شنت ميليشيا الحوثي والقوات التابعة للرئيس اليمني السابق علي صالح اليوم الأربعاء هجمات عنيفة ومباغتة على مواقع يسيطر عليها الجيش الوطني والمقاومة الشعبية في محافظتي الجوف وصنعاء، كما دفعت بتعزيزات كبيرة إلى جبهة صرواح التابعة لمحافظة مأرب.
وقالت مصادر في المقاومة الشعبية اليمنية أن الحوثيين عززوا عناصرهم في جبهة صرواح في محافظة مأرب بنحو مئة عربة عسكرية، تقل أفراداً وأسلحة، رغم سريان الهدنة المتفق عليها بين الطرفين والتي دخلت يومها الثالث، وقالت المصادر أن الحوثيين أطلقوا خلال أول يومين من الهدنة، العديد من قذائف المدفعية على مواقع المقاومة الشعبية في جبل هيلان بالمحافظة، ما أسفر عن مقتل خمسة من أفراد المقاومة.
وأوضحت المصادر أن جبهة صرواح تشهد اليوم الأربعاء تبادل لإطلاق النار بين الحوثيين والمقاومة، بعد أن بدأ الطرف الأول بقصف مواقع الطرف الثاني، واتهمت المصادر الحوثيين بعدم الجدية في تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار في محافظة مأرب، وأضافت: أن "المقاومة الشعبية أصبحت في موقف دفاع بسبب الهدنة".
وفي جبهة نهم في محافظة صنعاء أكدت المصادر مقتل العميد الركن زيد الحوري، أركان حرب اللواء 314، إلى جانب جندي من قوات الجيش الوطني الموالي للشرعية، وأصيب آخرون، في هجوم عنيف ومباغت شنته ميليشيا الحوثي وقوات صالح، على مواقع للجيش الوطني والمقاومة الشعبية في مديرية نهم شرق العاصمة صنعاء، وأوضحت المصادر إن قوات الجيش والمقاومة تصدت للهجوم، وردت على مصادر النيران، كما تمكنت من السيطرة على مواقع كانت الميليشيا نفذت هجومها منها.
وفي محافظة الجوف شنت ميليشيا الحوثي وصالح منذ منتصف ليل أمس الثلاثاء وحتى الساعات الأولى من فجر اليوم هجمات عنيفة من مختلف الاتجاهات على منطقة مزوية في مديرية المتون، وقالت مصادر محلية أن الميليشيا استخدمت في هجومها مختلف الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة، وأن هذا الهجوم جاء بعد أن تمكنوا من حشد مجاميع وأسلحة كبيرة إلى مديرية الحميدات غرب محافظة الجوف.
وأوضحت المصادر أن الميليشيا الحوثية استخدمت صواريخ الكاتيوشا والمدفعية قبل أن تنفذ عملية اقتحام مباشر، وأكدت أن الجيش الوطني والمقاومة تمكنا من دحر الهجوم بعد فجر اليوم، وأشارت المصادر إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى في صفوف الحوثيين، ومقتل اثنين من قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية.
يأتي ذلك في الوقت الذي أكدت فيه مصادر محلية أن المراقبين المكلفين بالإشراف على وقف إطلاق النار، باشروا مهامهم اليوم الأربعاء في ثلاث محافظات فقط بعد ثلاثة أيام من بدء الهدنة المعلنة برعاية الأمم المتحدة، وأوضحت المصادر أن ثلاث فرق مكون كل منها من 12 مراقباً يمثلون مختلف الأطراف باشروا مهامهم في محافظات مأرب وتعز وحجة، في محاولة لإنقاذ الهدنة المترنحة، والعمل على السماح بمرور المساعدات الإنسانية.
هذا وتتواصل المواجهات بين الجيش الوطني والمقاومة الشعبية من جهة والميليشيا الحوثية والقوات التابعة للرئيس اليمني السابق من جهة أخرى، رغم إعلان جميع الأطراف التمسك بالهدنة المعلنة بوساطة الأمم المتحدة والتي دخلت حيز التنفيذ منتصف ليل (الأحد – الاثنين) الماضيين، وبخاصة في جبهات مأرب والجوف وصنعاء وتعز.
وتتبادل الأطراف المتقاتلة الاتهامات بشأن هذه الخروقات، ويؤكد كل طرف حقه في الرد والدفاع عن النفس، ما يعني أن العمل العسكري في ميادين المواجهة يختلف تماما عن المواقف المعلنة عبر وسائل الإعلام، بل ويتناقض معه تماما، وهو ما يهدد محادثات السلام المقرر عقدها في الكويت في 18 من الشهر الجاري، والتي ستتركز حول "وقف إطلاق النار والانسحاب من المدن وتسليم السلاح وإعادة مؤسسات الدولة بالإضافة إلى ملف الأسرى والمعتقلين"، وفق ما أعلنه المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد.
وأكد المبعوث الأممي خلال لقائه بممثلي الحكومة الشرعية إلى المحادثات أن مرجعيات التفاوض هي نفسها التي سبق إقرارها من قبل المجتمع الدولي والمتمثلة في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني وقرار مجلس الأمن ٢٢١٦.
وهو ما أبدى الموافقة عليه محمد عبد السلام رئيس فريق الحوثيين للتفاوض والذي (يضم الحوثيين حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يرأسه الرئيس السابق علي عبد الله صالح)، وأكد موافقة جماعته على قرارات مجلس الأمن المتعلقة بالأزمة اليمنية، بما فيها القرار، 2216، وقال موقفنا هو الموقف نفسه الذي أبلغناه الأمين العام للأمم المتحدة مطلع أكتوبر من العام الماضي في رسالة رسمية بعثتها إليه، وأشار إلى أن الحوثيين ليسوا مع بقاء السلاح خارج إطار الدولة.
واتهم محمد عبدالسلام في تصريحات لجريدة "الشرق الأوسط" من سماهم "تجار الحروب" بالسعي إلى إجهاض هدنة وقف إطلاق النار، وأعرب عن رغبة جماعته في استمرار الهدنة وعدم وقوع خروقات. وقال إن "الخروقات تؤثر على مسار التفاهمات وعلى مسار الحوارات السياسية التي من المفترض أن تحدث في الكويت، ولهذا، الأمل ألا تحصل خروقات وقد شهدنا اليوم، بعكس الأمس، هدوءً أفضل من اليوم الأول".
واتهم عبد السلام من سماهم: "تجار الحروب ومن لا يروق لهم السلام والاستقرار"، بمحاولة توتير الأجواء "كون ذلك يؤثر على مصالحهم"، حسب قوله. وأضاف: "كنا قد وضعنا آلية خلال لقاء ظهران الجنوب، الأحد الماضي، مع لجان المحافظات المشتركة في حال حصلت خروقات يتم الرفع بها ومراقبتها واحتواؤها".
وكشف عن أن الاتفاقات الموقعة في ظهران الجنوب بالمملكة العربية السعودية: "اتفاقيات لوقف إطلاق نار دائم بين ممثلي الجبهات العسكرية وشخصيات اجتماعية مشتركة، ومراقبة أي أعمال عسكرية أيا كانت هذه الأعمال والحد منها، وفتح الطرقات والممرات، على أن تعقد اللجان المحلية لقاءاتها في كل محافظة على حدة كي تسود الثقة بين الجميع"، مؤكدا أن "فريق التهدئة والتنسيق المشّكل من قبل الأمم المتحدة في مفاوضات سويسرا يجب أن يشرف على مسار عمل اللجان، كما هو المتفق".
وقال محمد عبد السلام إنهم لا يعدون هذه هدنة، "بل نعتبرها خطوة مهمة في سبيل وقف شامل للحرب وتمهيدا أساسيا لحوار الكويت، ووقف الأعمال العسكرية هي الخطوة الصحيحة التي يجب أن تسبق أي حوار سياسي حتى يثق الشعب اليمني بجدية هذه المشاورات ويمنحها الدعم الكامل".
وفيما يتعلق بملف الأسرى والمعتقلين، وهو أحد الملفات الرئيسية في المفاوضات المرتقبة، أردف المتحدث باسم الحوثيين، قائلا إن "ملف المعتقلين والأسرى وأي محتجز بشكل كامل، بما فيهم الصبيحي (وزير الدفاع) وفيصل رجب، وشقيق هادي في طريقه للحل، طالما قامت لجنة الأسرى والمعتقلين المشّكلة منا ومن الطرف الآخر ومن الجانب السعودي بدورها في تبادل الكشوفات وآليات عملها، ففي الأخير نحن لا نريد أن يظل أسير في المعتقلات، وكلما تعززت حالات التوافق والتهدئة كانت الأجواء مهيأة للحل، وفي مقدمتها الملف الإنساني الخاص بالأسرى".
مشيرا إلى أن "الوضع العسكري والأمني في اليمن يتداخل ويتعقد أكثر من أي وقت مضى، سواء بانتشار السلاح أو بغياب الدولة في كثير من المناطق اليمنية في الجنوب، ولهذا، فإن البلد يحتاج إلى توافق سياسي واضح المعالم لتثبيت معالم الدولة، ومن ثم نحن كغيرنا لا نرى صحة وجود السلاح خارج المؤسسات المعروفة، وقد أفرزت الحرب أشكالا متعددة لانتشار السلاح بمختلف أنواعه، وأصبح الحل في التوافق السياسي الذي يضمن شراكة الجميع لبناء الدولة".
أرسل تعليقك