يشارك مئات الاشخاص الأربعاء في مراسم الحج اليهودي إلى كنيس الغريبة بجزيرة جربة جنوب شرق تونس، والذي يجري هذا العام وسط إجراءات أمنية مشددة بعد الهجوم الدموي على متحف باردو وتحذير اسرائيل من هجمات "متطرفة" في تونس.
وعند منافذ الجزيرة، ركزت قوات الأمن حواجز لتفتيش السيارات والتثبت من هويات القادمين بحسب صحافية فرانس برس التي افادت انه تم تركيز حواجز مماثلة حول "الحارة الكبيرة" أكبر حي لليهود في جربة.
ويعيش في تونس اليوم نحو 1500 يهودي يقيم أغلبهم في جزيرة جربة وتونس العاصمة.
وقبل استقلالها عن فرنسا سنة 1956، كان يعيش في تونس 100 ألف يهودي.
وغادر هؤلاء البلاد بعد الاستقلال نحو أوروبا وإسرائيل.
ويحظى كنيس الغريبة بمكانة خاصة عند يهود تونس ودول أخرى، باعتباره أقدم معبد يهودي في افريقيا، وترقد فيه (بحسب الاسطورة) واحدة من اقدم نسخ التوراة في العالم.
ويبدأ الحج في اليوم الثالث والثلاثين من الفصح اليهودي ويستمر يومين.
وبالإضافة الى اليهود التونسيين، سيشارك في حج هذا العام نحو 500 يهودي قادمين من اسرائيل وفرنسا وايطاليا وايضا بريطانيا والولايات المتحدة، بحسب روني الطرابلسي أحد المنظمين.
ولا تقيم تونس علاقات دبلوماسية مع اسرائيل.
ومنذ سنوات، تمنح مصالح الحدود التونسية "رخصة مرور دخولا وخروجا" للحجاج الاسرائيليين من دون التعامل مع الجوازات الاسرائيلية، حسبما اعلنت وزارة الداخلية التونسية في 2014.
ويقام الحج اليهودي وسط إجراءات أمنية مشددة منذ ان تعرض كنيس الغريبة في 11 نيسان/أبريل 2002 لهجوم انتحاري بشاحنة مفخخة أسفر عن مقتل 21 شخصا (14 سائحا ألمانيا و5 تونسيين وفرنسيين اثنين) تبناه تنظيم القاعدة.
وكان للهجوم الذي نفذه انتحاري تونسي مقيم بفرنسا، انعكاسات سلبية كبيرة على السياحة في تونس.
وقبل ذلك الهجوم، شارك 8000 يهودي في مراسم الحج إلى كنيس الغربية، بحسب رئيس الكنيس بيريز الطرابلسي.
وهذا العام، شددت تونس الاجراءات الامنية لأن الحج يأتي إثر مقتل 21 سائحا اجنبيا وشرطي تونسي في هجوم دموي استهدف في 18 مارس/آذار الماضي متحف باردو الشهير وسط العاصمة تونس وتبناه تنظيم "الدولة الاسلامية".
وقتلت الشرطة منفذي الهجوم وهما شابان تونسيان تدربا (بحسب وزارة الداخلية) على حمل السلاح في ليبيا المجاورة الغارقة في الفوضى.
وكان هجوم باردو الأول الذي يستهدف أجانب في تونس منذ أن أطاحت الثورة مطلع 2011 بنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي الذي هرب الى السعودية.
وتصاعد في تونس، منذ نهاية 2012، عنف جماعات اسلامية مسلحة مرتبطة بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي، قتلت حتى اليوم نحو 80 من عناصر الامن والجيش في هجمات وكمائن، واغتالت في 2013 اثنين من ابرز رموز المعارضة العلمانية.
وتقول السلطات ان هذه الجماعات خططت لتحويل تونس الى "أول إمارة اسلامية في شمال افريقيا" عقب الثورة التي اطاحت مطلع 2011 بنظام بن علي.
والسبت، اعلنت اسرائيل في بيان نشره مكتب مكافحة الارهاب التابع لرئيس الوزراء بنيامين نتانياهو ان "آخر المعلومات تشير الى ان هناك مشاريع لاعتداءات ارهابية ضد اهداف اسرائيلية او يهودية في تونس".
وشدد البيان على ان هذه "التهديدات جدية" ونصح الاسرائيليين واليهود بعدم السفر الى تونس، لكن مسؤولا بوزارة الداخلية التونسية نفى لفرانس برس وجود مثل هذه التهديدات.
والثلاثاء اعلن وزير الداخلية التونسي ناجم الغرسلي ان التحذير الاسرائيلي "غير بريء ويراد به الاساءة الى سمعة تونس من الناحية الامنية والعسكرية".
وقال ان التحذير "يراد به التأثير على حج الغريبة الذي يتم سنويا في احسن الظروف وفي اقصى درجات الأمان، وتم في سنوات 2011 و2012 و2013 و2014 في ظروف أمنية اصعب بكثير مما هو عليه حال البلاد اليوم".
ولفت الى ان السلطات "اتخذت اقصى درجات التغطية الامنية" و"أقصى درجات اليقظة والانتباه ليلا نهارا" في جزيرة جربة لإنجاح الحج اليهودي. وقال ان ان "نجاح (حج) الغريبة سيكون تمهيدا لنجاح الموسم السياحي" الذي تضرر اثر الهجوم الدموي على متحف باردو.
وقال روني الطرابلسي "قبل الهجوم (على المتحف) كنا ننتظر حجا كبيرا جدا، وعودة الحج (إلى المستوى الذي كان عليه قبل 2002). لكن بعد الهجوم من الطبيعي والمنطقي ان يشعر كثير من الناس بالخوف".
وأضاف "علينا ان نعيد بناء هذا الحج كما (يجب ان نعيد بناء) السياحة" التي تأثرت بحالة عدم الاستقرار التي اعقبت ثورة 2011.
ويحج اليهود إلى كنيس الغريبة منذ أكثر من 200 عام لإقامة طقوس دينية واحتفالات "الهيلولة" بحسب رئيس الكنيس بيريز الطرابلسي.
وتتمثل هذه الطقوس والاحتفالات في اقامة صلوات وإشعال شموع داخل الكنيس والحصول على "بركة" حاخاماته وذبح قرابين (خرفان) والغناء في أجواء من الفرح وتناول نبيذ "البوخة" المستخرج من ثمار التين والذي يشتهر بصناعته يهود تونس دون سواهم.
المصدر أ.ف.ب
أرسل تعليقك