أعلنت وكيلة وزارة "الخارجية" الأميركية لضبط التسلح والأمن الدولي روز غوتمولر خلال اجتماع في جوهانسبورغ، الخميس، بأن تنظيم "داعش" يحاول ايجاد موطن له في الصومال، من أجل نقل تهديداته نحو كينيا، مضيفة "يعتبر الصومال مكانًا مثاليًا للجماعات المتطرفة، فهو بلد هامشي يمثل أطول خط ساحلي في قارة أفريقيا المتاخم لثلاث حلفاء لأميركا وهي اثيوبيا وجيبوتي وكينيا".
وذكرت صحيفة بريطانية ، أن تنظيم "داعش" يسعى لتوسيع أراضيه من خلال انشاء فرع جديد له في الصومال، فيما يسمى "امارة صغيرة" في بلد مزقته الحرب، ولكن يبدو أن الفوز بالأراضي هناك لن يكون سهلا، نظرًا لأن حركة "الشباب" التي تنتمي للقاعدة لديها وجود طويل في البلاد الواقعة في الطرف الشرقي لأفريقيا، والذين هددوا من ينضم لـ "داعش" بالموت.
وأوضحت الصحيفة أن التهديدات لم تمنع عددًا قليلا من المقاتلين والذي يقدر عددهم بالعشرات من التحول من القاعدة الى "داعش"، مما أثار مخاوف المسؤولين الاميركيين الذين استثمروا مئات الملايين من الدولارات لمساعدة الحكومة الصومالية الجديدة والحملة العسكرية الاقليمية ضد المتطرفين.
وحذرت قيادة جماعة "الشباب" أعضائها من الانضمام لـ "داعش"، واصفة اياها بالبدعة والضلال، وفرضت عقوبة الاعدام على المتحولين الى "داعش"، حيث أغضب نشاط "داعش" في الصومال العديد من كبار أعضاء تنظيم القادة، منهم القائد الاول في القاعدة أيمن الظواهري الذي قال في تسجيل له في أيلول/سبتمبر أن "الخلافة" لم تبن على أساس "الأسلوب النبوي"، وقدم تعازيه لوفاة زعيم حركة "الشباب" مؤخرا أحمد عبدي جودان الذي قتل في غارة جوية أميركية، كدليل على دعمه لحركة "المجاهدين" ضد منافسه "داعش".
وبدأ التنظيم في حملة لتجنيد مقاتلين له في الأشهر الماضية في الصومال، وحقق القليل، وفي تشرين الاول/أكتوبر أعلن رجل دين مسلم مؤثر يسمى عبد القادر مؤمن انضمامه للتنظيم مع ما لا يقل عن 20 شخص من أتباعه، وتحول شخصان من تنظيم الشباب الى "داعش"، ولم يرسل التنظيم أي مقاتلين له أو موارد الي الصومال، ولكن يبدو أن صورته تنمو بين المسلحين هناك.
وباشرت حركة "الشباب" بغزو الصومال في عام 2006 بعد أثيوبيا، وفي عام 2012 أعلنوا ولائهم للقاعدة، للوصول الى مجموعة من الخبراء الفنيين والمستشارين في القاعدة لمساعدتهم على توسيع طموحاتهم في الصومال.
وهاجمت الجماعة في عام 2013، مركزًا تجاريًا فخمًا في نيروبي، مما أسفر عن مقتل 63 شخصًا، وفي نيسان/أبريل هذا العام، قام مقاتلون بمهاجمة جامعة "غاريس"ا في شمال شرقي كينيا لذبح 148 شخصًا، وبالرغم من هجمات حركة "الشباب" إلا أنها تفقد الكثير من الأراضي التي تسيطر عليها في الصومال لصالح قوات الاتحاد الأفريقي المدعومة بالطائرات الاميركية، مما أسفر عن مقتل اثنين من قادة حركة "الشباب" في عام 2008 و2014.
وساندت أميركا ودول غربية أخرى الحكومة الصومالية بمئات الملايين من الدولارات لإعادة بناء المؤسسات العامة منذ عام 2012، حيث أعلنت عدة جماعات مسلحة في شمال أفريقيا وجنوب أسيا ولائهم لتنظيم "داعش" منذ أن أعلن هذا الاخير قيام "الخلافة" في أجزاء من العراق وسورية عام 2014، ولكن ما تزال صلتهم مع التنظيم المركزي متباينة.
وأوضح خبراء الاستخبارات في نيجيريا أن منظمة "بوكو حرام" المتطرفة تلقت مساعدات من تنظيم "داعش" منذ أن أعلن ولائه في أذار/مارس، وفي أفغانستان، ظهر "داعش" كبديل للمقاتلين الساخطين على طالبان، ولكن ليس لديهم الكثير من الاتصالات مع "الخلافة" في الشرق الأوسط، إلا أن قائد قوات حلف شمال الأطلسي في أفغانستان الجنرال جون كاميل صرح هذا الشهر بأن مقاتلي "داعش" في العراق وسورية وصلوا الى ولاية ننجرهار حيث فرعهم الأفغاني الأكثر نشاطا.
ووضع "داعش" في وقت سابق هذا العام، أنظاره صوب الصومال، حيث أصدر سلسلة من أشرطة الفيديو التي تهدف الى كسب مجندين، وخصوصًا من داخل حركة "الشباب"، من خلال مسلحين ينتمون الى العرق الصومالي وأتت الفيديوهات بعناوين مثل "من أرض الشام الى المجاهدين في الصومال"، ويظهر في احداها شابًا صوماليًا ملتحيًا يسرد نجاحات "داعش"، حيث قال بالانجليزية "اقامة الخلافة في الصومال لن تنفعكم فقط، بل ستعود بالنفع على كل المسلمين في الصومال وشرق أفريقيا".
وأشار مسؤول في المخابرات الاميركية إلى أن مقاتلين مقربين من "داعش" ينظرون اليه كمصدر إلهام في القتال من أجل تجاوز القضايا المحلية، وهذا ما يحدث في الصومال، ولكن حتى اليوم يعتبر "مؤمن" الشخص الأرفع الذي ينتمي لـ "داعش" في الصومال، وهو رجل لديه العديد من المتابعين الدوليين، وينظر اليه باعتباره واحدا من الشخصيات الدينية الأكثر أهمية في حركة الشباب ورائد في محافظته بونتلاند، والتي كانت المعقل الأول لحركة الشباب.
وينتمي رجل دين راديكالي كيني يدعى حسين حسن لحركة "الشباب"، حيث سجل لنفسه رسالة صوتية يعلن انتمائه لـ "داعش"، ولكن ما يزال الكثير عن وجود "داعش" في الصومال غير معلوم، وأفادت عدة وسائل اعلام صومالية ان رجلا يعرف باسم دولايوين ساهم في التخطيط لهجوم غاريسا ويمتلك علاقات قوية مع شمال شرق كينيا، قد تحول هو الأخر الى "داعش" في خريف هذا العام، ويعتقد الخبراء أن هذا حدث كبير ولكنهم لم يتأكدوا بعد.
ولا تزال الكثير من الاسئلة حول "داعش" في الصومال عالقة، فماذا تعني "داعش" هناك؟ أو هل سيغير مقاتلو الشباب المنتمون لـ "داعش" من تكتيكاتهم وطموحاتهم؟ أم هل ستكون المجموعة مجرد وسيلة لشن الحرب على القبائل المتنافسة والمجموعات المتطرفة؟ ويتوقع الخبراء أن طموحات الجماعة في الصومال محلية أكثر على عكس نظيرتها في سورية.
وأكد باحث في المركز الدولي لدراسة التطرف من لندن الكسندر هيتشنز أنه "ليس لديهم الكثير من الوجود ليقدموه في الصومال، والعديد يعتقدون ان "داعش" هناك غير قادرة على مواكبة الانشقاقات في الصومال، فهي تشجعها ولكن علينا أن ننتظر لنرى".
وأُفيد عن وجود العديد من الانقسامات داخل حركة الشباب، قبل أن تبدأ حملة "داعش" في الصومال هذا العام، وعلى وجه الخصوص بين المجندين الأجانب، ولا سيما القادمين من كينيا وأميركا، فينظر إليهم كجواسيس بين رفاقهم المقاتلين، وازداد التوتر بين العشائر التي تدعم الحركة في معظم أنحاء البلاد، مما جعل عدد أكبر من الجماعة معرضة للتجنيد على يد "داعش".
أرسل تعليقك