صنعاء ـ خالد محيي الدين
كشف قائد عسكري يمني عن تدخل محتمل للقوات أميركيّة في اليمن، في الفترة المقبلة، بغية ضرب جماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، وإخراجها من المحافظات، مشيرًا إلى أنَّ هناك تحالفًا يجري الإعداد له في هذا الشأن.
وأوضح المصدر، في تصريح إلى "العرب اليوم"، أنَّ "ما لديه من معلومات يؤكّد أنَّ هناك تحركًا في هذا الاتجاه، وسيكون ذلك في الأيام المقبلة، ما لم يستجيب أنصار الله إلى صوت العقل، والخروج بمجموعاتهم المسلّحة، قبل فوات الأوان"، مبرزًا أنَّ "اليمنيين يرفضون التدخل الأجنبي، لكن إذا كان ذلك ضروريًا فهذا يعني أنَّ اليمن مقبلة على حرب أخرى من نوع آخر".
وناشد المصدر، قيادة "أنصار الله"، "إدراك المخاطر التي تحدق باليمن وعدم استعراض قوتهم، فقد وصلوا ما لم يصل إليه أي تيار سياسي في تاريخ اليمن الحديث" .
وفي السياق ذاته، أشار مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون"، إلى أنَّ العنف المتزايد في اليمن، لاسيما في الأسابيع الأخيرة، يعد تهديدًا لأمن الولايات المتحدة الأميركية، مشيرًا إلى أنَّ "الأعمال الإرهابية التي تقوم بها القاعدة، عبر إطلاق صواريخ على مطار صنعاء، تدل على أنها قادرة بصورة فعالة على تهديد أمن الولايات المتحدة وسفارتها، بسبب سيطرة الجماعات المسلحة على مرافق الأمن في اليمن".
وأعلن المسؤول الأميركي أنَّ "قيادة الجيش تقوم بتحديث خططها للتعامل مع إخلاء محتمل لطاقم سفارتها لدى العاصمة صنعاء"، مبيّنًا أنَّ "أي تدخل عسكري لإخلاء السفارة لابد أن يأتي بطلب مساعدة من السفير نفسه"، مضيفًا أنَّ "الجيش الأميركي في حالة تأهب، إذا ما استدعت الحالة لذلك".
من جهته، أكّد الصحافي والمحلل السياسي علي الأسدي أنّ "هناك حشودًا عسكرية سعودية في اتجاه شمال اليمن، وبدعم مصري خليجي، بغية إجبار جماعة الحوثي على الانسحاب من العاصمة صنعاء والمدن التي سيطرت عليها".
وأضاف "هناك اتصالات ومشاورات تجريها قيادتي الدفاع والداخلية اليمنية مع قيادة أنصار الله لحل الإشكالات العالقة، وإعادة التهدئة، وحفظ الأمن، وخروج المسلحين الحوثيين من العاصمة والمدن الأخرى، دون الحاجة لتدخل خارجي".
وتابع أنَّ "الحوثيين يدركون خطورة مثل هذه التدخلات وسيعملون على سحب البساط من تحت أقدام القوى المتربصة، التي تسعى إلى تدخل عسكري خارجي، بهدف إفشال الحكومة الجديدة".
وأوضح الأسدي أنَّ "هناك قوى داخلية (لم يسمها) متضررة من عملية التغيير، وتسعى للعودة إلى الحكم بشتى الطرق، ومنها السعي لخلق مبررات لتدخل خارجي بغية تحريض الشارع ضده، وضد النظام القائم"، حسب وصفه.
وبدوره، اعتبر أستاذ علم الأزمات في جامعة الحديدة الدكتور نبيل الشرجبي، في حديث إلى "العرب اليوم"، إمكان تدخل قوات أميركية لإخلاء السفارة "أمرًا جديًا"، مشيرًا إلى أنَّ "الولايات المتحدة قامت بإجلاء رعاياها أكثر من مرة من اليمن، وربما بدأت في هذه المرحلة مثل تلك الخطوة، ويتم التصرف مع هذه الحالات وفق تنسيق بين السفارة وأجهزة المخابرات والخارجية الأميركية".
وأبرز أنَّ "التهديدات باقتحام السفارة الأميركية لدى صنعاء جدية، لاسيما أنَّ صالح والحوثيين قد اقتحموا في العام الماضي السفارة بالفعل".
واستبعد الناشط السياسي والصحافي عبد القوي شعلان دخول القوات الأميركية إلى اليمن، مبيّنًا أنه "أمر مرفوض شعبيًا"، ولافتًا إلى أنَّ "اليمن واحدة من ثلاث دول عربية الأكثر كرهًا للولايات المتحدة، وبالتالي فإن هذا الأمر غير وارد، لاسيما بعد الواقع الجديد الذي فرضته جماعة الحوثي، وصرختها الشهيرة (الموت لأميركا)".
ورأى أنه "في كل الأحوال لا مبرر لدخول الولايات المتحدة اليمن بحجة محاربة الإرهاب لأنّ طائراتها دون طيار تقوم بالدور، فضلاً عن القوات الحكومية اليمنيّة وجماعة الحوثي في مدينة رداع ومدن أخرى".
وأردف شعلان أنَّ "القوات الأميركية يمكن أن تحاول السيطرة على باب المندب الاستراتيجي، في إطار صراع القوى العالمية، فهذا أمر وارد، لاسيما بعد الحديث عن محاولة استيلاء جماعة الحوثي عليه، وإغلاقه أمام الملاحة الدولية، حيث نصف السفن العملاقة تمر عبر هذا المضيق، ناقلة النفط العربي إلى الولايات المتحدة والغرب".
وفي السياق ذاته، أكّدت وكالة "أسوشييتد برس" الأميركية، في تقرير لها، الأسبوع الماضي، أنّ "مصر تبحث مع السعودية والإمارات والكويت إنشاء حلف عسكري لمواجهة المسلحين الإسلاميين، مع احتمال تأسيس قوة مشتركة للتدخل في جميع أنحاء الشرق الأوسط".
وكشفت الوكالة، نقلاً عن مسؤولين عسكريين مصريين، وصفتهم برفيعي المستوى، أنّ "اليمن من بين الدولتين التي من الممكن فيها التدخل العسكري للتحالف، فضلاً عن ليبيا، التي استولى الإسلاميون المتشددون فيها على مدن عدة".
وأضافت "أما اليمن فقد سيطر فيها المتمردون الشيعة، الذين يشتبه في صلتهم بإيران، على العاصمة صنعاء، وعدد من المدن اليمنية بقوة السلاح".
وأبرز المسئولون للوكالة، أنّ "التحالف لا يهدف إلى التدخل في العراق أو سورية، ولكن التصرف بصورة منفصلة، لمواجهة بؤر التوتر المتطرفة الأخرى"، موضحين أنَّ "المحادثات بشأن التحالف ضد المتطرفين باتت في مرحلة متقدمة، ولكن فكرة تشكيل قوة مشتركة هي أكثر بعدًا في المرحلة الراهنة، حيث إن هناك اختلافات بين الدول في شأن حجم القوة وتمويلها ومقرها الرئيس، وعن ما إذا كانت ستسعى إلى الحصول على غطاء سياسي لعملياتها من طرف جامعة الدول العربية أو الأمم المتحدة"، مؤكدين أنه "حتى في حال إذا لم تتم الموافقة على قوة مشتركة، فإن التحالف سيقوم بالتنسيق لشن عمليات عسكرية سريعة ومحددة، وليس مهام طويلة المدى ضد المتشددين".
ولفت المسؤولون إلى أنه "سيتم الإعلان عن التحالف بمجرد الاتفاق على كل شيء"، مشيرين إلى أنّ "الأردن والجزائر تقتربان من الانضمام للتحالف المحتمل، حيث تعتزم الدول المعنية الحصول على موافقة من الولايات المتحدة"، معتبرين أنّ "التحالف سيكون، أيضًا، جاهزًا لحماية الخليج من أي توغل من طرف تنظيم داعش".
وعلى الرغم من نفي المتحدث باسم رئاسة الجمهورية المصرية السفير علاء يوسف، أن يكون تشكيل قوة مشتركة للانتشار السريع جزءًا من المناقشات الروتينية بين مصر وحلفائها العرب، في شأن استراتيجية مكافحة التطرف، فإن "اسوشييتد برس" أكّدت أنها "حصلت على تفاصيل المحادثات الخاصة بالتحالف من 3 مسؤولين عسكريين مصريين، وأكدها مسؤول رابع لها، مبيّنين أنّ كبار الجنرالات من الدول المذكورة، بمن في ذلك رؤساء الأركان، عقدوا جولات عدة من المحادثات عن هذا الأمر".
أرسل تعليقك