وحماية البلاد"، واعتبرت الكتلة أن البوابة الحقيقية لمعالجة كل هذه التعقيدات التي يواجهها اللبنانيون تتمثل بالمسارعة إلى انتخاب رئيس للجمهورية.
أرسل تعليقك