اعلن البابا فرنسيس خلال لقاء اليوم مع مسؤولين بوذيين ومسلمين وهندوس في سريلانكا، انه من اجل مصلحة السلام، يجب عدم السماح بتحويل "المعتقدات الدينية لخدمة العنف والحرب".
وتردد هذه التصريحات صدى انتقاداته الاثنين "للاشكال المنحرفة للدين" التي تسببت في الاعتداءات الدامية في باريس.
وقال البابا في مستهل زيارته لسريلانكا التي تستمر يومين "يجب ان نكون واضحين وان لا يعتري كلامنا التباس عندما ندعو مجموعاتنا الى ان تعيش قيم السلام والتعايش التي يدعو اليها كل دين، وننتقد اعمال العنف لدى وقوعها".
دعا بابا الفاتيكان الى احترام حقوق الانسان والبحث عن الحقيقة في سريلانكا التي تواجه صعوبة في تضميد الجراح التي خلفتها حرب اهلية طويلة.
واضاف البابا ان "روح التعاون المتزايدة بين مسؤولي مختلف المجموعات الدينية تجد تعبيرها في الالتزام بوضع المصالحة بين جميع السريلانكيين في صلب كل جهد لتجديد المجتمع ومؤسساته".
وقد وضع سيفا سري ماهاديفا، المسؤول الهندوسي وشاحا اصفر على كتفي البابا الذي احتفظ به طوال فترة كلمته.
وايد المسؤول المسلم مولوي شيخ فاضل ادانة البابا لاعمال العنف التي ترتكب باسم الدين.
ودعا البابا فرنسيس الذي سيتوجه في وقت لاحق الى الفيليبين الى المصالحة والوحدة طوال هذه الزيارة التي يقوم بها بعيد الانتخاب المفاجىء لرئيس جديد.
وفي هذا البلد الذي لا يزال مقسوما بين السنهاليين والتاميل، تضطلع الكنيسة بدور مميز، لأن الكاثوليك موزعون بين المجموعتين.
وتحدث البابا عن المصالحة فور وصوله الى مطار كولومبو، في بلد ما زالت ماثلة للعيان فيه، ندوب السنوات السبع والثلاثون للنزاع بين الجيش والتمرد الانفصالي للتاميل الذي مني بهزيمة في 2009.
وقال الحبر الاعظم ان "الانجاز الكبير للمصالحة يجب ان يتضمن تحسين البنى التحتية وتأمين الحاجات المادية، وايضا وهذا هو الاهم، ان يرفع من شأن الكرامة البشرية ويعزز احترام حقوق الانسان ويشجع على الاندماج الكامل لجميع افراد المجتمع".
واحترام حقوق الانسان موضوع بالغ الحساسية في سريلانكا، لأن قادتها رفضوا التعاون في التحقيق الذي اجرته الامم المتحدة حول الادعاءات بارتكاب جرائم حرب ضد المدنيين في نهاية النزاع.
وشدد البابا على القول ان "عملية المعافاة تتطلب ادراج مسألة البحث عن الحقيقة" في مندرجاتها.
وكان في استقبال البابا الرئيس الجديد ماثريبالا سيريسينا الذي تسلم لتوه مهام منصبه، ووعد باجراء تحقيق مستقل حول الاتهامات بوقوع جرائم حرب حصلت إبان رئاسة سلفه ماهيندا رجاباكسي.
واضاف البابا "يتعين على جميع افرد المجتمع العمل سوية، ومن الضروري ان تسمع اصواتهم. يجب ان يتمتعوا جميعا بحرية التعبير عن هواجسهم وحاجاتهم وتطلعاتهم ومخاوفهم".
من جهة اخرى، قال البابا الذي بدا مبتسما وفي حالة جيدة لمجموعة من الصحافيين الفرنسيين انه "صلى من اجل فرنسا وسيصلي مجددا من اجلها" بعد الاعتداءات التي قتل فيها 17 شخصا الاسبوع الماضي.
وقد حصل تأخير في برنامج البابا الذي امضى ساعة في سيارة باباموبيل البابوية المكشوفة تحت الشمس بين المطار ووسط مدينة كولومبو، ما اضطره الى صرف النظر عن لقاء اساقفة سريلانكا الثلاثاء، كما اعلن المتحدث باسمه.
وحتى لو لم يعلن المتحدث باسم الفاتيكان الاب فيديريكو لومباردي ان الارهاق هو سبب الالغاء، الا ان مجرد التأخير والليلة القصيرة التي امضاها في الطائرة والتنقل تحت الشمس الحارقة، عوامل حملت البابا فرنسيس على صرف النظر عن اللقاء.
وقد ابطأت الجموع الغفيرة والمتحمسة المحتشدة على طول المسافة التي تبلغ ثلاثين كيلومترا بين المطار ووسط كولومبو، تقدم موكب البابا الذي وصل متأخرا الى السفارة البابوية.
وقال مصدر سريلانكي مسؤول عن تأمين سلامة البابا انه بدا "مرهقا" بعد هذه المسافة.
وفي سريلانكا حيث 70% من البوذيين و12% من الهندوس و10% من المسلمين و7% من المسيحيين، من المتوقع ان يشدد البابا في خطبه على الحوار بين الاديان.
وسيلتقي خلال النهار مسؤولين بوذيين وهندوس ومسلمين. وقد ازدادت اعمال العنف الدينية في السنوات الاخيرة في الجزيرة، وهاجمت مجموعات بوذية متطرفة كنائس ومساجد للتنديد، بحسبها، بنفوذ هذه الاقليات الدينية.
وسيحتفل البابا الاربعاء بقداس على شاطىء البحر في كولومبو يمكن ان يشارك فيه مليون شخص.
وفي هذه المناسبة، سيعلن قداسة اول سريلانكي هو المرسل جوزف فاز الذي وصل من الهند نهاية القرن السابع عشر وتمكن من وقف الاضطهادات ضد الكاثوليك بمساعدة الملك البوذي.
وتبلغ الزيارة ذروتها لدى زيارة البابا كنيسة مادهو المريمية في منطقة التاميل التي شهدت معارك كثيفة.
وخلال هذه الرحلة السابعة خارج ايطاليا منذ انتخابه في اذار/مارس 2013، والثانية الى آسيا في ستة اشهر، سيلتقي البابا فرنسيس الجماهير الاسيوية التي نظمت له استقبالا حافلا اثناء زيارته كوريا الجنوبية في آب/اغسطس الماضي.
وسيتوجه البابا الخميس الى الفيليبين التي يشكل الكاثوليك 85% من سكانها، واعلنت عن عطلة خمسة ايام في مانيلا حيث من المتوقع توافد جموع غفيرة لدى وصوله.
وبالاضافة الى اللقاءين مع العائلات والشبان، ستبلغ الرحلة ذروتها في القداس الذي سيحييه البابا في ريزال بارك في مانيلا، حيث جمع البابا يوحنا بولس الثاني ملايين المؤمنين في 1995، وزيارته التي تستمر يوما الى منطقة تاكلوبان المنكوبة.
وفي هذه المنطقة التي اجتاحها في تشرين الثاني/نوفمبر 2013 الاعصار هايان، سيحتفل بقداس في منطقة قريبة من المطار ويتناول الغداء مع حوالى ثلاثين من الناجين من المأساة.
المصدر: أ ف ب
أرسل تعليقك