برلين - جورج كرم
يبدو أن أوروبا تتعامل مع أنباء مغادرة بريطانيا للاتحاد الأوروبي من قبيل الفكاهة وفقا لما ظهر على الصفحات الأولى للصحف السبت، حيث مر يوم كامل على إعلان نتيجة الاستفتاء ولا تزال الصحف تزين الأخبار، وبدأ معظمها يتعافى من أنباء الصدمة للسخرية من بريطانيا وتمنى وداعًا مولعًا، حيث اختارت صحيفة اكسبرس الألمانية عنوان "وداعًا" لكافة الأشياء البريطانية بما في ذلك الملكة وهاري بوتر وأديلي والسياحة بين العديد من الأشياء الأخرى، فيما قرَّرت صحيفة بيلد الألمانية النصفية أنه "يوم أسود لأوروبا" ونشرت علم الاتحاد بالأبيض والأسود مع عنوان 'OUTsch!' وجاء أسفله " حتى وقت قريب كنا نأمل ولكن دون جدوى"، وتابعت الجريدة جاء الخروج وفقدت ألمانيا بريطانيا واحدة من أهم شركائها في الاتحاد، وتواجه القارة أشهر وربما سنوات من عدم اليقين، بينما قدمت الجريدة رسالة أكثر تفاؤلًا على صفحتها الخلفية حيث ظهرت امرأة شبه عارية مع لافتة ترحيب "Brefugees، Dear Brefugees ، Brit happens!"، ويشير العنوان 'Wir schaffen that!' إلى التصريح الشهير للمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل بأنها ستتعامل مع الأمر في بداية ازمة اللاجئين السوريين.
ونشرت جريدة ليبرشين الفرنسية صورة تحتل صفحة كاملة لعمدة لندن الأسبق بوريس جونسون والذي ربما يخلف رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون معلقًا في سلك حديدي وملوحا بعلمي الاتحاد (Union Jack) فيما جاء عنوان بالإنكليزية "حظا سعيدا"، بينما نشرت جريدة مانفستو الإيطالية صورت قاتمة خارج مكتب 10 وينقر الحمام بجانبه على الأرض بائسا بعنوان " حدث في إحدى المرات في أوروبا"، وزعم الفريق الداعم للمغادرة النظر بنسبة 52% من الأصوات في البلاد بعد ليلة متوترة على الرغم من توقع الاستطلاعات التصويت لصالح بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، فيما أعلنت زعيمة اليمين المتطرف في فرنسا مارين لوبان أن النتيجة انتصارًا للحرية بينما وصفها ساسة أوروبيون آخرون بأنها "كابوس سيئ".
وقدمت جريدة بيلد الألمانية 11 سببًا مفرحا لبريطانيا للبقاء في يوم التصويت، وبحلول صباح الجمعة نشرت الصحيفة على موقعها صورة لأنصار البقاء بائسين بعنوان "بريطانيا تخرج، والاستفتاء البريطاني يجب أن يؤدي إلى إصلاح الاتحاد الأوروبي"، وقدمت الجريدة قائمة من 8 أشياء يجب فعلها ليصبح محل إعجاب مرة أخرى بما في ذلك تقليص البيروقراطية وتكاليف المفوضية الأوروبية ووضح حد لفوضى وقفة البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ وكذلك بروكسل، وأرسل القرار هزة عبر وسائل الاعلام الأوروبية، فيما أظهرت صحيفة لو سوار البلجيكية صورة لزوجين على قمة كعكة زفاف حاملين أعلام الاتحاد قائلين " بريطانيا اختارت الرحيل"،"، وعرضت الصحيفة الدانماركية بوليتيكن صورة لأنصار البقاء المصدومين، فيما عرضت موقع صحيفة كورييري ديلا سيرا وموقع البايس الاسبانية صورة بهيجة لكبير أعضاء حملة المغادرة نايغل فراغ.
وأوضحت مجلة دير شبيغل الألمانية التي قررت دعم القضية باللغة الإنكليزية لتوسل بريطانيا للبقاء وتوضح أن القرار يمثل "انفجارًا كبيرًا"، وأضافت الجريدة "ما لا يمكن تصوره حدث, "الخروج، حيث أرادت بريطانيا مغادرة الاتحاد الأوروبي ضد نصيحة الخبراء وضد الأسباب الاقتصادية وضد رغبة الأوروبيين الأخرين، نتيجة الاستفتاء هي صدمة بالنسبة لرئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون وبالنسبة لغالبية النخبة السياسية وبالنسبة للاقتصاد وأوروبا، وللمرة الأولى تطلب بدل عضوة في الاتحاد مغادرته، إنه تصويت هائل من عدم الثقة وهو تصرف يمكن أن يجد مُقلديه، مستقبل الاتحاد الأوروبي على المحك"، وأوضحت الجريدة أن بريطانيا تقف على أبواب أزمة سياسية واقتصادية نتيجة لذلك، وتابعت الجريدة " إنها جمعة سوداء، ويخشى الخبراء من أن تتجه البلاد نحو الركود، الطبقة السياسية في وستمنستر تجد نفسها أمام ظروف صعبة للغاية وبعد هذه الهزيمة لن يكون كاميرون رئيس للوزراء".
وتحدثت وسائل الاعلام الغالية في فرنسا عن الانقسام العميق في بريطانيا والذي من شأنه أن يدخلها واحدة من أحلك الفترات في تاريخها الحديث، وذكرت صحيفة لو اكسبرس تحت عنوان "عواقب فورية للبريطانيين" أن الملايين الذين يزورون فرنسا من بريطانيا سنويًا الآن بحاجة إلى تأشيرة دخول، وستكون العطلات في القارة أكثر تكلفة، وستشهد العمالة الوافدة بما في ذلك المتقاعدين في فرنسا إلغاء الاتفاقات بشأن معالجتهم الصحية وغيرها من الفوائد، وسيتم إعادة تقييم مستقبل آلاف الفرنسيين الذين يعيشون ويعملون في بريطانيا وكذلك بالنسبة للبريطانيين الذين يعيشون في فرنسا، وحذَّرت جريدة لو كسبريس من وجود المزيد من الحدود حول أوروبا بما في ذلك الحدود بين جمهورية إيرلندا وإيرلندا الشمالية.
وأبرزت جريدة لوموند الفرنسية انهيار الجنية الاسترليني والهلع في الأسواق، ووصفت الانقسام الكبير في بريطانيا مع اختلافات كبيرة بين كبار السن والشباب، وأضافت اللوموند " التركيز على الهجرة التي ارتفعت بشكل حاد سيؤدي إلى تمزيق البلاد والتي يميزها اتساع فجوة الثروة بين الفقراء والأغنياء"، فيما حذرت جريدة لوبوا من تأثير الدومينو مضيفة " إنها ضربة قاسية للمشروع الأوروبي ورئيس الوزراء ديفيد كاميرون وسيكون لها آثار سلبية دائما"، يأتي ذلك بالتزامن مع تعبير القادة الأوروبيين عن صدمتهم بسبب هذه النتيجة، حيث وصف نائب المستشارة الألمانية سيغمار غابرييل هذه الخطوة "يوم سيئ لأوروبا" وغرد جابريل " اللعنة .. يوم سيئ لأوروبا"، وأفاد وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير أن قرار بريطانيا بمغادرة الاتحاد الأوروبي "يوم حزين بالنسبة لأوروبا"، وغرد قائلا " الأخبار الصباحية من بريطانيا العظمي صادمة وواقعية للغاية ، يبدو كما لو أنه يوم حزين لأوروبا وبريطانيا".
وبيّن رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز أنه سيتحدث مع المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل بشأن كيفية تجنّ حدوث سلسلة من ردود الفعل من بقية الدول الأعضاء، مضيفا " إنه سلسلة ردود فعل يتم الاحتفال بها في كل مكان بواسطة المتشككين، وهذا لن يحدث، الاتحاد الأوروبي هو أكبر سوق موحدة في العالم وبريطانيا العزمي قطعت علاقتها للتو مع هذا السوق، وهذا سيكون له عواقب وخيمة ولا أعتقد أن بقية الدول ستتشجع لتتخذ نفس المسار الخطير، وأنا لست مصدوم ونحن على استعداد"، ، وتوقع رئيس الوزراء الفنلندي الأسبق الكسندر ستاب أن النتيجة تعني الفوضى في القارة، وغرد على تويتر " من فضلك أخبرني أنني لا زلت نائما وأن هذا هو مجرد كابوس سيئ، وعادة تتم هذه الأمور في 3 مراحل هي الأزمة ثم الفوضى ثم الحل الأمثل الفرعي، ولا أعرف في أي مرحلة نحن".
وقال رئيس الوزراء الهولندي مارك روت " أن الخروج يبدو بلا رجعة وأن العملية ستستغر وقتا طويلا وربما لا تبدأ إلا بعد الانتخابات الألمانية والمقرر إجراؤها بين أغسطس/ أب وأكتوبر/ تشرين الأول عام 2017"، وأدت هذه النتيجة إلى إطلاق دعوة لاستفتاء على عضوية الاتحاد الأوروبي في هولندا من قبل السياسي اليميني ريت وايلدز، وبين وايلدرز زعيم اليمين الهولندي أنه إذا انتخب كرئيس للوزراء فإنه سيدعو إلى استفتاء على عضوية الاتحاد الأوروبي في هولندا، مضيفا في بيان له " نحن نريد أن نكون مسؤولين عن بلدنا الخاصة وأموالنا وحدودنا وسياسة الهجرة الخاصة بنا، وفي أسرع وقت يجب أن يحصل الهولنديين على فرصة لقول كلمتهم بشأن عضوية الاتحاد الأوروبي، وإذا أصبحت رئيس للوزراء فسوف أجري استفتاء في الاتحاد الأوروبي للسماح للشعب الهولندي بأن يقرر".
وأصر زعيم المجلس الأوروبي دونالد تاسك على أن " ما لا يقتلك يجعلك أقوى، وأن التصويت التاريخي لبريطانيا لمغادرة الاتحاد الأوروبي ينبغي بلا يثير ردود فعل هيستيرية"، وحث بقية الدول على الحفاظ على وحدتها ك 27 دولة، وفي أمريكا لم يستجب البيت الأبيض حتى الأن لهذه النتيجة إلا أن الكثيرين استخدموا حسابات تويتر للتوقع بفوز ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة، وغرد برودريك غرير " خروج بريطانيا هو دليل آخر على فوز دونالد ترامب كرئيس قادم للولايات المتحدة"، بينما نشرت أنيفان غوش " ترامب ربما يحتاج لاستشارة نايغل فراغ في كيفية الفوز في رسالة انقسامية مناهضة للهجرة #Brexit'"، وتوقع رئيس الوزراء الاسترالي مالكوم تيرنبول عدم الاستقرار في الأسواق المالية في أعقاب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، قائلا " التأثير على أستراليا مباشرًا، ومن الناحية القانونية سيكون محدود لأن الأمر سيستغرق عدة سنوات لبريطانيا لمغادرة الاتحاد الأوروبي وللتفاوض على الخروج، ومع ذلك شهدنا انخفاض كبير في سوف الأسهم وسيكون هناك درجة من عدم اليقين لبعض الوقت".
أرسل تعليقك