وصف المبعوث الأممي إلى اليمن جمال بن عمر، الأحد، الوضع في اليمن بالخطير، متوقعًا أن يصبح أكثر تعقيدًا وخطرًا، في حال حدوث انتهاكات لاتفاق السلم والشراكة الوطنية، الذي تم توقيعه في 21 أيلول/سبتمبر 2014، والذي قضى بانسحاب الجماعات المسلحة، ووقف الاقتتال في صنعاء، والتوجه إلى الحوار، فيما أعرب محلّلون وسياسيون يمنيّون عن مخاوفهم من هذا التصريح، معتبرين أنه يرمي إلى ما ستكون عليه اليمن في الفترة المقبلة، محذرين من أنه إذا وصل الأمر إلى ذلك فإن العواقب ستكون كارثية.
وأكّد بن عمر، في تصريح صحافي، أنه "إذا تعاونت كل الأطراف، بما فيها أنصار الله (الحوثيون)، فإن تطبيق الاتفاق سيسمح للدولة باستعادة سلطاتها"، واستدرك قائلًا "لكن في المقابل، إذا اختلفوا على تطبيقه أو حصلت انتهاكات لذلك الاتفاق، فإن الوضع سيصبح أكثر تعقيدًا وخطرًا، وآمل أن لا نصل إلى تلك المرحلة".
ودعا بن عمر، الأطراف اليمنية، إلى "ضرورة الإسراع في تشكيل حكومة جديدة، لتفادي تفاقم التوتر بين الشيعة والسنة، ولتجنب تعميق الأزمة في البلاد"، مبرزًا أنه "يأمل في تشكيل حكومة جديدة في أيام"، موضحًا أنه "يخشى، في حال عدم تشكيل الحكومة من تفاقم التوتر المذهبي".
من جهته، اعتبر الإعلامي والصحافي وليد المعلمي، في تصريح إلى "العرب اليوم"، أنَّ النبرة الطائفية في خطاب بن عمر تهدف إلى تعميق وتجذير الصراع الطائفي، كي يبرر فشله في مهمته في اليمن.
وأضاف "ما يحدث في اليمن هو صراع سياسي بامتياز، قوى محلية تستقوي بقوى خارجية، لإنهاء الثورة الشبابية ونتائجها، صراع يراد له أن يُلبس الرداء المذهبي".
وأوضح المعلمي أنّ "جمال بن عمر يستخدم استمالات التخويف من المستقبل إذا لم يلتزم الأطراف بخارطة طريق تبدو أنها مقرّة دوليًا، بغية تشكيل شرق أوسط جديد".
ورأى الباحث والناشط السياسي نبيل البكيري أنَّ جمال بن عمر يؤدي مهمة معروفة مسبقًا، أصبحت أكثر وضوحًا من أي وقت مضى، وهي خطة من فصول، تم تنفيذ الفصلين الأول والثاني منها، وبقي ربما الفصل الثالث والرابع".
وبيّن البكيري، في تصرح خاص إلى "العرب اليوم"، أنّ "الفصل الأول تمثل بالقضاء التام على فكرة الثورة في اليمن مبكرًا، متمكنًا من الغطاء الأممي الذي تدثر تحته، والفصل الثاني تمثل في مخطط تسهيل سقوط صنعاء وتدمير سادس أقوى جيش عربي في المنطقة، كما فعل قبله بول بريمر في تدمير الجيش العراقي، عقب سقوط بغداد 2003، وهو أدى الدور نفسه بعد تسليم صنعاء للإيرانين، عبر وكلائها الحوثيين، وما بقي بعد ذلك فهي مجرد تفاصيل".
وأردف "الفصل الثالث هو ضرب وإنهاء الوحدة اليمنية، عبر إعادة تشكيل خارطة سياسية، تفتيتية للجغرافية اليمنية، وأهم بوابة لذلك هو التمهيد لإنفصال جنوب اليمن، كما في حديثه الأخير، الذي بشر فيه باشتداد مطلب الانفصال، مع أن هذا المطلب الذي يبالغ به بن عمر لم يكن سوى نتيجة طبيعية لتسليم صنعاء للحوثيين، الذي برر له بن عمر حينها بأنّ الجيش اليمني والأمن تفكك وذاب في ظاهرة لا يستطيع تفسيرها سوى المؤرخون والكتاب".
ورأى المحامي عبد الباسط غازي، تصريح بن عمر بالسياسة التي يصنعها الغرب لليمن، والتي يراد عبرها أن تصل اليمن إلى كل ما وصلت وستصل إليه.
وأوضح "نأمل، ونثق في كل أبناء الشعب اليمني والقيادات السياسية أن ينتبهوا للسياسات التي يراد لليمن أن تصل إليها، وأن يعملوا جاهدين على حقن الدم اليمني، ووضع أيديهم في أيدي بعض، ويحذروا مما يخطط لهم إقليميًا ودوليًا، وليأخذوا العبرة مما يجري في العراق وسورية وليبيا".
وأبرز أنَّ "البندقية لا يمكن إطلاقًا أن تحل الخلاف بين اليمنيين، وإنما الحوار الصادق وقبول الرأي والرأي الآخر، فشعب يحمل البندقية عوضًا عن القلم لا يمكن أن يبني دولة مدنية حديثة، والحلول لا يمكن أن تأتي من الخارج، والواقع اليمني يشهد على ذلك".
وبدورها، استغربت الناشطة السياسية والحقوقية وفاء الوليدي حديث بن عمر عن تنفيذ اتفاق السلم والشراكة الوطنية، مشيرة إلى أنَّ "ذلك الاتفاق جاء تحت تهديد السلاح والعنف والهمجية ومن أطراف محدودة، ويتجاهل الاتفاق الأساسي، الذي كان نتيجة لتوافق كل القوى السياسية، وأتى بالحوار، واتفاق الحوار الوطني الشامل، فضلاً عن أنه يلغي المبادرة الخليجية جملة وتفصيلاً، تمامًا كما حاولت المبادرة الالتفاف على الثورة، ودفنها"، واصفة ما يحصل بـ"محاولة لوأد أحلام اليمنيين".
وأضافت "المشكلة ليست في تشكيل حكومة تكنوقراط أو حكومة محاصصة، ولكن المشكلة كيف ستشكل هذه الحكومة في ضوء وجود الجماعات المسلحة في الشارع، وغياب كامل للجيش، وضياع هيبة الدولة، بل إننا نعيش في ضوء لا دولة".
وبيّنت أنّه "حتى وإن شكلت هذه الحكومة، فلن يكون هناك استقرار، فالثأر السياسي أكبر من كل الاتفاقات والتوقيعات، ثم أن هناك أكثر من وثيقة يتم الاتفاق عليها وتوقيعها ولا ينفذ منها شيء".
ووصفت الوليدي الصراع في اليمن بأنه "سياسي بامتياز، وليس كما صوره جمال بن عمر بأنه طائفي، بين سنة وشيعة"، نافية أن يكون هناك صراع من هذا النوع في اليمن.
وأشارت إلى أنَّ "هناك محاولة لإيران وأقلية قليلة شيعية في اليمن تريد استخدام هذا المصطلح لصالحها، واللعب على الوتر الديني، في عهد أصبح فيه العالم مفتوحًا، وأصبحت الحقائق واضحة للجميع".
أرسل تعليقك