صنعاء - طارق نصر
تتواصل المواجهات بين الجيش الوطني والمقاومة الشعبية من جهة والميليشيا الحوثية والقوات التابعة للرئيس اليمني السابق من جهة أخرى، رغم إعلان جميع الأطراف التمسك بالهدنة المعلنة بوساطة الأمم المتحدة والتي دخلت حيز التنفيذ منتصف ليل (الأحد – الاثنين) الماضيين، وبخاصة في جبهات مأرب والجوف وصنعاء وتعز.
وتتبادل الأطراف المتقاتلة الاتهامات بشأن هذه الخروقات، ويؤكد كل طرف حقه في الرد والدفاع عن النفس، ما يعني أن العمل العسكري في ميادين المواجهة يختلف تماما عن المواقف المعلنة عبر وسائل الإعلام، بل ويتناقض معه تماما، وهو ما يهدد محادثات السلام المقرر عقدها في الكويت في 18 من الشهر الجاري، والتي ستتركز حول "وقف إطلاق النار والانسحاب من المدن وتسليم السلاح وإعادة مؤسسات الدولة بالإضافة إلى ملف الأسرى والمعتقلين"، وفق ما أعلنه المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، وأكد المبعوث الأممي خلال لقائه بممثلي الحكومة الشرعية إلى المحادثات أن مرجعيات التفاوض هي نفسها التي سبق إقرارها من قبل المجتمع الدولي والمتمثلة في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني وقرار مجلس الأمن ٢٢١٦.
وهو ما أبدى الموافقة عليه محمد عبد السلام رئيس فريق الحوثيين للتفاوض والذي (يضم الحوثيين حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يرأسه الرئيس السابق علي عبد الله صالح)، وأكد موافقة جماعته على قرارات مجلس الأمن المتعلقة بالأزمة اليمنية، بما فيها القرار، 2216، وقال موقفنا هو الموقف نفسه الذي أبلغناه الأمين العام للأمم المتحدة مطلع أكتوبر من العام الماضي في رسالة رسمية بعثتها إليه، وأشار إلى أن الحوثيين ليسوا مع بقاء السلاح خارج إطار الدولة.
واتهم محمد عبدالسلام في تصريحات لجريدة "الشرق الأوسط" من سماهم "تجار الحروب" بالسعي إلى إجهاض هدنة وقف إطلاق النار، وأعرب عن رغية جماعته في استمرار الهدنة وعدم وقوع خروقات. وقال إن "الخروقات تؤثر على مسار التفاهمات وعلى مسار الحوارات السياسية التي من المفترض أن تحدث في الكويت، ولهذا، الأمل ألا تحصل خروقات وقد شهدنا اليوم، بعكس الأمس، هدوءا أفضل من اليوم الأول"، واتهم عبد السلام من سماهم: "تجار الحروب ومن لا يروق لهم السلام والاستقرار"، بمحاولة توتير الأجواء "كون ذلك يؤثر على مصالحهم"، حسب قوله. وأضاف: "كنا قد وضعنا آلية خلال لقاء ظهران الجنوب، الأحد الماضي، مع لجان المحافظات المشتركة في حال حصلت خروقات يتم الرفع بها ومراقبتها واحتواؤها".
وكشف عن أن الاتفاقات الموقعة في ظهران الجنوب بالمملكة العربية السعودية: "اتفاقيات لوقف إطلاق نار دائم بين ممثلي الجبهات العسكرية وشخصيات اجتماعية مشتركة، ومراقبة أي أعمال عسكرية أيا كانت هذه الأعمال والحد منها، وفتح الطرقات والممرات، على أن تعقد اللجان المحلية لقاءاتها في كل محافظة على حدة كي تسود الثقة بين الجميع"، مؤكدا أن "فريق التهدئة والتنسيق المشّكل من قبل الأمم المتحدة في مفاوضات سويسرا يجب أن يشرف على مسار عمل اللجان، كما هو المتفق"، وقال محمد عبد السلام إنهم لا يعدون هذه هدنة، "بل نعتبرها خطوة مهمة في سبيل وقف شامل للحرب وتمهيدا أساسيا لحوار الكويت، ووقف الأعمال العسكرية هي الخطوة الصحيحة التي يجب أن تسبق أي حوار سياسي حتى يثق الشعب اليمني بجدية هذه المشاورات ويمنحها الدعم الكامل".
وفيما يتعلق بملف الأسرى والمعتقلين، وهو أحد الملفات الرئيسية في المفاوضات المرتقبة، أردف المتحدث باسم الحوثيين، قائلا إن "ملف المعتقلين والأسرى وأي محتجز بشكل كامل، بما فيهم الصبيحي (وزير الدفاع) وفيصل رجب، وشقيق هادي في طريقه للحل، طالما قامت لجنة الأسرى والمعتقلين المشّكلة منا ومن الطرف الآخر ومن الجانب السعودي بدورها في تبادل الكشوفات وآليات عملها، ففي الأخير نحن لا نريد أن يظل أسير في المعتقلات، وكلما تعززت حالات التوافق والتهدئة كانت الأجواء مهيأة للحل، وفي مقدمتها الملف الإنساني الخاص بالأسرى"، مشيرا إلى أن "الوضع العسكري والأمني في اليمن يتداخل ويتعقد أكثر من أي وقت مضى، سواء بانتشار السلاح أو بغياب الدولة في كثير من المناطق اليمنية في الجنوب، ولهذا، فإن البلد يحتاج إلى توافق سياسي واضح المعالم لتثبيت معالم الدولة، ومن ثم نحن كغيرنا لا نرى صحة وجود السلاح خارج المؤسسات المعروفة، وقد أفرزت الحرب أشكالا متعددة لانتشار السلاح بمختلف أنواعه، وأصبح الحل في التوافق السياسي الذي يضمن شراكة الجميع لبناء الدولة".
أرسل تعليقك