رغم الفوائد الجمّة لشبكة الإنترنت ولاسيما مواقع التواصل الاجتماعي في تقريب العلاقات بين الناس في مشارق الأرض ومغاربها، إلا أنَّ دراسة طبية حديثة كشفت عن أعراض ما وصفته بـ"إدمان الإنترنت".
وذكرت الدراسة، التي نشرت نتائجها في مجلة Cyberpsycholog المعنية بالسلوك، والشبكات الاجتماعية، أنَّ من يسهرون الليالي الطويلة لاستخدام الإنترنت وأنَّ من يشعرون بالغضب أو القلق نتيجة عدم استطاعتهم الدخول إلى حساباتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ربما يكونوا ضمن مدمني استخدام الشبكات العنكبوتية.
ورجَّحت الدراسة أنَّ هذه الحالة تؤثر على نحو 6% من الأشخاص، أي ما يعادل 182 مليون شخص تقريبًا حول العالم.
وتركزت الدراسة على مراجعة أبحاث أكاديمية سابقة خاصة بمثل هذا النوع من الإدمان؛ لتقارنهم بعد ذلك بعدد مستخدمي الإنترنت في كل دولة؛ حيث أشارت أيضًا إلى أنَّ منطقة الشرق الأوسط تضم أضخم عدد من مدمني الإنترنت في العالم.
فيما اعتمد الباحثون على الأوراق الأكاديمية التي تتضمن مصطلحات مثل إدمان الإنترنت، التبعية، وشبكة الإنترنت، وصافي مدمني استخدامهم المواقع؛ حيث اختارت كلٌ من سيسيليا تشيونغ وأنجيلا يي-لام لي نحو 80 دراسة عالمية اشتملت على دول عدة مثل الولايات المتحدة الأميركية، وأستراليا، والنمسا، وأستونيا، وفرنسا، وألمانيا، وأيرلندا، والنرويج، والسويد، والمملكة المتحدة، وبلغاريا، وقبرص، وجمهورية التشيك، واليونان، والمجر، وإيطاليا، وبولندا، ورومانيا، وصربيا، وسلوفينيا، وإسبانيا، وإيران، وإسرائيل، ولبنان، وتركيا، والصين، وهونغ كونغ، والهند، وكوريا الجنوبية، وتايوان، وكولومبيا.
وكجزء من الدراسات السابقة، تم سؤال نحو 544 مشارك في الدراسة حول عادات استخدامهم الإنترنت وكان هناك انقسام يصل لنحو 50/50 بين الجنسين، حيث وصلت نسب الذكور المشاركة في الدراسة إلى 49 % ممن يصل متوسط اعمارهم إلى 18.42 عامًا.
وتم تجميع هذه البيانات جنبًا إلى جنب مع صافي الناتج المحلي لكل دولة، والإحصائيات الخاصة باستخدام الإنترنت وعدد بعض مستخدميه، حيث كانت الدراسة كشفت النقاب عن أنَّ المعدل السائد لإدمان الإنترنت في 31 دولة يصل إلى متوسط 6%.
فيما ظهرت أعلى نسب الاستخدام في الشرق الأوسط؛ حيث وصلت إلى 10.9% وتضمنت دول مثل إيران، وإسرائيل، ولبنان، وتركيا، ووصلت أقل نسبة الاستخدام إلى 2.6 % في شمالي وغربي أوروبا مقارنة بنسبة 6.1% في جنوبي وشرقي أوروبا.
بينما وصل معدل إدمان الإنترنت في أميركا الشمالية إلى 8%، وفي أوقيانوسيا وصل إلى 4.3 %، غير أنه لم يستدل على هذه المعدلات في أميركا الجنوبية نتيجة مشاركة شخص واحد فقط من هذه المناطق في الأبحاث الأكاديمية.
وهذا يشير إلى أنه على الرغم من وجود عدد قليل من مستخدمي شبكة الإنترنت في منطقة الشرق الأوسط، إلا أنَّ المواطنين هناك يعتبرون أكثر عرضة للمعاناة من حالات الإدمان على الإنترنت.
ومن ناحيته، لفت الطبيب ريتشارد غرهام، المسؤول عن برنامج إدمان التكنولوجيا في مستشفى كابيونغتينغيل في لندن إلى أنَّ "شبكات الإنترنت تقدم مزايا عدة, وأنواع عدة من طرق التعبير عن الحريات الأساسية بطريقة لا يمكن للفرد اتباعها في العالم الحقيقي سواء كان ذلك عبر مواقع التواصل الاجتماعي تويتر وفيسبوك أو عن طريق تحميل هذه المحتويات على موقع يوتيوب أو الرد على بعض المقالات الإخبارية.
وتابع: "يستخدم الناس الإنترنت للتحرر من الضغوط وإيجاد وسيلة للتعبير عن أنفسهم؛ حيث يسمح الإنترنت بإخفاء شخصية المتحدث عن طريق منح مساحة لأن ينفس الناس عن مشاعرهم، غير أنَّ ذلك يخلق نوع من المخاطرة بعدم مواجهة الأمور المهمة بشكل مباشر".
أرسل تعليقك